مشهدية وجد لعلي اليحياوي: الصحراء معبد للحب وأهازيج الفرح

الرمال سيدة المكان الرمال صانعة الحدث والحكاية الرمال زاد العاشق الهائم

و منال الحالم بجنته الموعودة لصفرتها بهاء الشمس أما حمرتها أثناء الهاجرة هي صوت الوله والولع عند العشاق متى ساد سكون الليل كانت خير انيس للهائم على وجهه ذلك الباحث الازلي عن الحقيقة.
فيها كل الاسرار والحكايا هي الصحراء ام البدايات وسيدة النهايات الصحراء التي يقول عنها الشيوخ «الي داخلها مفقود والخارج منها مولود» من رحمها تولد حكايا العشق في شساعتها تهيم باحثا عن الحقيقة كذلك فعل علي اليحياوي بعد ان عشق كتابات ابراهيم الكوني وللجمهور يقدم صحبة المبدع الحبيب غراب و المتميز ايمن السريطي مشهديّة الرمال المتحركة من انتاج مركز الفنون الرّكحية والدرامية بمدنين.

الرمال تحاكي لحظات العشق
صوت الناي يخترق القلب، لموسيقاه سحرها صوت يفصل الروح عن الجسد صوت يتمرد على البعد ويبحث عن وسيلة للوصال هو صوت عاشق يناجي معشوقته البعيدة جدا، صوت الحالم يساير حلمه ويسير خلفه صوت الانسان يناجي خالقه معشوقه الازلي موسيقى هادئة وحزينة معها نص يقول «اسمعت صوت الناي؟ أأشواقك انين له عشّاق؟ اممزق صدرك كصدري، امثلي تنوح ونواحك بسرك يبوح، جسد ارّقته الروح وروح قيدها الجسد» .

تبدأ الرّمال في الكتابة، صور للنجوم وأخرى للسماوات الشّاسعة، فراقص بلباس الصوفيين يدور حول نفسه وكأنّه يحرر الروح من الجسد، اسم المشهدية «وجد» وحول الوجد و الحب والصوفية تتمحور من رمزية الاسم اخذ العمل طابعه، ميزته موسيقى مميزة وتماه كليّ بين الصورة وحركة الرمال.
امامك رمال تكتب سيرة الصوفيين ووجدهم، حركات الرسام مع صوت الموسيقى يصنعون الحكاية، مشهدية فرجوية غابت عنها الشخصيات المسرحية وعوضتها الرمال وحركات الرسام، مشهدية تعتمد على تقنية الرسم بالرمل، تقنية جديدة في تونس وحده الحبيب غراب يعرف توظيفها الى حد الان في مشهدية فرجوية.
في «وجد»رحلة الرمال تجوب غمار الموسيقى الصوفية وتحاول محاكاة الروح أثناء جولتها في عالم سرمدي مميز، تجوب الصحراء بكل تفاصيلها تكتب أسرارها وتحاول التماهي مع حكاياتها، من رمل الصحراء تصنع المشهدية «نرسم بالرمل إلي لعبت بيه صغير» كما يقول الحبيب غراب عن الرمل المستعمل للرسم.

الصحراء عالم الصادقين والشرسين
هي الامتداد هي سؤال لا يعرف نهاية حكاية دون بداية ولا نهاية عالم ممتد يثير فيك الخوف و السؤال كيف يعيشون؟ هل هناك من لازال يقطن الصّحراء؟ كيف يقاومون قساوة المناخ فيها شمسها الحارة ما دوائها وحيواناتها انقرضت أم لازالت تقاوم؟ هي الصحراء برمالها الذهبية فضاء للحلم و الامتداد في حضنها تشعر بحماية قوة ما تشعرك بالطمأنينة.
هكذا هي الصحراء التي يعشقها علي اليحياوي عالم لازال يؤمن به أبناؤه ومتمسكون به رغم القفار، الرمال في الجزء الثاني من المشهدية تحمل الجمهور الى حكايا الصحراء التونسية، الى عالم البدو وآثارهم رحلة تنطلق برسم ستّ نخلات شامخات والنخلة هوية الصحراء، تتواصل الرحلة مع الجمال سفن الصحراء، ثمّ صوت الغناء ومجموعة من الرعاة يتحلّقون حول البئر لتقديم طقوس الماء.

في المشهدية عمل اليحياوي على الترميز استعمل الرموز كالنخيل و الجمال وصور البئر والأغاني للتعبير عن الحياة في الصحراء بكلّ تفاصيلها.
الاغاني هي الاخرى من الموروث الشفوي الشعبي للجنوب التونسي بعضها يتغنى بالحبيبة وأخرى بالأم وثالثة بالوجد والوطن، اختيار الاغاني هو اخر شيفرة عمل عليها المخرج اثناء بناء العمل دراميا ينبض بروح الصحراء.

جولة بصرية بالرمال من الغابة الى الماء فالزاوية والمسجد ثمّ العرس بكلّ تفاصيله من حليّ العروس ولباسها الى اهازيج العرس و «الجحفة» جميعها تحكيها الرمال، واختيار اهازيج الفرح في البادية شيفرة يهدف عبرها المخرج الى ان الصحراء ارض للحب الصحراء موطن للسحر والبهاء ليست بورا ورمالها ليست بفضاء للموت او العدم بل العكس من صفرة رمالها وامتدادها تولد الاف الحكايا وفي حضن الصحراء يعيش الكثير من الناس و الحيوانات، الصحراء مسكن الطوارق الذين ابدع «ابراهيم الكوني» ملهم اليحياوي في الحديث عن نضالاتهم وترحالهم وأطنب في الاشارة الى جرأتهم وتمسكهم بصحرائهم و نفس الرمزية يستعملها علي اليحاوي في مشهدية الرمال المتحركة.

«الرمال المتحركة» عمل فرجوي مختلف ومميز، عمل يستعمل تقنية الرسم بالرمال مع الفيديو فيتماهى المسرحي مع السينمائي و التشكيلي، عمل يوحّد الفنون لتحكي اسرار الصحراء التي قيل في وصفها واسعة رحبة ناعمة ذهبية هي تلك الصحراء التي تتيه عبر رمالها ويحيرك مدى الأفق فيها ليست لها حدود تقيدك ولا أحجار تؤذيك تمشى والذهن صاف والفكر منطلق إذا تعبت فرشت لك على رمالها ظلك الناعم بنعومتها كي تستريح وتواصل السير وتعطر أنفاسك بشذى الحرية وتحتفظ بأثرك لأنك غصت في أعماقها تخط بصفحاتها ما يجول بخاطرك بأناملك وعصاتك وفي «الرمال المتحركة» يخط الحبيب غراب كل ما يجول بخاطره وما علق بذاكرته من قصص الصحراء على بلورة صغيرة منعكسة على الشاشة لتقدم سرّ الصحراء الذي لا ينتهي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115