في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية: «يارا» من العراق، خسر تشجيع الجمهور في السبّاق؟!

هل تكفي الصورة الجميلة والطبيعة الآسرة لإخراج فيلم ناجح ونافذ إلى حواس الجمهور؟ إلى أي مدى يمكن

أن يكون شعار «خالف تُعرف» ناجعا في الفن السابع؟ أيمكن لذكاء الكاميرا أن يلهينا عن خلل في السيناريو وضعف في الطرح الدرامي؟ كلّها أسئلة تطرح نفسها بقوّة أمام شاشة فيلم «يارا» من العراق الذي تحتفي بمساره السينمائي أيام قرطاج السينمائية في دورتها الحالية.

خاض فيلم «يارا» للمخرج العراقي عباس فاضل غمار المنافسة على التانيت الذهبي ضمن المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية. ولئن تمّ تصنيف هذا الفيلم في قائمة الأفلام الروائية الطويلة فإن هذا التعريف قد يحتاج إلى تعديل بعد مشاهدته حيث تسكننا الحيرة المبهمة هل هو حقّا روائي أم وثائقي أم شريط عن عالم الحيوان؟

طوال الفيلم بدا المخرج مفتتنا بجمال الطبيعة وبهاء «وادي قاديشا» في الشمال اللبناني الذي اختاره ديكورا طبيعيا لفيلمه فإذا به يمطرنا بصور عن تفاصيل المنطقة الجبلية وخضرتها وصفائها في كل الأوقات من غروب إلى شروق، في السحر وفي الغسق، في العتمة والنور... وكأننا أمام فيلم وثائقي يوّثق لسحر المكان ويروّج لفتنة القرية المعزولة !

ولحضور الحيوانات قصة أخرى في فيلم «يارا» فمن زوايا مختلفة يقدّم لنا المخرج وابلا من الصور التي ترصد حركات وسكنات وأصوات القطط والماعز والدجاج والكلاب والأحمرة والنحل والذباب... فكأننا مرّة أخرى أمام شريط توثيقي عن عالم الحيوان !

فيلم روائي أم وثائقي عن عالم الحيوان؟
«يارا» فيلم يتحدث عن فتاة جميلة في مقتبل العمر تعيش مع جدتها العجوز في بيت جبلي وبيئة ريفية في قرية معزولة مات بعض من أهلها وهجرها الباقون رغم روعتها وصفائها وهدوئها إلى المدن الصاخبة لتبقى بيوتها خالية من سكانها، يصفّر الريح في أرجائها... في هذا الامتداد الشاسع في الزمان والمكان، يقلّ وجود الإنسان باستثناء أفراد يعدّون على أصابع اليد الواحدة لتتحوّل علاقة السكان بحيواناتهم من علاقة نفعية إلى رابطة صداقة ومؤانسة.

هكذا كانت يوميات «يارا» التي لم يوح مظهرها ولا ملبسها ولا هيئتها بملامح سكان الريف قبل أن يزور الشاب «إلياس» بالصدفة بيتها الجبلي فيصبح رفيق يومها وصديق أوقاتها لتنشأ بينهما علاقة حب وتلازم في جلّ الأوقات ليجود علينا المخرج بسخاء كبير بمشاهد تجوّل الحبيبين في صورة عشق مراهق بين الأشجار والتلال وشلال الماء ...

إذا حدث تحوّل وتغيّر في حياة «يارا» فإن هذا التطوّر لم يظهر في نسق الفيلم ولم يتجلّ في إيقاع أحداثه حيث حافظ المخرج على نمط واحد من البداية إلى النهاية ! في فيلم «يارا» لا حبكة درامية مؤثرة ولا عقدة أحداث واضحة ولا تشويق ولا شدّ ولا جذب... والفيلم يرقص على حبل الروتين المملّ!

أمام مقاعد خلت من جمهورها كما خلت القرية الجبلية في الفيلم من سكانها كان قدر «يارا» أن يسدل ستار النهاية وقد غادر الكثير من الحضور الفيلم قبل أن يبلغ منتصفه في حين خرج الباقون ممن انتظروا أن تحدث المعجزة في آخر الفيلم يلعنون الحظ الذي قادهم لمشاهدة «يارا» من العراق!

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115