والغادين، للمقيمين وللعابرين قبل أن تتطفل يد عابثة على هذا الرسم الجداري لتنال عن جهل أو غواية وكأنّ على عينيها غشاوة من «قدسية» هذا العمل التاريخي فتستبدل هذه المتعة الجمالية، المجانية بلوحة إشهارية مدفوعة الأجر والثمن !
نعم، يحدث في صفاقس، عاصمة الثقافة أن يُهان الإبداع ويُغتال الفنان في «خبطة عشوائية» في عرف سلطنة المال حيث يُباع الجمال بأبخس الأثمان ويُستبدل الرسم بالدينار ... وكأن بأصحاب هذه الفعلة «الفظيعة» قد استكثروا على الفنان الكبير، الرّاحل زبير التركي أن يحتل بفنّه تلك الواجهة الإستراتيجية في قلب المدينة، فسوّلت لهم أنفسهم الاستيلاء على المكان واستبدال التحفة الفنية بلوحة إشهارية تدر المال والأرباح وفق منطق «الغنيمة» !
والغريب أنّ هذه الأيادي «المذنبة» قد غاب عنها وهي تزيل منحوتة زبير التركي من على الجدار الخارجي لمكتب البريد أنه لولا التأمل والسفر في رسوم هذا الفنان الرائعة على الجدران الداخلية للمكان لما هان على حرفاء مكتب البريد المركزي بصفاقس طول الانتظار والصبر على تردي الخدمات البريدية... فهل هكذا يكون جزاء الإحسان واحترام الفنان؟