من التلفزة التونسية إلى قناة ليبية: الكاميرا الخفية لرؤوف كوكة تنقذ «فنّ المقلب»

ما بين الفكاهة والفجاجة خيط رفيع كالفرق بين الفاكهة الناضجة على المهل والأخرى التي تباع قبل أوانها بفعل عقاقير الزجاجة. ويبقى

فن الإضحاك موهبة وحرفية وليس استسهالا أو تكلفا أو ضحكا على الذقون... لهذا فقد جمهور تلفازات رمضان المتعة في مشاهدة حلقات الكاميرا الخفية في السنوات الأخيرة بعد أن قذف بها المصري رامز جلال في فخ الخوف والرعب... وتحوّلت في تونس على غرار «شالوم» إلى استدراج خبيث النوايا واستنطاق مريب للسرائر... فلم تعد الكاميرا الخفية فسحة من الابتسامة الصادقة بل صارت أشبه بمتاهة بوليسية قد تشبه كل شيء إلا «فنّ المقلب» !

بعد غياب عن الشاشة، عاد رؤوف كوكة للظهور بسلسلة جديدة من الكاميرا الخفية لكن هذه المرة ليس على التلفزة التونسية بل على شاشة قناة ليبية. لكن الحنين إلى كاميرا الإضحاك دفع بالكثير من التونسيين إلى مشاهدة هذه الحلقات ولو جاءت من ليبيا هروبا من كاميرا الإسفاف.

«نجوم» من الناس البسطاء
في سنوات خلت كانت فيها التلفزة التونسية هي ملكة السهرات الرمضانية كان جمهور المشاهدين يتابع بشغف حلقات الكاميرا الخفية التي أبدع رؤوف كوكة في صياغة حكايتها وحياكة حبكتها... فحفظتها الذاكرة ولم تتلفها. واليوم هاهو المتفرج المتعطش إلى إبداع فن الإضحاك دون تشويه يتلقف حلقات الكاميرا الخفية التي أنتجها رؤوف كوكة لصالح قناة ليبية.

بعيدا عن الفخاخ المفخخة والمقالب المخيفة... بقي رؤوف كوكة مرة أخرى وفيا لنفسه ولجمهوره، فحافظ على مبدأ انتقاء «النجوم» لحلقاته من الناس البسطاء دون الحاجة إلى استدراج المشاهير. كما لم يهرع إلى الديكورات الضخمة وبذخ أماكن التصوير بل اكتفى بالشارع والأماكن العامة القريبة من الجمهور العريض. وفي المضمون أيضا لم تغر رؤوف كوكة حيل الخداع الماكرة وسينياروهات الرعب والترهيب فبقي على عهده في توليد الابتسامة من الحكاية البسيطة لتكون في مرورها خفيفة الظل.

تجدد الفكرة هي الوصفة السحرية
لا تكرّر حلقــات الكاميــرا الخفية لرؤوف كوكة نفسها، ولا تعيد فكرتها ... بل تتخذ كل حلقة سيناريو خاصا بها كبرهان على سعة التصور و رهان على التنوع لكسب ثقة المشاهد.

ومن وراء عدسة الكاميرا الخفية سبق وأن تعرّف الجمهور العريض على الفنان الكبير الهادي التركي من خلال حلقة «المعزة « كما اكتشف الأستاذ «حسين فنطر» عن طريق حلقة «متحف باردو» واكتشف المبدعة «جليلة حفصية» بفضل حلقة «الزلابية والمخارق»...

وما بين شاشة التلفزة التونسية في السابق والقناة الليبية في رمضان 2018، بقيت الفكرة هي التيمة الأساسية التي تشتغل عليها الكاميرا الخفية لرؤوف كوكة باعتبارها وصفة نجاح سرية قد تخفي كل عيب أو ضعف في صنع مقالب الإضحاك .

بعد أن أنجز حوالي 1000 حلقة في عالم الكاميرا الخفية وراكم تجربة أكثر من 30 سنة في المجال، لم يبخل الجمهور على رؤوف كوكة بتلقيبه كأحد أبرز رواد الكاميرا الخفية في بلادنا لأنه يحترم المشاهد ولا يتجنى عليه بلطمه بكفوف الإضحاك السخيف كما يفعل الكثيرون باسم الكوميديا وهي منهم براء.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115