مع قلب الأدوار وتبادل المهام ... فصار الطالب مخرجا وتحوّل الأستاذ المؤطر إلى ممثل على ركح من إخراج أحد طلبته السابقين بالمعهد العالي للفن المسرحي بتونس. في إطار هذه العلاقة الطريفة والمحاورة المسرحية الظريفة يلتقى الفنان أنور الشعافي بأستاذه رضا بوقديدة على خشبة عرض «الشريط الأخير».
اقترنت مسيرة المدير السابق للمسرح الوطني أنور الشعافي المسرحية بمسرح التجريب وهو الذي أسس فرقة مسرح التجريب بمدنين سنة 1989 وبعث المهرجان الوطني لمسرح التجريب سنة 1992.
«الشريط الأخير» يستبدل «شظايا»
بعد مسرحيته الأخيرة «أو لا تكون» والتي اقتنصت عددا كبيرا من الجوائز، كان في الحسبان أن يطالعنا المخرج أنور الشعافي بمسرحيته الجديدة «شظايا» التي هي عبارة عن سيرة ذاتية لمسيرته الفنية حيث سيظهر فيها ممثلا على الركح في لحظة تماه بين التمثيل والحياة ! ولكن يبدو أن هذا الفنان قد عدّل من أوتاره وغيّر من اتجاه بوصلته إذ يعكف على إخراج مسرحية جديدة بعنوان «الشريط الأخير». وعن تفاصيل هذا العمل الجديد صرّح أنور الشعافي لـ«المغرب» بالقول: «بعد أن تمرنت لمدة شهرين على مسرحية «شظايا» اضطررت للتوقف لإجراء عملية جراحية. وبعد الاتفاق مجددا مع المسرح الوطني لإنتاج عمل مسرحي جديد يحمل توقيعي سأعود قريبا إلى التمارين لكن خارج الركح حيث سأكتفي بدور المخرج ولن أصعد على الركح ممثلا. وفي عرض «الشريط الأخير» عدت للنص الأوّلي لصمويل بيكيت وهو الذي مثّل موضوع مشروع تخرجي سنة 1988 وكان الدكتور رضا بوقديدة هو مؤطري. واليوم بعد 30 سنة، ها نحن نغيّر المواقع ليصبح أستاذي هو الممثل وأنا المخرج طبعا برؤية مختلفة وبطريقتي الخاصة في الطرح المسرحي كما ستكون هنالك إعادة كتابة بقلم رضا بوقديدة وهو المختص أيضا في الدراماتورجيا التطبيقية».
الفن والحياة... و»الشريط الأخير»
ما الذي جعل أنور الشعافي يعود في مسرحيته الجديدة «الشريط الأخير» إلى مشروع تخرجــــــه الأول ويجدّد التعامل مع أستـــاذه المؤطر بعد مرور 3 عقود من الزمن؟ جاءت الإجابة على لسانه كما يلي: «اختياري للدكتور رضا بوقديدة هو اختيار واع وله دواع فنية منطقية إذ أنني أرى تشابها بين شخصية (كراب) الشخصية الرئيسية وبين شخصية رضا بوقديدة صاحب المسيرة الطويلة كأستاذ بالمعهد العالي للمسرح وكمخرج و كممثل سيستحضر في هذه المسرحية ذاكرة مساره الفني في رحاب الفن الرابع».
وعن موعد العرض الأول لمسرحية «الشريط الأخير» من إنتاج المسرح الوطني أفاد المخرج أنور الشعافي أنها ستكون جاهزة مبدئيا خلال الموسم الثقافي المقبل في غضون منتصف جانفي 2019.
وعن «الشريط الأخير» قال أنور الشعافي: «هي مسرحية كتبها صمويل بيكيت سنة 1958 وتنتمي إلى مسرح العبث. في هذه المونودراما سرد لحكاية شيخ يستمع يوم عيد ميلاده إلى شريط سجله قبل 30 سنة... يستمع ، يعيد الاستماع لبعض المقاطع ، يتوقف ، يعلّق ثم يستمع من جديد...» وما بين استماع واستحضار للذاكرة، تبدو الحياة شريطا من المحطات، من الأمنيات، من الخيبات ... وليس الفن في هذه الحياة سوى داء ودواء.