فيلم «غزالة» لهاجر النفزي ضمن أيام قرطاج السينمائية في السجون - سجن المسعدين: متى تألّمتم فارقصوا ومتى حزنتم فارقصوا فالرقص ولادة

هلمّوا الى الحياة، هلّموا الى الحبّ هلمّوا الى اعماق تونس الى الحب الساكن في قلوب الصادقين،

هيّا بنا الى عالم عجائبي ساحر وواقعي موجع، هلمّوا لنفرح و نقف امام جمال الروح الانسانية المحبة للحياة، هلمّوا بنا الى سيدي عمر لنكتشف سحر الكاف وقساوتها بهاء تراثها وقساوة مناخها، هلمّوا بنا لنغوص في حكايا «غزالة» ذاك الانسان المتمسك بأرضه وبوطنه وببساطته ورقصه وإبداعه.
«غزالة» ، هو شريط سينمائي طويل وثائقي - روائي ، تدور جل أحداثه في سيدي عمر منطقة ريفية نائية ، مهمشة ومنسية من ولاية الكاف، سيناريو محمد العيدودي وإنتاج شركة الحرة للإنتاج السينمائي والسمعي البصري و بدعم صندوق التشجيع على الإبداع الأدبي و الفني وإخراج هاجر النفزي.

السينما وجه للحقيقة
سيكافينيريا الحب، الموسيقى، الجمال، الكاف الجبال العالية ورائحة التمرد التي تسكن الكلّ، الكاف الحب الكاف سيدي بومخلوف وسيدي عمر و سيدي عبد القادر وللة حفصة، الكاف تراث موسيقي صوفي غني ومختلف تراث اقتربت منه كاميرا المخرجة هاجر النفزي ثمّ غاصت في تفاصيله لتقدم للجمهور فيلما وثائقيا روائيا مدته ساعة ونصف ، فيلم ميزته صورة مميزة وشخصية محورية اكثر تميّزا.

الى الكاف تحملك الكاميرا في جولة لن تنساها حتما، صورة عامة لمكان جميل اخضر سنابله عالية، تقترب الكاميرا تدريجيا لتصدم انّك في محيط لمقبرة، كاميرا هاجر النفزي تحمل المتفرج الى سيدي عمر تحديدا مقر الولي الصالح سيدي عمر، هناك تقيم فقط 4 عائلات رفضت مغادرة المكان، مكان كلمة فقر مدقع» ربما لا تفي بالمعنى، فكيف يكون اناس يعيشون وسط مقبرة؟.

تقتــرب الكاميـرا لتستكشــف المكــان وتستكشف حيــــــاة من يقطنون هناك، منازل مهترئة، حيطان بالاسمنت فقط، لا وجود للماء الصالح الشراب، لا وجود لوسيلة نقل والستوب» هو وسيلة الاطفال للذهاب الى المدرسة، هناك في ذاك المكان القصيّ جدا عالم خاصّ عالم بمتساكنيه، عائلات حافظت على سكنها رغم الفقر والنسيان والتهميش، ياكلون ما يزرعون، من خيرات الارض يقتاتون.

هاجر النفزي تركّز على التفاصيل تقترب من ملامح الوجه، هذه خالتي ربح تركت السنون بصماتها على وجهها ربما اكبرهم سنّا لازالت تحدثهم عن الزاوية والتاريخ الحقيقي والشفوي، تلك زهيرة عجوز أكل الزمن عينيها اصيبت بالعمى وتركت لقلبها دليلها ليعينها على حياتها اليومية، ذاك رجل يقيم وحيدا، يلتهم السجائر هو المولدي الحناشي المتمسك بالارض رغم بؤسها وقساوتها، العائلات الموجودة يجمعها فقر ذات اليد في طبيعة قاسية ويجمعهم أيضا أمان داخلي بقوة سيدي عمر.

