مشاهده لمدّة يوم واحد بمنطقة «قصر غيلان» من معتمدية دوز الشمالية التجأ فريق الفيلم إلى القضاء وسط مساندة حاشدة من الهياكل السينمائية ومنظمات المجتمع المدني تنديدا بالتضييق على حرية التعبير والإبداع وتحذيرا من عودة الرقابة على السينما...
بتعلّة احتواء فيلم «عزيز» على مشهد «إنزال الراية الوطنية ورفع علم داعش» فشلت كل محاولات فريق الفيلم في إقناع والي قبلي سامي الغابري بأن هذا الادّعاء خال من الصحة ومجانب للصواب فلا وجود لهذا المشهد مطلقا في سيناريو الفيلم باعتبار أن أحداثه تعود إلى سنة 2011 أي قبل ظهور داعش...
المحكمة تقرّر إيقاف تنفيذ قرار والي قبلي
في قرية «قصر غيلان» اختار فريق فيلم «عزيز» تصوير بعض المشاهد بالفضاءات الخارجية لمدرسة ابتدائية ولمركز للصحة الأساسية بعد إدخال بعض التعديلات لتوظيفها كعناصر ديكور لمركز تجميع الأطفال المشردين ببلد شقيق تمزّقه الحرب لمدة يوم واحد فقط من التصوير . وبعد الحصول على ترخيص من وزراتي الصحة والتربية راسل مدير الإنتاج خالد البرصاوي والي قبلي قصد تسهيل المهمة، فجاء جواب الوالي مقتضبا كما يلي: «تبعا لمكتوبكم المتضمن طلب تصوير شريط سينمائي تونسي...أعلمكم أنه بتعذر الاستجابة لطلبكم».
وأمام تعنّت الوالي وتشبثه بقراره استنجد منتج الفيلم حبيب عطية بالقضاء فصدر بتاريخ 5 نوفمبر 2018 قرار بإيقاف قرار الوالي. وفي تصريح لـ»المغرب» أكدّ رئيس وحدة الاتصال بالمحكمة الإدارية عماد الغابري أن «قرار رئيس الدائرة الإبتدائية للمحكمة الإدارية بقابس في توقيف التنفيذ لقرار والي قبلي مرجعه عدم وجود سند لقرار الوالي منع تصوير بعض مشاهد الفيلم في منطقة «قصر غيلان» حيث يخرق هذا القرار أحكام الدستور التي تضمن حرية الرأي والفكر والتعبير والإبداع وخاصة في فصوله 31 و42 و49 إذ أوكل الفصل الأخير إلى القانون مهمة تحديد الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات وممارستها بما لا ينال من جوهرها... ونظرا إلى أن قرار والي قبلي أفضى إلى تعطيل ممارسة حق دستوري دون موجب قانوني فقد أوقفت المحكمة هذا القرار وأنصف القضاء حرية الإبداع والتعبير...».
في انتظار البتّ في القضية الثانية لجبر الضرر
بعد أن قال القضاء كلمته في القضية الاستعجالية لإيقاف قرار الوالي بمنع التصوير، من المنتظر أن تصدر المحكمة قرارها في قضية ثانية رفعها المنتج حبيب عطية ضد والي قبلي لجبر الضرر المادي والمعنوي وللتعويض عن الخسائر المادية و الأضرار المعنوية التي تكبّدها فريق الفيلم .
وقد مثّل تعطل مسار تصوير فيلم «عزيز» بسبب قرار والي قبلي خسارة كبرى لمنتجي الفيلم تقدّر بالملايين حسب المنتج حبيب عطيّة الذي كشف أن ميزانية الفيلم تبلغ 4 مليون دينار. كما اعتبر أن هذا القرار بمثابة الضربة الموجعة لسمعة السينما التونسية التي تحصد نجاحات وتتويجات في كبرى المنصات والمهرجانات السينمائية سيّما وأن فرنسا هي شريك في إنتاج الفيلم وقد استغرب شركاء الفيلم من الأجانب أن يكون التصوير في تونس صعبا لهذه الدرجة وهي التي كانت في الثمانينات قبلة المخرجين ومقصد الأفلام العالمية» !
ويأتي قرار القضاء المنصف لفيلم «عزيز» ليؤكد إنصاف القانون لحرية الإبداع وحمايته للحق الدستوري في الثقافة ولإثبات أن تونس أرض الفن والجمال ...