وقاطرة ثقافية للفن المعاصر. وقد اختارت الدورة الخامسة من هذه التظاهرة الاهتمام بمسألة التراث بعيون الفن وعن طريق الاشتغال على عناصر الطبيعة الأربعة: الماء والهواء والنار والأرض. ويتجاوز هذا الموعد الثقافي مجرد كونه دافع لديناميكية ثقافية جديدة ليسكنه الطموح في أن يمثل أساس مشروع حقيقي للحوار العربي- المتوسطي. فما الذي ستحمله في جرابها نسخة 2018 من «جو تونس» التي ستتواصل من 27 جوان إلى 1 جويلية 2018 ؟
«جو تونس» تظاهرة ثقافية تهتم بالفن المعاصر أطلقتها سنة 2013 لينا الأزعر المختصّة في الفن العربي المعاصر ونائبة رئيس مؤسسة كمال لزعر وذلك بهدف خلق روابط بين فناني المنطقة العربية والمتوسطية وتوحيدهم حول الاهتمامات المشتركة في هذه المجتمعات.
التراث تحت أضواء «جو 2018»
بعد أن اهتمت في دورتها الفارطة بمسألة الهجرة، تسلط الدورة الخامسة من تظاهرة «جو تونس» الأضواء على وضعية التراث في تونس ما بعد الثورة. وباعتماد عملية اختزالية متعمدة، سوف يتم استكشاف فكرة «التراث المثبت» من خلال منظور العناصر الأربعة:النار والهواء والماء والأرض. وفي هذا السياق تطرح تظاهرة «جو تونس» سؤالا بسيطا ومعقدا في
الآن ذاته: من يمتلك التراث؟
وفي وفاء وتناغم مع طبيعة الموضوع المطروح ستنفض تظاهرة «جو تونس» غبار الإهمال عن معالم منسية ومجهولة من الجمهور بالرغم من عمقها التاريخي وبعدها الحضاري لتتحول إلى معارض طريفة وفريدة من نوعها تحتضن أعمال أكثر من 38 فنان أجنبي وتونسي. وفي بورصة تونس القديمة (تونس البحرية) وكنيسة العوينة ومطبعة سيريس بمونبليزير ودار بكوش بباب منارة وتربة سيدي بوخريسان(باب منارة) ستكون للجمهور متعة اكتشاف جماليات الفن المعاصر في أروقة تنضح بعبق التراث وعطر التاريخ.
معارض حيّة ولقاءات حوارية
ثلاثة روافد تشكل ثراء تظاهرة «جو تونس» في نسختها الخامسة لسنة 2018 التي تهتم بموضوع التراث. وذلك من خلال تنظيم سلسلة من اللقاءات الحواريّة
التي تجمع المختصين والفنانين والمهتمين... من تونس وخارجها لتبادل الآراء والتجارب و المقترحات بخصوص سؤال التراث من زاويا اجتماعية وسياسية واقتصادية دون إغفال المقاربة الثقافيّة التاريخية.
وتقترح «جو تونس» على جمهورها عروضا للفن المعاصر في أماكن غير مألوفة تحتضن أعمالا فنية أصليّة تنسجم مع موضوع المحور الرّئيسي.
عناصر الطبيعة بإبداع 4 رسامات
النار والماء والهواء والأرض هي عناصر الطبيعة الأربعة التي ستدور في فلكها معارض «جو تونس» في 2018 عن طريق إبداعات أربع رسامات تونسيات.
مع «جو تونس»، سيكون أول مشروع للفنانة مريم بن صالح في تونس مهتما بعنصر الماء من خلال تناول حضور أهمية البحر المتوسط في الفن كعنوان قوة الهوية. وترى هذه الفنانة أن «الرسم هو طريقة أخرى للتفلسف ومخاطبة العالم المحيط بنا عبر انتاجات فنية».
أما الفنانة عزيزة حرمل فستهتم في «جو تونس» بربط عنصر الهواء بغير المرئي في محاولة لسبر أغواره في استلهام من الأماكن المهجورة التي زارتها... ليبحث معرضها في الفرضيات التالية: «هل يمكن أن يصبح فضاء العرض، فضاء مؤقتا حيث يكون العيش المشترك ممكنا؟هل يمكن أن نحتل فضاء ما وأن نمتلك تاريخه؟ هل يمكن أن نسيّس الخصوصي؟».
من جانبها ستعمل خديجة حمدي السوسي على استغلال الجناح المخصص لعنصر الأرض عن طريق الاشتغال على موضوع المتحف الخيالي في إضاءة على الموروث والتراث والمتاحف... في معرضها تتخيل هذه الفنانة الأرض كقطعة سيراميك.
أخيرا، ستكون النار هي محور اهتمام الفنانة أمل بن عطية ليكون هذا العنصر الأكثر «مدنية» حمّال وجوه من العشق، الانتقال، الحب والدمار.
هذا المعرض سيبرز أن « النيران التي نحتفظ بها في أنفسنا ليست سوى الشعلة الأبدية التي تسمح لنا بالمقاومة والتي من خلالها نضمن استمرارية المعرفة حيث أن «بروميثيوس» يحشدنا إلى الحب ويهبط بنا في جميع أشكاله، من تنقية الخلاص إلى حرق غير معترف به».
ومن هنا ستكون محاولة الأجابة عن الأسئلة التالية: «ما هو مصدر وأفق النار التي تسكننا؟ هل هناك حدّ للأساطير المؤسسة، للدمار والولادة الجديدة؟ما هو هذا الأثر، وهذا الرماد، وهذا الشيء سريع الزوال محكوم عليه أن يدوم؟».