فيلم «الكسكسي حبوب الكرامة» للحبيب العايب ضمن ثلاثاء السينما التونسية بـ«السينيناتيك»: الاحتلال الغذائي أقسى من الاحتلال العسكري

السينما التزام بقضايا الوطن وحقوق الانسان، السينما اداة للدفاع عن المنسيين و الاقليات

واداة لايصال صوت من تناستهم الدولة وهمشتهم «الماكينة» والحبيب العايب مخرج تونسي ملتزم بالدفاع عن سيادة وطنه بافلامه مخرج ملتزم بقضايا التونسيين وحقوقهم في السيادة الغذائية التزام نقله الى الجمهور في «الكسكسي حبوب الكرامة».
لساعة من الزمن كان لقاء المشاهد مع بساطة الفلاحين وتلقائيتهم وحبهم للارض وتمسكهم بها، ساعة من تجول الكاميرا في كامل البلاد جنوبها وشمالها للحديث عن القمح التونسي و المهجن، عن الاصلي والفرق بينهما لساعة من تجول الكاميرا ومرافقة الفلاحين منذ الزراعة حتى الحصاد لقاء قدمه المخرج في ساعة من الزمن بعد ان عاش لعام كامل مع الفلاحة.

السيادة الغذائية وكرامة الانسان
صوت حفيف الاشجار يكون موسيقى مشهد البداية، رجل يزرع ارضه يبذر الحبوب في الأرض المحروثة حديثا، لون التراب ينطق حياة وحركات الرجل السريعة تؤكد قدم ممارسته لتلك المهنة، من منطقة فلاحية في احدى ربوع جندوبة تنطلق حكاية الفيلم، أراض ممتدة وشاسعة خضراء تمتع الناظر ولكن الفلاح لا يتمتع بها لانها اراضي دولية.
تتواصل جولة الكاميرا،في ربوع البلاد، من جندوبة الى منوبة فتستور وباجة والقلعة الصغرى وسوسة و الكاف وغيرها من الارياف والقرى التي لازال أهلها متمسكين بالأرض وبالزراعة التقليدية و الحبوب الاصلية، مع الفلاحة يكتشف المتفرج وجود انواع عديدة للحبوب منها المحمودي وصبع علجية و جناح خطيفة حبوب زرعها الاجداد بدأت في الاندثار رغم أنها افضل من المستورد فالمحمودي مثلا بعد الحصاد يترك ما يقارب 450 «بالة تبن» كما انه يكون مرعى جيد للاغنام، في حين ان القمح المستورد «كريم» لا يترك سوى «200بالة تبن» على اقصى تقدير وهو يتعرض الى المداواة مرتين أو أكثر بينما القمح التونسي تتم مداواته مرة وحيدة على «الحمرة» ، في الفيلم يكشف الفلاحون الفرق بين القمح الاصلي و

المهجن ويؤكدون أن التونسي أفضل وأن البذور التونسية أفضل وانفع و الذ مقارنة بغيرها من البذور المستوردة التي تؤثر سلبا على الارض و المستهلك فتلك البذور تتطلب مداواة بأدوية كيميائية معينة تقضي على جمال الارض والدواء يقتل الارض ويمرضها» على حد تعبير أحد الفلاحين في القلعة الصغرى.
في «الكسكسي حبوب الكرامة» ينادي المخرج بضرورة ضمان السيادة الغذائية ليضمن الانسان كرامته، «سياتي يوم ونشري السندويتش من ايطاليا» على حد تعبير أحد الفلاحين لأن الانتاج المحلي من القمح والفرينة تراجع كثيرا مما أدى إلى ارتفاع نسبة التوريد فهل يعقل «ارض تنجب الزعفران لا تنتج القمح» هنا يتساءل عم بلقاسم فلاح التسعين عاما؟
في الفيلم تكون الكلمة للفلاحين ليتحدثوا عن القمح والارض عن الفرق بين الحبوب المحلية والمهجنة، حديث بسيط وتلقائي يبطن نقدا لوزارة الفلاحة ومهندسيها الذين ربما لايراقبون البذور المستوردة ولا يقدمون تقارير عن صلاحيتها من عدمها، نقد اغلب الفلاحين أجمعوا على تحميل وزراء الفلاحة المسؤولية لانهم يساهمون بطريقة او باخرى في «الاحتلال الغذائي».

في فيلم «الكسكسي حبوب الكرامة» خلف الجولة في ربوع البلاد الكثير من النقد للسلطة ممثلة في الوزارة ولمهندسي وزارة الفلاحة لسياسة فلاحية هشة تؤمن فقط بكبار المستثمرين الذين يعملون فقط على كسب الربح بعيدا عن اهمية الارض وجودة المنتوج، كبار المستثمرين الذين يبحثون عن الربح الاوفر دون التفكير في مضار منتوج ما او مدى تاثيره على الارض أو كرامة الانسان واستقلاليته.

صغار الفلاحين امل البقاء
«مازلت محافظا على زراعة قمح المحمودي، محافظا على قمح الجدود» بهذه الكلمات يتحدث أحد الفلاحين عن منتوجه من القمح وعن سبب تمسكه بالقمح التونسي اكد انه الذ واطيب من المهجّن، قول اكده احد الخبراء في الفلاحة بالقول ان القمح التونسي اقل مرضا و اكثر نفعا من المهجّن ومن المستورد.
لعام كامل تصاحب كاميرا الحبيب عياد الفلاحين الصغار من زراعة المنتوج الى حصاده، جميعهم يؤكد انه متمسك بالحبوب التقليدية بعيدا عن قمح كريم المستورد، رغم بعدهم عن المدن و رغم ان محاصيلهم قليلة تكفيهم مؤونتهم فقط فالبعض يعتبرهم «عالة على المجتمع» بينما هم الامل الباقي في لحفاظ على القمح التونسي الاصلي.
والفلاحون الصغار لم يدخلوا منظومة التجارة لم يدخلوا منطق الربح والخسارة علاقتهم بالارض جد عميقة وعجيبة يتمسكون بها لانها جزء من «الكبدة» يحرثونها ويزرعونها وينتظرون موسم الحصاد لتجميع المحصول وفق عادات وفرح يرتبطان بالظاهرة بين الغناء والزغاريد احتفاء بموسم الحصاد، علاقتهم بالارض وطيدة ولازالوا يحافظون على الحبوب التقليدية لانهم بعيدون عن منظومة التجارة والربح ومنطق البيع والشراء «الأرض لقشة مني مثل أولادي» هذا ما يقوله أحد الفلّاحين.

المراة الفلاحة أيقونة للقوة دائما
هي الحرة هي التي تنهض باكرا لـ«نعجن الخبز ونحميه ونطيبو في الطاجين» هي صانعة الخبز والمشرفة على تفاصيل «العولة» من «كسكسي وملثوث ومحمص» هي سيدة البيت وسيدة الارض ايضا فالمرأة الفلاحة من الارض تستمد قوتها منها تعبق برائحة الحياة وتتعلم المثابرة، المرأة الفلاحة سيدة المكان دائما تشرف على عملية الزراعة والحصاد والحرث أحيا «حتى الدريسة ثمة نساء تدرس» ، هي الجادة والمكافحة احتفى بها الفيلم وقدم حقيقة يومها وتفاصيلها نقلها الى الحضور ببساطتها وتلقائيتها وشجاعتها دون ماكياج او تغيير فهي الجميلة كما الطبيعة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115