لما تضمنه من دعوة صريحة للعنف والقتل وصور سيوف مخضبة بالدماء... فتمّ غلق الجناح العارض ثم إلغاؤه. وفي أجنحة الدورة 34 من معرض الكتاب تسربت الكتب المزوّرة أو المقرصنة فتم التفطن إليها من بين آلاف العناوين لتلاقي مصير السحب الفوري والغلق النهائي للأجنحة التي عرضتها. فكيف انطلت حيل دور النشر المخالفة للقانون على لجنة الانتقاء؟ وما هي معايير قبول ملفات الترشح؟ وهل هي كافية لردّ الأذى وحفظ سمعة معرض تونس الدولي للكتاب؟
إلى غاية يوم 15 أفريل الجاري تتواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 775 ناشرا يمثلون 32 بلدا من ضمنهم 126 ناشرا تونسيا و259 عارضا يمثلون 25 بلدا عربيا وأجنبيا... لكن لم يحترم كل الناشرين والعارضين بنود القانون الداخلي للمعرض.
غلق جناح سوري بسبب كتاب أطفال
في الوقت الذي يحتفي فيه معرض تونس الدولي للكتاب في دورته 34 بعناوين حديثة الصدور وتوقيع كتب جديدة وتنظيم جلسات أدبية وثقافية... سرق كتاب موّجه للأطفال الأضواء من كل هذه المواعيد المهمة ليغدو موضوع الساعة وحديث الشارع. ويحمل هذا الكتاب المثير للجدل عنوان «اللّهم أرزقني الشّهادة» وقد تم تسريبه من طرف دار نشر من سوريا ليتفطن أحد المواطنين إلى مضامينه الداعية إلى العنف والقتل وإلى صوره الصادمة للأطفال إضافة إلى أن غلافه حمل صورة طفل صحبة راية «جبهة النصرة» الإرهابية بسوريا المصنّفة كأحد روافد تنظيم «داعش» الإرهابي... وجاء ردّ هيئة معرض تونس الدولي للكتاب بغلق هذا الجناح السوري في تأكيد لحرصها الشديد على «أن تكون كل المعروضات موافقة للقيم الإنسانية السامية الواردة بالدستور التونسي وللإعلانات والمواثيق الحقوقيّة الدّوليّة».
وبخصوص كيفية وصول مثل هذا الكتاب المتربص بالطفولة، المهدد للسلم والإنسان إلى أجنحة معرض تونس الدولي للكتاب، أفاد «المغرب» عضو لجنة المعرض محمد صالح معالج أن دار النشر المذكورة قدمت مطلب مشاركة لسلسلة من كتب الأطفال ولم ترشح عنوان الكتاب مفردا وإلا لما كان من الممكن قبوله والسماح له بالمشاركة في معرض تونس الدولي للكتاب.
غلق جناح مصري لترويجه كتب مزوّرة
ليست فقط الكتب المحرضة على العنف، الداعية إلى الكراهية، المستفزة للأديان... هي فقط المرفوضة والممنوعة في معرض تونس الدولي للكتاب بل كذلك الكتب المزوّرة والمقرصنة. وفي هذا السياق أفاد عضو لجنة معرض تونس الدولي للكتاب محمد صالح أن ترويج مثل هذه الكتب غير مقبول وغير مسموح به على الإطلاق مضيفا في تصريح لـ«المغرب»: تمّ رصد وجود كتب مقرصنة في أجنحة أربع دور نشر في دورة هذا العام من معرض الكتاب فوقع سحبها مباشرة من الدور المذكورة باستثناء جناح «مكتبة زهران» من مصر الذي تمّ غلقه نهائيا لأنه توّرط في بيع كتب مزوّرة على غرار مؤلفات نزار قباني وأغاثا كريستي... في اعتداء صارخ على حقوق النشر والملكية الأدبية والفكرية لأصحابها».
وأشار رئيس اتحاد الناشرين محمد صالح معالج إلى أن تفشي ظاهرة الكتب المقرصنة التي تنشد الربح المادي على حساب إلحاق الضرر بالكتاب ليس بمعزل عن تونس. وقد تمّ رصد دور نشر تونسية متورطة في هذه القضية والموضوع بصدد المتابعة.
انتقاء بمعيارين: عنوان الكتاب واسم المؤلف
كيف يتم انتقاء عناوين الكتب التي تؤثث أجنحة معرض تونس الدولي للكتاب؟ ما هي معايير قبول مطالب ترشح دور النشر؟ عن هذه الأسئلة أجاب عضو لجنة الانتقاء ورئيس اتحاد الناشرين التونسيين محمد صالح معالج بالقول: «ترد العديد من مطالب الترشح إلى معرض تونس الدولي للكتاب عن طريق إرفاق ملف الترشح بقائمات الكتب، فتتّولاها لجنة مختصة ممثلة من كل الأطراف المتداخلة من ممثلي وزارة الشؤون الثقافية والأكاديميين والمثقفين والهياكل المهنية... وباعتباري عضوا في هذه اللجنة كممثل عن اتحاد الناشرين فأؤكد أننا كنا بالمرصاد للعديد من دور النشر التي تصدر كتبا محرّضة على العنف ومتبنيّة للفكر الداعشي الإرهابي... فتمّ استبعادها كليّا من المشاركة في معرض تونس الدولي للكتاب. وعن مقاييس الانتقاء التي تعتمدها اللجنة أشار معالج إلى أنها تعتمد أساسا على معيارين اثنين وهما عنوان الكتاب واسم المؤلف بالعودة إلى القائمات التي ترسلها دور النشر. ويحدث أن تقدم دور النشر عناوين وهمية أو أن تكون هذه الدور بدورها وهمية لذلك حاولنا التصدي لهذا التلاعب من خلال اشتراط إرفاق ملف الترشح بوثيقة تثبت السلامة القانونية لدار النشر على غرار السجل التجاري عندنا في تونس. وفي الوقت التي أصبحت فيه بعض المعارض تشترط أن تكون دور النشر منخرطة في اتحاد الناشرين العرب كضمان لجديتها ومصداقيتها... فإنّ هذا الإجراء غير معمول به في تونس».
ومن الإشكالات الكبرى التي تؤثر سلبا على حسن تنظيم معرض تونس الدولي للكتاب حسب رئيس اتحاد الناشرين التونسيين محمد صالح معالج هي غياب الهيئة القارة للمعرض مما يحول دون استعداد جيّد وإعداد محكم طيلة السنة لهذا العرس الوطني للكتاب.