ديوان «خلّة» لأمير الوسلاتي: إلى وطنه يقول «نشبح الله في الجنة وفي الأرض نشبح زينك»

لك ان تحلم، والأجمل ان تسعى لتحقيق أحلامك لك ان تكتب نبضات الروح و هواجس النفس في قصائد

وكلمات ممتعة حينا و موجعة أحيانا لك ان تلبي رغبتك الداخلية في الإبداع لك ان تقاوم لتثبت انك حيّ و ان من حقّك الحلم ومن حقك النجاح و الابداع، ولانّه يؤمن بأهمية الكلمة وقدرتها على التغيير انهمك في كتابة الشعر ونجح في اصدار ديوان «خلّة».
شاعرنا الشاب الحالم امير الوسلاتي عاشق القصيد و الكتابة حقق نجاحا في نسب المبيعات اذ نفذت جميع طبعات ديوانه «خلة» المكتوب باللهجة العامية التونسية، ليكون «خلّة» خليلته للحلم و الابداع بالكلمة وكنزه اليومي فـ«الكنز ليس آخر الطريق، الكنز هو كل مراحل الرحلة فاحلموا وحقّقوا» كما يقول امير لكل قرائه.

القصيد انثى كما الوطن
«خلّة» ديوان مليء بهواجس الحب ومخاوف الفراق و لذة اللقاء، خلة مولود شعري انضاف الى المشهد الشعري التونسي، ديوان لشاب حالم حمل من اسمه الكثير، هو امير الوسلاتي ومن اسمه اخذ كل علامات الامارة و اولها الشجاعة والثقة بالنفس فتشجّع لإصدار ديوان رغم اشاعات «التونسي ما يقراش» لكن ديوان «خلة» نفذ من المكتبات من جهة، كما انه واثق من كلماته ومن قدرته على التميز فكتب نصوصا ترشح بالحب و الوجيعة نصوصا هي جزء من ذاكرته وحلمه.
من هناك جاء محمّلا بالشعر، من قرية العروسة التابعة لولاية سليانة قدم محمّلا بكل تلاوين الابداع، هناك تعلّم حب القافية عاند رياح سليانة وشاكس اخضرار قراها فكتب أجمل الكلمات وقال:
نْحِبِّكْ مِنْ مُدَّة
مِنْ أًلْفْ وْ أَرْبْعَة مْيَاتْ .. أُسْبُوعْ
فِي حُبِّكْ فُتْ العِدَّة
وْ كُلْ جِمْعَة نْدَنِّي زَرْدَة
وِ سْبُوعْ
في قريته الصغيرة عشق الكلمات وعاند قسوة الطبيعة وهام في حب قريته فجادت قريحته باجمل الكلمات، كلمات عن الحبيبة والوطن والسعادة، هناك في «تابورا» كما يقول الاسم القديم للقرية عاند بريق زاما وسحر بوفطينس وغرور مكتريس وبهاء كسرى وكتب:
مَا اَبَنْ فَصِّينْ بُنْ
فِي قْهِيوَة لْبَنْ
عِينِينْ .. حُسِينْ وِ حْسَنْ
وِ الرَّمْشَاتْ مِتَّابْعِينْ
يِتْحَلْ جْفَنْ .. يِتْسَكِّرْ
عْلَى طَابْعِينْ مَرْ
عُوضْ طَابْعِينْ سُكِّر
كلمات تلخص عشقه للقصيدة فالقصيدة انثى كما الوطن وقريته «العروسة» أنثى جميلة تجلت في ابداعه كما العروس ليلة زفافها تزينت وتكحّلت فكانت مغرية كما نقرأها في خلّة.

«خلّةّ» رائحة الطفولة في الكلمات
«خلة» مولود شعري باللهجة الدارجة ايمانا من الشاعر بقدرة الدارجة على التعبير و تقديم ابهى الصور الشعرية واكثرها سحرا، بلهجة بسيطة تنبع منه من لهجته المحلية كتب، استحضر الارض و الوطن و الحبيبة في المطلق، ديوان مفعم برائحة الجدات كلمات تعبق برائحة «العود» و «السخاب» و بريق «الخلة» و الخلخال، قصائد كانها تستحضر حكايات الجدات وجمالهنّ، كلمات توثق للجمال البربري و الحليّ التقليدي فيقول الشاعر واصفا حبيبة ما:

«عويناتي زوز غزال
شاردة العوينات ها البيت
بادية البادية مليلة

وشوافرها سود عبيد
كثار مجانين ليلى
وفرادي بيت القصيد

هاجع الخطاوي دبة دبة
عوايدي هايج كي البربر
فوحت في عويد عنبر

حسّ الخلخال حشمها
معلقة حلقة في خشمها
وريدة بوسة الخال وشمها
مشموم شاهي نشمها»

كلمات جريئة وصور شعرية اباحية تذكر القارئ بالشعر الجاهلي وسحر الصور الشعرية القديمة، جرأة كتلك التي درسها الوسلاتي في اشعار عمر ابن ابي ربيعه فهاهو عمر يفسد حجه ويقول:
ربيعة، قلت عديني موعـداً
أحظـي بـهي

أقضي به ما قد قضاه المحرمـا
فتبسمت خجلاً وقالت يـا فتـى أفسدت حجك يا مُحـل المُحرمّـا
ومعه يتماهى امير الوسلاتي ويقول في قصيد «حجة» الذي يصف فيه عيون الحبيبة بمكة ويرى حجه اليها كحج المسلمين الى مكة:

العذراء في الحضرة
تحمّر شفتها بالجمرة
تشهي الشيطان في التوبة
مالت لجهتها السجادة
قبلتي غير قبلة الكل».

فالوسلاتي قبلته الحب و الفن والشعر، قبلته وطن يؤمن بقيمة الكلمة وقدرتها على التغيير، اسم الديوان «خلّة» و للاسم اكثر من معنى فهو «الخليل» أي الصديق الصادق والعارف بكل الاسرار، وفي المعجم الوسيط جاء «جاس خلل الديار» أي سار وتردد بينها كذلك فعل الوسلاتي اذ تردد على 10ولايات لتقديم ديوانه منها تونس وسوسة وباجة و الكاف، و «الخلة» في اللهجة التونسية هي اللباس المميز لنسوة الريف، الخلة هي «الملة» و «الحرام» و «الخلال» و«التخليلة وكلّ تلك الزينة التي تبهرك متى شاهدتها حدّ الثمالة وكانك بامير الوسلاتي يقول:
ثْمِلْتْ بْ عِنْبِكْ مَااَمَرُّو

وْ مِلْتْ لْعَنْدِكْ نِسْتَحْلاَهْ
رُمَّانِكْ نَابِتْ بْ تَمْرُو
وِالعَرْجُونْ يَا مَااَعْلاَهْ»

«خلّة» ديوان يستحق القراءة، صور شعرية وكثافة في الوصف والتعبير، قصائد باللهجة الدارجة وطريقة القاء مميزة لأمير الوسلاتي الذي اختار الدارجة مطية للتعبير عن هويته التونسية

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115