وهو الذي علّمنا أن الموسيقى حرية والأغنية ثورة والكلمة مقاومة... والفن رسالة حياة. وبكل شوق وحب، يعود مارسيل خليفة مرّة أخرى إلى تونس فيقول:»الذكرى ما تزال عذبة وحلوة لتلك الياسمينات البيضاء الأولى التي ضممتها بعينيّ في قرطاج».
تقديرا لتميّزه على الساحة الفنيّة وإسهامه في النهوض بالأغنية العربية الملتزمة نصرة للقضايا الإنسانية العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، منح رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الفنان مارسيل خليفة الصنف الأول من الوسام الوطني للاستحقاق بعنوان قطاع الثقافة. وذلك يوم أمس الاثنين 19 مارس 2018 بقصر قرطاج بحضور وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين.
مارسيل خليفة ووسام الرئيس بورقيبة
وسط أغنيات محلّقة في سماوات الحلم وحمائم سلام تحطّ وتطير... سار الفنان اللبناني مارسيل خليفة إلى القصر الرئاسي ليتسلّم الصنف الأول من الوسام الوطني للاستحقاق الثقافي.
وقد رافقت جريدة «النهار» اللبنانية الفنان اللبناني مارسيل خليفة إلى القصر الرئاسي بقرطاج فنقلت عنه التصريح المصوّر التالي:»إنّ تونس هي بلد ثقافي بامتياز. ليس فقط الآن بل منذ البدايات... فمنذ جئتها في الثمانينات وأنا في بداية مشواري لأحيي أوّل حفل لي على أرضها، احتضن الشعب التونسي الموسيقى التي قدمتها بالرغم من أنها لم تكن مألوفة. كان هذا الجمهور يحفظ اللوحة الفنية كلّها وكان يردّدها ويغنّيها أو يشارك معنا بالصمت. في ذلك الوقت جئت إلى تونس لأقدّم حفلا في مهرجان قرطاج الدولي كان قد حضره 15ألف متفرج فإذا بي أحيي ثلاث حفلات متتالية على ركح قرطاج وأجوب 24 مهرجانا في 24 مدينة في ظرف شهر ونصف...».
في حنين إلى الذكريات الأولى ووفاء إلى بلد أحبّه وأكرمه ومنحه أوسمة التتويج، أضاف مارسيل خليفة بالقول: «وحتّى أصف لكم كم هو هذا البلد ثقافي بامتياز، فدعوني أسرد عليكم الحادثة التالية: لدى قدومي لأول مرة إلى تونس في الثمانينات، انتبه الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة بأنّ هنالك شيء غريب يحصل في البلد. فلما سأل عن ذلك، قالوا له بأنه هنالك شاب
صغير قادم من لبنان وكل الشعب التونسي يلاحقه... فقال لهم: امنحوه وسام الاستحقاق الثقافي. وفعلا تمّت دعوتي إلى القصر الرئاسي، فأتيت وأنا أرتدي ما ألبسه على المسرح من «جينز وتي شورت». فأوقفني مدير التشريفات وسألني: أين «الجاكيت»؟ فأجبت: ليس عندي ما طلبت؟ فقال: إذا كيف سيعلّقون لك الوسام ؟ وقام بنزع سترته وألبسني إياها ودخلت القاعة لأتسلم الوسام. وعند خروجي، استوقفني مرّة أخرى مدير التشريفات وقال لي: أين «الجاكيت»؟ فأجبته مازحا: أتريدها بوسام أو دون وسام؟ واليوم حين أبلغني مستشار الرئيس حسان العرفاوي بأن تونس ستمنحني وساما رفيعا قلت له اطمئن لقد جئت ببدلة».
وعن علاقته بتونس، أضاف مارسيل خليفة:» صدقا أشعر بأني موجود في نسيج الشعب التونسي. فبين تونس ولبنان تاريخ مزدوج ومشترك وهو ما أكدّه لي رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لدى توسيمي. فقد أريد أن أوصي التونسيين بالعمل على حماية الثورة التونسية النظيفة من أجل تحقيق المطالب التي نادي بها الشباب من شغل وحرية وكرامة وطنية... وأهدي هذا الوسام إلى الشعب التونسي».
مارسيل خليفة في «مدينة الشهداء»
لأنه غنّى للحرية وعن الإنسان الحر، يحضر مارسيل خليفة بتونس ليشاركها الاحتفال بالذكرى 62 لعيد الاستقلال الوطني. وفي هذا السياق ينظّم فرع اتحاد الكتّاب التونسيين بالقصرين الذي ترأسه الشاعرة ضحى بوترعة بالتنسيق مع عدد من الأطراف بالجهة تظاهرة ثقافية بحضور الفنّان اللبناني مارسيل خليفة ومجموعة من الشعراء والفنانين والمثقفين ...
ويقـــدّم مارســـيل خليفة خلال حضوره بمدينة الشهداء القصرين محاضرة تحت عنوان «الحرّية والإبداع» انطلاقا من تجربته الإبداعية . كما سيتم تكريم المبدع مارسيل خليفة إلى جانب تنظيم جولة سياحية في مدن القصرين الأثرية ليكون اختتام هذه التظاهرة بسهرة فنية مع فرقة البحث الموسيقي بالموقع الأثري بسبيطلة.
وعن حياة مارسيل خليفة ورحلته مع الفن، يعكف الإعلامي عماد دبور على إعداد وثائقي عن هذا الفنان رافقه فيه عبر عدد من المدن من بيروت إلى القاهرة وأخيرا إلى تونس.