من خباياها في ثنايا التاريخ والذاكرة فإن بريق «أوبرا عايدة» لم ينطفئ على مرّ السنوات ولم تفقد هذه الأيقونة الموسيقية روعتها وإغراءها رغم احتفاء مسارح العالم بها منذ عقود وزمن بعيد. هذه المرة سيكون لتونس» أوبرا عايدة» على طريقتها وببصمتها في حوار ثقافي وتعاون فني مع إيطاليا.
مع «أوبرا عايدة» للموسيقار الإيطالــي الكبيـــــر «جوسيبي فيردي» سيكون للجمهور موعدان مع هذه التحفة الفنية وذلك يومي 30 جوان 2018 بالمسرح الروماني بالجم و 5 جويلية 2018 بالمسرح الروماني بقرطاج. وقد انتظمت أمس ندوة صحفية بمدينة الثقافة بحضور وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين وسفير إيطاليا بتونس «لورنزو فانارا» لتقديم تفاصيل المشروع الثنائي التونسي الإيطالي «أوبرا عايدة».
حوار متوسطي بين ثنائية تونسية - إيطالية
في لقاء تاريخي بين الحضارتين الفرعونية والرومانية سيكون الموعد على أرض قرطاج مع «أوبرا عايدة» أشهر أعمال الموسيقار الإيطالي «جوزيبي فيردي» بالمسرح الروماني يوم السبت 30 جوان 2018. هذا العرض الفني الضخم من إنتاج «لانتي لوليو الترابنية للموسيقى» و»مسرح أوبرا تونس» سيكون عرضه الأول بالجم تحت إشراف رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
في تقديمها للنسخة التونسية الإيطالية لأوبرا عايدة أكدت مديرة قطب الموسيقى والأوبرا بمدينة الثقافة سيماء صمّود أن هذا العرض الضخم هو ثمرة تعاون كبير ووثيق بين لانتي لوليو الترابنية للموسيقى ومسرح أوبرا تونس، وقد تجلت هذه الثنائية من خلال تنفيذ الديكور والملابس والسينوغرافيا في تونس بإمضاء عدد من الكفاءات التونسية والإيطالية.
إلى سحر الشرق تدعو أوبرا عايدة الجمهور إلى مصاحبتها على امتداد ساعتين ونصف في رحلة شيقة مع الدراما الملحمية والحوار الغنائي بمصاحبة 150 فنانا وعازفا ومنشدا من أشهر أصوات الأوبرا في العالم وبمرافقة الكورال واللوحات الكوريغرافية الراقصة في تجسيد لقصة حب استثنائية نشأت بين الأسيرة الأثيوبية «عايدة» وقائد الجيش المصري «راداميس».
وقد عرضت «أوبرا عايدة» الشهيرة للمرة الأولى سنة 1871 بطلب من الخديوي إسماعيل الذي أمر ببناء دار الأوبرا المصرية خصيصا لهذا العرض احتفالا بافتتاح قناة السويس.
المرأة عنصر قادح في الحروب عبر التاريخ
منذ اكتشاف مخطوطات أوبرا عايدة من قبل عالم الآثار الفرنسي «أوجست ماريتا» في وادي النيل، لم يأفل نجم «أوبرا عايدة» ولم تغب هذه الأيقونة الفنية عن كبرى المسارح العالمية. وفي وفاء إلى فصولها الأربعة حافظت هذه الأوبرا الشهيرة على عمودها الفقري دون أن تقفل وجه الإبداع والتجديد أمام كل من أغراه سحرها بمزيد فك شيء من أسرارها على الركح. في هذا السياق اعتبر سفير إيطاليا بتونس «لورنزو فانارا» أن «أوبرا عايدة» هي فاتحة الشراكة بين مسرح أوبرا تونس ولانتي لوليو الترابنية للموسيقى حتى تكون الثقافة قادرة على فتح حوار متوسطي ووسيلة للترويج السياحي للوجهة التونسية.
في عودة إلى خفايا تاريخ مصر القديم وخبايا الحضارة الفرعونية، تروي «أوبرا عايدة» قصة حب ملحمية ممزقة ما بين خفق القلب ونداء الواجب ولكن بين ثنايا هذا الحوار الغنائي تنبعث إشارات جليّة عن دور المرأة عبر فصول التاريخ في إشعال الثورات واندلاع الحروب سواء كانت محرّكة خفية للأحداث أو قائدة في الصفوف الأمامية.
ولم يكن انتصار مصر على الحبشة بفضل القائد راداميس سوى لعنة حلّت عليه حيث أعلن عن زواجه من ابنة الفرعون مكافأة له على هذا النصر، إلا أن حبه الكبير للأسيرة الحبشية عايدة دفعه إلى السعي للهرب مع حبيبته وفي الأثناء يكشف بعض الأسرار العسكرية لها من دون قصد. فيحاكم باعتباره خائنا بالدفن حيّا...فتلحق به عايدة وتموت بين ذراعيه في قبر واحد. فكان أن خلد التاريخ قصة هذا الحب الملحمي في «أوبرا عايدة».
«أوبرا عايدة» حلم حافظ مقني الذي ذهب لغيره !
كان في الحسبان أن يعلن القائد السابق للأوركستر السمفوني التونسي حافظ مقني عن استقالته إثر الانتهاء من تقديم العرض الأول لـ»أوبرا عايدة» بعد أن انطلق في الاشتغال عليه منذ أشهر مع «لانتي لوليو الترابنية للموسيقى» إلا أن وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين وكما فعل في عديد من الوضعيات استبق الاستقالة وأعلن إقالة حافظ مقني قبل منحه فرصة توقيع حلمه الأخير بتقديم أوبرا عايدة على مدارج المسرح الروماني بالجم.
وإن لم يبرّر الوزير في قرار الإقالة أسباب استبعاد قائد الأوركستر السمفوني التونسي فإن المايسترو حافظ مقني أوضح أن سياسة الوزير الممنهجة لسحب البساط من تحت قدمي الأوركستر السمفوني التونسي لصالح أوركستر أوبرا من ذلك تقديم عرض «أوبرا عايدة» باسم أوركسترا أوبرا تونس والحال أنه مشروع مبتكر من الأوركستر السمفوني التونسي... دفعه إلى إعلان الانسحاب فرد الوزير بقرار الإقالة!