«غزالة» فيلم يرشح وجيعة، فيلم يغوص في خبايا النفس البشرية، من خلال الصورة قدمت المخرجة وكاتب السيناريو البعض من معاناة سكّان الارياف، قدمت القليل من معاناة يومية لاجل العيش و المقاومة لأجل البقاء على قيد الحياة، فيلم تونسي الروح كافي الهوى انسانيّ المعنى، غزالة» فيلم يمسّك يخاطب وجدانك وعقلك فيلم يحملك الى هناك لتتساءل لوكنت محلّهم، هل سأحافظ على موطن الأجداد ام اهرب من الفقر والتهميش الى جدران المدينة؟

التراث الصوفي بين الواقع والخرافة
اعلام خضراء ترفرف، قبة دائرية بيضاء ناصعة، صوت للدفّ و الغناء يعلو تدريجيا، في غزالة» تصحب المخرجة جمهورها الى العالم الصوفي، الى من يؤمنون بالأولياء و يحرسون مقاماتهم ويشعلون الشموع تبركا بهم ولهم الى للة حفصة يعجلك معاي وحذاي» الى سيدي رحومة» الذي اغرقه الواد وأصبح جافا كما يقولون، جولة الكاميرا تنطلق من مقام سيدي عمر فسيدي صالح، فللّة حفصة، ثم الى سيدي بومخلوف فعودة الى سيدي عمر، فالعائلات التي لازالت تقيم هناك متمسكة بحكايا الاجداد ومعتقداتهم، متمسكة بحب سيدي عمر وخدمته و الزردة» و العصيدة» و اشعال الشموع مع الحكايا التي تقترب الى الخرافة لكنهم يصدقونها ويروونها الى الزوار والأبناء.
الكاميرا تنقل بعض التفاصيل عن المدحة والأغاني الصوفية التي تتغزل بسيدي عمر، تقترب تدريجيا لتنقل للمتفرج تقاليد الزردة الكافية» من الاغاني الى الذبح واعادة طلاء القبة بالأبيض فالحناء و الشموع وكلّ تلك العادات التي توارثتها الاجيال.
توثيق للعادات تنقلها الكاميرا لتحمل المتفرج إلى هناك ليعايش معتقداتهم وعاداتهم .

غزالة...انا كافي والرقص حياتي
بطل الفيلم، سيّد المكان والحدث، رجل سبعيني العمر، عشريني الحركة، المولدي الحناشي اسم سيحفر في ذاكرة كلّ من يشاهد فيلم غزالة»، رجل متعدد المواهب، هو العاشق للّة حفصة إلى حدّ انه بات يراها في منامه ويقظته يتخيلها بحرام كافي احمر واخضر وخلخال بورطلين و تخليلة وخمسة تمشي حافية بين سنابل القمح الخضراء المتطاولة الى السماء.
المولدي الحناشي المشرف على الزاوية وصيانتها، الرجل صاحب القلب الكبير المولدي كل مايطيب يذوقنا» المولدي الاب مولدي حذاك ولدي جواد»، المولدي الحكواتي عمّ المولدي تو شكون للة حفصة، عم المولدي انت تعرف احكيلنا» هكذا هو المولدي الحناشي بطل الحكاية، متعدد المواهب و الاختصاصات، رجل عاشق لأرضه، عاشق لسيدي عمر نا كافي، الكاف ارضي الكاف امي وسيدي عمر ولدت فيها ومستحيل نبدلها» كما يقول عن ارضه وسبب عدم مغادرته لتلك القرية النائية المهجورة والبعيدة.
المولدي الحنّاشي شخصيّة محبّة للحياة و الحلم، لازال يزرع الارض رغم قساوة الطبيعة، لازال مبتسما رغم قسوة الزمن، لازال يطلب العلم رغم تقدم العمر.

في اغلب المشاهد يلتهم السجائر مفكّرا حالما بغد افضل، رغم ما تركته السنون من تجاعيد تسكن تفاصيله لازال كما الغزال يتسلق الجبل لجني الزقوقو لازال يغني بصوته الجبلي الجميل والأجمل أنه لازال يمارس مهنة الرقص ليدخل البهجة في قلوب المشاهدين.
فغزالة من اشهر الراقصين في الكاف، لازال يحافظ على الخطوة التونسية التقليدية ويعلمها لأبناء الجهة، وجوده ينفي كل «الراقصات» فحركات الجسد اللينة مع الحرام والماكياج الكامل والشاشية والشعر لن تنافسه اجمل الراقصات وامهرهنّ، غزالة لازال يرقص ويحلم ويبعث بتباشير الحلم الى سيرين ونور اللتين يقوم بتعليمهما خطوات الرقص ويبعث فيهماّ حبّ الحياة.

غزالة» الشخصية الرئيسية في الفيلم عاشق الحياة والرقص، قدّم امام مساجين المسعدي لوحات راقصة، رقص بكلّ تلقائية وبكل حبه لجسده ولحركاته تمايل كما الغزال داعيا الكل ان يحلم ويخرج بفكره خارج جدران السجن فرقصه حكاية تونسي عشق الرقص والحركة كلّ رقصة هي ولادة جديدة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115