في القاعة الحسينية بالمتحف الأثري بسوسة: ليلة الشعر والحنين : الشعر عطاء و الموسيقى قبس أمل متجدد

تماهت الفنون اجتمعت الاحلام وتشكلت واتحدت لتكون لوحة فسيفسائية

يقودها الشعر وتشرف على سحرها الموسيقى سيدة المكن والزمان اما الفن التشكيلي والالوان فكانت عنوانا للحياة وقبس امل زين جدران القاعة الحسينية بالمتحف الاثري بسوسة لتقدم للزوار الفرجة الحلوة والنغم الرقيق والكلمة الساحرة.
في فضاء عبقه التاريخ كان لقاء ابناء سوسة مع «ليلة الشعر والحنين» ضمن فعاليات ايام قرطاج الشعرية لقاء مختلف حضرت فيه كل الفنون لتمتع الزائر بحلو الكلام وسحر النوتة وجمالية حركات الريشة والجسد.

للكلمة عنوان للامل
كلمات رقيقة بعضها غزلي وبعضها يتحدث عن الوجيعة والالم، لكل منهم علاته مع الكلمة، اختلفت كتاباتهم اختلاف افكارهم ورغمها اجتمعوا ليمتعوا الحضور باجمل الغزال وسحر الشعر في الحب والوطن.
في مكان غير المعتاد، بعيدا عن الجدران وبهاء الألوان والتقديم التقليدي للامسيات الشعرية قدمت سهرة الشعر والحنين، في القاعة الحسينية بالمتحف الاثري بسوسة قاعة فيها الكثير من السحر، سحر في استقبال الضيوف «المشموم والفل» والجميع يلبس اكسسوار تونسي، في عبق الفل والتاريخ فاحت الكلمات كياسمين تونسي تتنشي معه الروح سحرا ودلالا.
في مكان يحملك عنوة الى الخيال والتفكير وأمام ألوان اللوحات التشكيلية المتباينة وسحر اللباس التونسي وكل تلك الألوان الجميلة كما الشعر مطية لقصائد مع حسيبة صنيد وعمر دغرير وعائشة المؤدب وصالح السويسي ونفيسة التريكي وامنة الرميلي ومحمد المثلوثي وعائشة الخضراوي واضية الشهايبي وسهام صفر واسيا الشارني وسفيان رجب ومنجي الدوكالي وجلال باباي جميعهم قالوا اجود الكلمات وامتعوا الحضور بسحر الكلمة.
لكل شاعر خصوصيته ولكل كلمة سحرها في ليلة الشعر نجد صالح السويسي يحدثنا عن الامل ويدعو كل موجوع للنهوض من وجعه وتحويله الى قوة ويقول:

«حزين بما يكفي
لانثر حبات الضوء في كل سماء
واشعل اصابع الليل كي تسيل الوان واضواء
حزين بما يكفي

كي ارمم احزان الطفولة
واعيد تركيب الحروف وتلوين اللغات
الامل يولد الحب عادة، حب المرأة والذوبان غزلا في جمالها وسحرها ستكون فاكهته ارق كلمات الغزل واجملها، ازهر الامل مع كلمات السويسي وحملنا عمر دغرير الى عالمه الغزلي الى كلمات الحب والحنين وفي حضرة الشعر تكون الكلمة الرقيقة رمزا للحنين ليقول :

في مثل هذا اليوم كانت أولى همساتي اليك
أرسلتها مع النسيم لتزهر في شفتيك ..
و في مثل هذا اليوم فتحت نافذة الشعر

فاخضوضرت كل الحروف في وجنتيك
و حين اقتحمت قصائدي بياض الصفحات صمت البوح فيها طويلا
و كان اللقاء على ربوة الحلم ينحت أجمل الكلماتْ ...

أنا لا تهمني المفردات التي تذبحينها على وجعي ...
فحزني فاحت مرارته في عينيك ....
وانتظري صرخة صمتي المفعمة بالحياة
فقد لا أحتاج الى دموعك حتى أستحم
اختلفت القراءات فسحر المكان الهمهم ليبدعوا وليقولوا ارق الاشعار، حلو الكلام امتع الجمهور في فضاء له سحره زين بالقناديل الملونة ولالوانه الجميلة مسحة امل على محيا الحضور.

