هي «مطمورة روما» التي أسالت لعاب الحضارات منذ القدم فاستوطنها البونيقيون والرومان والوندال... ولكن بالرغم من حصونها وقلاعها وكنوزها الشاهدة على تاريخ عريق وموقع استراتيجي فإن باجة اليوم لم تعد باجة كما كانت الأمس وقد طالها الإهمال والتهميش وسوء التقدير لثرواتها الحضارية والفلاحية... وليس حال الثقافة هناك سوى انعكاس للوضع العام وصورة مصغرة لوضعية الولاية. وفي ظل هذه الظروف يأتي بعث أول فضاء ثقافي خاص في باجة بمثابة المغامرة التي تستحق الدعم والمساندة.
المركز الثقافي «نفيسة بن يوسف» هو أول فضاء خاص في باجة وجد طريقه إلى النور بفضل إصرار وطموح مديرته مريم بن يوسف التي تجمع بين شهادة الأستاذية في الفلسفة وهوايتي الرقص المعاصر والعزف على آلة البيانو...
موارد مالية وبشرية محدودة
وفاء لروح جدتها المناضلة والداعمة لحقوق المرأة أطلقت الحفيدة مريم بن يوسف اسم «نفيسة بن يوسف» على المركز الثقافي بباجة . وفي تصريح لـ المغرب» أضافت مديرة الفضاء بالقول: « هي تحية لروح جدتي التي رغم أميّتها كانت تملك حسّا وطنيا عاليا فلم تبخل بأموالها على دعم جامعة الزيتونة وحث النساء على التعلّم والمناداة بالمساواة بين الرجل والمرأة... ويأتي المركز الثقافي الخاص نفيسة بن يوسف ليلبّي حاجة الجهة إلى فضاء يحتضن المواهب الشابة و ينمّي ملكة الإبداع لدى الطفل والناشئة في ظل تصحر ثقافي يغرق المدينة في صمت قاتل».
لم يكن الطريق في سبيل بعث هذا المركز الثقافي في سابقة من نوعها بباجة مفروشا بالورود بل كان محفوفا بعديد العراقيل والمطبّات انطلاقا من البحث عن مصادر التمويل وصولا إلى تأمين الموارد البشرية ... وقد أفادت مريم بن يوسف أن بعث هذا المركز الثقافي «نفيسة بن يوسف» بتمويل من مؤسسة «كنفدرالية المؤسسات المواطنة كوناكت» تشجيعا للمشاريع الثقافية الرائدة أمام تخلي وزير الشؤون الثقافية والسلط الجهوية عن دعم أول مركز ثقافي بباجة.
وليست الموارد المالية وحدها هي التي تعيق تقدم أنشطة المركز الثقافي «نفيسة بن يوسف» بل كذلك النقص في الموارد البشرية حيث أشارت مديرة الفضاء أنها واجهت صعوبات في العثور على المختصين في الفنون على غرار الرقص مما دفعها إلى الاستنجاد بالمختص في فن الرقص المعاصر أشرف حمودة من ولاية سيدي بوزيد.
وبالرغم من شح الموارد والنقص في مصادر الدعم ، يسعى المركز الثقافي «نفيسة بن يوسف» إلى احتضان أطفال وشباب الجهة وانتشالهم من الفراغ والرتابة من خلال بعث نواد يشرف عليها مختصون وأكاديميون في فنون الرسم والموسيقى بمختلف آلاتها والرقص بأنواعه من الكلاسيكي إلى الحديث إلى المعاصر، إضافة إلى دعم مستوى المعارف في مختلف اللغات...