من أسرار القرآن في فواتح السور

الناظر في افتتاح سور القرآن الكريم يتجلى له من الأسرار ما يدل على إعجاز

القرآن وأنه احتوى على كثير من الأعاجيب والبراهين… ولنضرب بعض الأمثلة على ذلك ومنها. 

أن الله عز وجل استفتح أربع عشرة سورة بالثناء عليه سبحانه نصف هذه السور افتتح بإثبات صفات الكمال، ونصفها افتتح بسلب صفات النقص وتنزيه الله عز وجل. 

فقد افتحت سبع سور بإثبات صفات المدح خمس منها بدأت بالحمد وهى الفاتحة «الحمد لله رب العالمين»، والأنعام «الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض»، والكهف «الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب»، وسبأ «الحمد لله الذي له ما في السماوات وما فى الأرض»، وفاطر «الحمد لله فاطر السماوات والأرض». 
وافتتح بقوله «تبارك» في سورتين: الفرقان: «تبارك الذي نزل الفرقان»، والملك: «تبارك الذي بيده الملك». 

وافتتحت سبع سور بنفي النقص وتنزيه الله وهي: الإسراء «سبحان الذي أسرى»، والحديد والحشر والصف «سبح لله»، والجمعة والتغابن «يسبح لله»، والأعلى «سبح اسم ربك الأعلى»، فمجيء هذه السور على هذا النحو نصفها إثبات للكمال ونصفها نفي للنقصان سر عظيم من أسرار الألوهية. 
ثم هناك سر آخر وبرهان عظيم في افتتاح السور التي بدأت بالتسبيح، فقد استأثر الله عز وجل بأنه لا يسبح لأحد غيره، ولذلك نجده استوعب جميع جهات وتصريفات التسبيح فبدأ بالمصدر فى الإسراء، وبدأ به لأنه أصل المشتقات كلها ثم الماضي «سبح لله» فى الحديد والحشر والصف لأن الماضي أسبق الزمنين فهو أسبق من المضارع. 
ثم المضارع «يسبح لله» في سور الجمعة والتغابن، ثم الأمر فى سورة الأعلى. استيعابا لهذه الكلمة، فلم يترك لأحد من خلقه شيئا. 

وكذلك افتتاح بعض السور بحروف التهجي وفيه أسرار عالية منها: أنك إذا تأملت الحروف التي افتتح الله بها السور وجدتها نصف حروف المعجم حيث جاءت أربعة عشر حرفا، هذه الأحرف مشتملة على أصناف أجناس الحروف من الهمس والجهر والشدة والإطباق والاستعلاء والانخفاض والقلقة، ثم إذا استقرأت الكلام تجد أن هذه الحروف هي أكثر الحروف دورانا على الألسنة من غيرها، ودليل ذلك أن الألف واللام لما كانت أكثر تداولا واستعمالا جاءت فى معظم الفواتح. 

فسبحان من دقت فى كل شيء حكمته، وقد جمعوا هذه الأحرف في هذا اللفظ الذي يدل على هذا الإعجاز وهو قولهم «نص حكيم قاطع له سر». 

وتأمل السور التي بدأت بالحروف المفردة كيف تجد السورة مبنية على كلمة ذلك الحرف.فمن ذلك: «ق والقرآن المجيد» فإن السورة مبنية على الكلمات القافية: من ذكر القرآن والخلق وتكرار القول ومراجعته مرارا والقرب من ابن آدم وتلقي الملكين والرقيب والقرين والقلب والقرين وغير ذلك من الكلمات التي اشتملت على حرف القاف وهى كثيرة فى هذه السورة. 
وسر آخر وهو أن كل معاني السورة جاء مناسبا لما في حرف القاف من الشدة والجهر والقلقلة والانفتاح وعلى هذا النحو أيضا جاءت سورة (ص) وما فيها من الخصومات واختصام الخصمين وتخاصم أهل النار واختصام الملأ الأعلى وغير ذلك من حرف الصاد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115