انا المرا...انا تونس
في حضرة الكلمة تنتفي كل الفنون، في حضرة الشعر وسحر لغته ورقة كلماته تحضر المتعة، هي امرأة تونسية كاتبة وقاصة وروائية وشاعرة لها احساس مميز لكلمتها وقع البلسم على نفوس الحاضرين كلما كتبت او قرأت دفعتك للمزيد من البحث، تونسية الهوى والروح والانتماء في كل كتاباتها تنحاز للتونسي، تنحاز للمهمشين والمنسيين، تنحاز للوطن وتقول دوما ان المرأة وتونس متشابهان تجمعهما القوة والسحر وفي القاعة الحسينية قالت اجود الكلمات، الدكتورة امنة الرميلي لحضورها بريقه الخاص لكلماتها وقع اخر تماما كما رذاذ المطر او صوت الموج غير البعيد لتونس قالت قصيدا تغزّلت فيه بكل ولايات الوطن ونذكر منه:
انت مْنينْ؟ قُلِّي بربّي إنت منين؟

آنُو ماء خلِّطْ بَدنكْ، وآنُو طينْ؟
إنت منينْ؟

هَا اللّون الرّاقص في عيونكْ
وها السّحر الغافِي في جْفونِكْ

جِبْتُو منينْ؟
ما تْقُلّيشِ من القصْرينْ!

نَبْتة فَوّاحة تتْمايِلْ
ما تتْقلِّعْ مهْما تلينْ..

والاّ ولد رْبَطْ مْهنْكرْ!
مايلْ كبّوسْ وياسْمينْ..

يمكنْ تطْلعْ ولْد الكافْ!
على كْتافُو تاريخْ سْنينْ..

وإلاّ من برْج المهديّة!
تحْكي على عِزِّ الجّدّينْ..

تنجّمْ من سلْيانة تْكونْ!
ربيعْ خْضارْ وجوّ حنينْ..

وإلاَّ من بنْزرت الزِّينة!
رمَلْ مْذهّبْ على الشّطّينْ..

قلّي، قلّي..إنت منينْ؟
تطْلعْشِ من برّ الصّحراء!

دوزْ النّخلة وتطاوينْ..
وإلاّ من قابِسْ العرُوسة!

حنّة وتْمرْ عْراجينْ..
أما يظهر لِي من زينكْ

إنّك بوزيدي ومْتينْ
..
قلّي عيشكْ إنت منينْ؟

من جندوبة زعمة إنت!
قلبك غابة زانْ وزينْ..

وإلاّ شاربْ سكّر باجة!
نبتة حلوّة عليّ تْميلْ..

روحكْ كاينْها قفصية!

للوطن انشدت كلماتها ولوحدة تونس قالت قصائدها كلمات تحدثت فيها الشاعرة عن سحر كل شبر من ربوع هذا الوطن، سيدة «توجان» امنة الرميلي ابدعت وتميزت في سهرة الشعر والحنين وكانت وفية لتونس في كل كلماتها.

في حضرة الموسيقى تزهر أوراق الحلم
الموسيقى شدو الملائكة هي صوت الحب النابض فينا للموسيقى سحرها وبريقها هي كزهيرات بنفسج بري كلما قاومت ازدادت جمالا في القاعة الحسينية انفتح الشعر على بقية الفنون، في حضرة الشعر كانت الموسيقى سيدة المكان ايضا وقبل كل قراءة شعرية يكون الموعد مع ارق النغمات واعذبها، في المتحف وصداه وتاريخه عزف وجدي مزالي على الة القانون نغمات رقيقة وهادئة كهسهسات طفل صغير او همسات عاشق اما عود منى العماري فله صوت زرياب والموسيقى العربية الاصيلة بصوتها تسافر الحضور الى قرطبة والاندلس وقصر الحمراء تتجول في ربوع المكان وتستحضر امجادهم الموسيقية مع سحر العود تجدك في مجلس ولادة بنت المستكفي تقول شعرا وتعزف اجمل الموسيقى.
وللايقاع حضوره ولنغماته صوت الحياة يوقظك من غفوتك ويقطع عنك رحلة الخيال ليرجعك الى الواقع حتى تستمتع بالموسيقى وجمالها.

ولان الرقص حياة ولان لغة الجسد هي لغة العاشقين لكل حبيبات الامل ولان للجسد حكاياته وقصص له وحده القدرة على روايتها قدم ابناء دار الثقافة القلعة الكبرى وصلات كوريغرافية جمعت بين الرقص المعاصر والتقليدي جميعهم يلبس الزي التقليدي من «الشاشية» الى «مريول فضيلة» و « الحرام» في شكله العصري رقصوا مع نغمات العود وباجسادهم عانقوا همسات القانون، مجموعة من التلاميذ سبق لهم ان تميزوا في تظاهرة الركح المفتوح بالقلعة الكبرى، مجموعة متناسقة يعملون وكانهم جسد واحد.

في ليلة الشعر والحنين كانت الكلمة سيدة المقام، الكل يقول اجود الكلمات تنافسوا ليمتعوا الحضور وليقولوا قصائد عن الحب والغزل بعضهم مقنع وله قابلية ولكلامه طعم العسل وسحر اللون وبعضهم فقط يقول فقط مجرد كلام موزون لا غير دون صورة شعرية او معنى وفي جميع الحالات يبقى للكلمة الممتعة حضورها وللشعر سحره متى توفرت عوالم اخرى ترافق المبدع فمتى حضرت الموسيقى يكون الشعر ابهى.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115