أيام قرطاج للسجون - سجن المسعدين: أنامل المساجين تبدع أجمل اللوحات...

فرجة بطعم مختلف، مشاهدة مصحوبة بطعم المرارة والوجيعة والسؤال، مشاهدة سيرحل

فيها الفكر خارج تلك الجدران السكيكة و الابواب المغلقة، هنا سجن المسعدين، و المناسبة العرض الاول لفيلم «غزالة» للمخرجة هاجر النفزي، والذي عرض في سجن المسعدين بالشراكة بين المهرجان و المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب فرع تونس.
عرض مختلف عن غيره من العروض في السجون لأنه كان مختلطا يجمع السجناء و السجينات في مكان واحد وقاعة عرض واحدة.

باب حديدي رمّادي اللون، ذاك اللون الحزين القاتل هل يزين كامل جدران الداخل؟ هو السؤال الاول حتما؟ لكن بمجرد الدخول ستعترضك الوان زاهية، الي يمينك جدارية عن البحر ملونة بالازرق بكلّ تدرجاته لون يبعث في الروح البهجة و الانشراح رمز للحرية والتحرّر، الى يسارك جدارية اخرى لطاحونة وسط الطبيعة وتماهي الاخضر مع البنيّ لصناعة لوحة بسيطة وساحرة.

هنا سجن المسعدين، اينما وليت وجهك تعترضك الألوان الوان ورسومات من ابداع السجناء اللذين حوّلوا القضبان الى لوحات فنية ممتعة.
لازالت قاعة العروض بعيدة عن الباب الخارجي، كلما تقدمت خطوات ستشدّ انتباهك الجداريات المختلفة المواضيع، اغلبها تحاكي الطبيعة بكل تدرجاتها اللونية طبيعة يفتقدها المساجين فيرسمونها ويعايشون الحلم مع حركات الريشة واللون.

الحيطان ايضا خصصت للشعر، فالسجن يقدم مجموعة من النوادي الثقافية على حدّ تعبير العميد ابراهيم بن منصور والشعر من النوادي القارة، قصائد دون امضاء قصائد عن الحب عن الحرية والرغبة في الانعتاق عن الام وعن الوطن، قصائد مختلفة المواضيع اختلاف افكار اصحابها.

للحظات ستنسى انك في السجن، للحظات ستظنّ انك في أحد أروقة الفنون التشكيلية فاللوحات مبهرة ومواضيعها كذلك، بين الزيتي والمائـــي تختلف الحكايا والتوجهات، المرأة تحضر بقوة في اللوحات المعلقة على الحيطان، فهذه لامراة ريفية بحليها التقليدي و الوشم يزيّن جبينها، وتلك للعاشقة عازفة الكمان بلون بني يتماهى مع لون التراب وكانّ بالرسام يدعو الجميع ليحلم مع النوتات، وثالثة لعازفة العود، لوحة بالالوان المائية تماهى الازرق مع الوردي ليرحل بالعين بعيدا خارج الاسوار و القضبان يرحل بها الى عالم الموسيقى والنوتات الساحرة.

في جلّ اللوحات كانت المرأة سيدة المكان، هي الام و الكاتبة والعازفة والبسيطة، خطتها ريشة الرسام وكأنه يخاطب حبيبة سكنت وجدانه فرسمها في كلّ لوحاته، وللإشارة فاللوحات المعروضة جميعها ستكون في رواق القرماسي بالعاصمة وستعود العائدات الى المساجين لتوفير بعض المستحقات ولوازم الرسم.
لا تزال الرحلة بين الألوان لازال للانبهار نصيب و للصدمة وقعها، من اللوحات الى المنحوتات المصنوعة من اشياء بسيطة، منحوتة أولى تقودك إلى صورة لاحد الشهداء طليت باللون الذهبي لجندي شهيد لازال ممسكا بالراية الوطنية تحتها كتب «نموت نموت ويحيا الوطن» منحوتة ثانية لأحد قصور تطاوين، ثالثة لرجل جنوبي باللحفة الجنوبية وأخرى لامرأة تبدو

كانها تحدثك وتخاطبك مباشرة، منحوتات قال صانعها انه ابدعها من قوالب الصابون الاخضر وبعض المواد البلاستيكية فمن اللاشيء صنع اجمل المنحوتات.

أما في القسم النسائي فكان من نصيب السجينات صناعة اجمل الحلي من الحلفاء و صناعة الملابس و الحقائب اليدوية، الوان متناسقة وابتكارات جميلة تؤكد ان الابداع لا تعيقه القضبان وتشير الى توفير سجن المسعدين تحت ادارة ابراهيم بن منصور الفرصة للمساجين ليمارسوا حقهم في الثقافة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115