تلتقي كل الفنون من تعابير الجسد إلى إيقاعات الموسيقى إلى شذرات الشعر والزجل والحكي...وفي هذا السياق كان افتتاح مهرجان المسرح والفرجة الشعبية الذي ينظمه مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف بإدارة عماد المديوني مساء أول أمس ضمن باقة مختلفة الفنون وثرية العروض من مسرح وسينما وموسيقى وحكواتي...
سار الفن في شوارع مدينة الكاف ورقصت الفرجة في أنحاء المدينة على إيقاع «كرنفال يوغرطة» وعلى أوزان العرض الاستعراضي لفرقة الفنون الشعبية في افتتاح الدورة الثانية من مهرجان المسرح والفرجة الشعبية.
افتتاح على إيقاع موسيقى «الشاويّة»
هي موسيقى الجبال والرعاة والشريط الحدودي بين تونس والجزائر... ربما كانت ستظل مجرد صدى بين الوديان والأرياف قبل أن يهتم بجمعها الفنان نضال اليحياوي توثيقا وتأريخا ويصنع منها عرضا فنيا اختار أن يسمه بعنوان «الشاويّة». ولأنه يهتم بفنون الفرجة الشعبية فقد استضاف مهرجان المسرح والفرجة الشعبية بالكاف هذا العرض الذي يهتم بموسيقى الشاويّة التي تتميز عن بقية الطبوع والمقامات بأوزان خاصة بها وإيقاعات متفردة وآلات مخصوصة مستمدة من عمق التراث الموسيقي على غرار القصبة والزكرة والبندير... وليس «عرض الشاويّة» سوى جزء من ذاكرة جبال الكاف العالية وذكرياتها الضاربة في عمق حضارتها وكذلك جسرا من التواصل بين مدن الحدود التونسية وجارتها الملاصقة لها الجزائر.
وفي يوم الافتتاحي احتفى المهرجان أيضا بعرض موسيقي لفرقة الفنون الشعبية «صناديد الدهماني» الذي اقتحم أسوار السجن المدني بالسرس ليبدّد عزلته ويُمتع المساجين بلحظات نشوة وفرح منحتهم تحررا من أسر المكان وانعتاقا من وطأة الزمن.
مسرحية «القادمون» في الموعد
بعد أن افتتحت مسرحية «القادمون» من إنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية وإخراج سامي النصري الموسم الثقافي الجديد للمسرح الوطني بالعاصمة مؤخرا، تجدّد موعد عشاق الفن الرابع مع هذه المسرحية في افتتاح الدورة الثانية من مهرجان المسرح والفرجة الشعبية الفن بالكاف .
و»القادمون» مسرحية مقتبسة عن ديوان الزنج لعز الدين المدني تميط اللثام عن قبح عصر انقلبت فيه الآيات وتلخبطت فيه النظم وتبعثرت فيه أوراق الحق والباطل، وتدق ناقوس الخطر عن مآل ثورات قد تفقد بوصلة الطريق الصحيح لتعيث فسادا وفوضى في الأرض...
وبمناسبة افتتاح مهرجان المسرح والفرجة الشعبية في دورته الثانية، قدم مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف ورود التكريم ووسام التقدير إلى الممثلة سهام التليلي الذي أهدته بدورتها جائزة أحسن ممثلة عن دورها في مسرحية «قم» من إنتاج المركز في اختتام مهرجان المسرح الحديث بالقيروان.
«خرفلي عيشة» عرض حكواتي بإخراج مسرحي
ليست الحكايات سوى فصول من الحياة تتأرجح بين الهزائم والنجاحات، الخيبات والانتصارات، الآهات والبسمات... أما الحكواتي فهو ذلك اللّسان الخطيب الذي يدغدغ خيالنا ويسلبنا حرية الانسحاب ليجبرنا على مرافقته في روايته لحكايا هي وجوه منّا وإلينا. في مهرجان المسرح والفنون الشعبية بالكاف كان الموعد مع العرض المسرحي - الحكواتي «خرفلي عيشة» من إخراج صابر السبتي وإلقاء بصوت خيرة عباسية ومصاحبة موسيقية لعازف الكمان نور الدين مسعودي. في دورته الثانية اخترق المهرجان عزلة المبيت الجامعي يوغرطة في مصافحة إمتاع ومؤانسة مع «خرافة» شيّقة عن عشق رجل لطيف امرأة تعيش في مكان ما معلّقا بين الواقع والخيال، بين الجسد والروح... وعندما يصمت الكلام تملأ الموسيقى فراغ الصمت بحديث لم يقل لأنه أكبر من الكلمات والعبارات ليهيم الفؤاد مع حكاية تشبه حكايات «ألف ليلة وليلة» حسب تصريح المخرج صابر السبتي لـ»المغرب» الذي كشف أن العرض الحكواتي «خرفلي عيشة» لا يلبث أن يسافر بنا من مناخات حكاية عاطفية عن العشق والهيام إلى أجواء صوفية خاشعة وعوالم روحية خالصة.
ومن المفاجآت السارة التي حظي المبيت الجامعي يوغرطة هي اللقاء مع الشاعر كمال بوعجيلة ضيف شرف الدورة الثانية من مهرجان المسرح والفنون الشعبية الذي ألقى بعضا من شعره وعذب قصائده على غرار «أفروديت» و»تونسيات»...
تتواصل فعاليات مهرجان المسرح والفنون الشعبية إلى غاية يوم 18 نوفمبر 2018 مع الندوات الفكرية والعروض المسرحية و السينمائية والمعارض التشكيلية... احتفاء بكل الفنون في رحاب الفن الرابع.