في التدشين الرسمي لمدينة الثقافة: حلم تحقّق... وحفل أخفق !!

«هي لحظة ليست كاللحظات. هو يوم ليس كسائر كالأيام في فضاء لا يشبه سائر الفضاءات. هو حلم يتحقق لمدينة كانت بالأمس عصيّة فمالت واستمالت

وأصغت للحب والهوى عاشقة طيّعة لأنّ الهوى هو الحياة ولأنّ دروب الشوق لا تزال سخيّة». بهذه الكلمات شاء وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين أن يعلن عن الافتتاح الرسمي لمدينة الثقافة مساء الأربعاء 21 مارس 2018. فهل كان حفل الافتتاح في مستوى آمال وأحلام تأجلت لأكثر من عشرين سنة؟
حمل التدشين الرسمي لمدينة الثقافة إمضاء رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي صرّح إثر نهاية حفل الافتتاح الرسمي لمدينة الثقافة بالقول:»يجب أن يشعر كل تونسي بالاعتزاز لهذا الإنجاز العظيم الذي تحقّق بعد صعوبات تجاوزناها، فلأوّل مرة يتّم إنجاز مشروع بهذا الحجم بقطع النظر عن تكاليفه المادية لأن معانيه أوسع وأهمّ وأكبر...».

حدث تونسي بافتتاح أجنبي!
بعد سنوات طويلة من التعطّل، من التعسر والتعثّر... تحقق الحلم واكتمل مشروع مدينة الثقافة الذي تم الإعلان عنه منذ سنة 1992 بموجب قرار رئاسي لينتهي سنة 2018 بعد سنوات من التأخير والتأجيل والتوّقف... وإن انتظر الكلّ تدشين مدينة الثقافة لتكون منارة إشعاع لسيرورة وحراك مختلف الفنون في تونس، فقد كان من المفترض والواجب أن يكون حفل الافتتاح الرسمي لمدينة الثقافة في حجم هذا الحدث الكبير وهذا المكسب الوطني الثمين.

على إيقاع أوركستر أصوات أوبرا تونس المحدث ضمن قطب الموسيقى والأوبرا بمدينة الثقافة وبمشاركة الأوركستر الوطني للراديو والتلفزيون الأكراني بقيادة «فلوديمير شايكو» كان افتتاح مدينة الثقافة. أكثر من 160 عنصرا توّزعوا على ركح مسرح الأوبرا، ليستحضروا أوبرا «كارمن» الشهيرة لجورج بيزيه بمشاركة كل من الفنانين ذائعي الصيت أميرة دخلية وهيثم الحذيري وحمادي لاغا.

وإن كانت سهرة الأوبرا ممتعة لدى البعض، فإن الكثير من الحضور لم يستسيغوا هذا الاختيار الفني لحفل الافتتاح في افتقاد لهويتنا الموسيقية وبصمتنا التونسية الصرفة في حدث وطني بامتياز. ولعلّه ما يفسر موجة التصفيق العالية التي رافقت صعود الفنان التونسي الكبير لطفي بوشناق على الركح وكأننا بالجمهور وجد شيئا منه في هذا الصوت الذي يشبهه وإليه ينتمي...

وكما كانت انطلاقة حفل الافتتاح، كانت النهاية على إيقاع النشيد الوطني التونسي ولكن بشكل جديد في توزيع أركسترالي لعياض اللبان.

وقد كان بالإمكان أحسن مما كان في حفل افتتاح مدينة الثقافة الذي كان من شأنه أن يكون ركحا مفتوحا لتسويق لوحة فنية تونسية قلبا وقالبا، فكما بدأ الحلم تونسيا كان من الأفضل أن ينتهي تونسيا!

احتفال دون أهل «المدينة»؟ !
لا شك أن افتتاح مدينة الثقافة هو لحظة تاريخية أنصفت أهل الفن والإبداع وثأرت لعقود من تهميش الثقافة هياكل ومؤسسات وفضاءات... لكن هذا «العرس» كان منقوصا ومفتقدا لأسماء كبيرة وتجارب ثرية في مختلف مجالات الفنون والثقافة. وقد أعلن عدد من الفنانين صراحة عن استغرابهم من عدم مدهم بدعوات لحضور حفل افتتاح مدينة الثقافة بما هي حدث ثقافي بامتياز. وإن غصّت المدارج بوجوه فنية معروفة بحضور صابر الرباعي والفنان اللبناني مارسيل خليفة... فقد احتل السياسيون نصيبا مهما من الكراسي في افتتاح مدينة الثقافة بحضور رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر ورئيس الحكومة يوسف الشاهد وأعضاء الحكومة ونواب الشعب إلى جانب عدد من السفراء وممثلي السلك الديبلوماسي...

وما بعد حفل الافتتاح ونصب التدشين يبقى من المهم التعجيل في الانتهاء من وضع القانون الأساسي لمدينة الثقافة حتى تكتسب الشرعية في تسييرها الإداري والمالي ومرونة في التصرف في مختلف فضاءاتها الثقافية والتجارية... وعسى أن تكون مدينة الثقافة حقا صوتا للجهات وركحا للشباب.

مكوّنات مدينة الثقافة
يقع المشروع في شارع محمد الخامس على مساحة تقدر بـ 8,6 هكتار وتتكون مدينة الثقافة من تسعة مكونات وظيفية هي:
 • 3 مسارح، مسرح الأوبرا 1800 مقعد، مسرح الجهات 700 مقعد، مسرح المبدعين الشبان 300 مقعد.
• مكتبة متعددة الوسائط مساحتها 2376 م².
• القطب السينمائي مساحته 1391 م² يتوفر على، قاعة تتسع لـ350 مقعدا وقاعة 150 مقعدا.
• دار الفنانين مساحتها 2336 م².
• المركز الوطني للكتاب.
 • المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر مساحته
4711 م²
• استوديوهات الانتاج الخاصة بفنون المسرح والموسيقى والرقص الفني.
• الإدارة العامة تمسح 2452 م².
• برج الثقافة مساحته 840 م² وارتفاعه 60 م.

مدينة الثقافة من التخطيط إلى التنفيذ
• 1992 : قرار رئيس الدولة بإنشاء مدينة الثقافة بالعاصمة.
• 1994 تخصيص ميزانية قدرها 120 مليون دينار لبناء مدينة الثقافة.
• 2006 انطلاق الأشغال بمدينة الثقافة بعد أن فازت شركة مقاولات تشيكية بطلب عروض دولي. وتم تحديد سنة 2008 كأجل أقصى لإنهاء المشروع.
• 2008 عجز الشركة التشيكية عن إتمام المشروع، فتم تمديد تاريخ إنهاء العقد إلى نهاية جوان 2010.
• 2011 إيقاف الأشغال بسبب استحالة إتمام المشروع وعجز المقاول التشيكي عن الإيفاء بتعهداته... ممّا انجر عنه إلغاء العقد مع الشركة التشيكية.
• 2015 أطلقت وزيرة الثقافة السابقة لطيفة الأخضر طلب عروض دولي لإتمام المشروع بدل المقاولة التشيكية.
• 2016 استئناف أشغال مدينة الثقافة بعد أن تسلمت مقاولة تونسية المهمة.
•21 مارس :2018 الافتتاح الرسمي لمدينة الثقافة بكلفة 150 مليون دينار. 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115