مرايا وشظايا: السيدة «نعمة»... نعمة!

في بهجة الفراشة برحيق الزهرة، ودفء الشمس في صقيع الشتاء، وعذوبة الماء في أفواه العطشى...

ينساب صوت «نعمة» بكل نعومة ليدغدغ الإحساس والشعور في لحظات من المتعة الخالصة. في صوتها مرافئ شجن وسحر تحطّ فيها السنونوات وترقص البلابل وتغرد العنادل... فإذ ا بأغانيها نشوة وفتنة ونعمة.
«تمنيت وصبرت وشقيت ومليت بالحب كاسي...» هكذا شدت السيدة نعمة في أغنية ‘توسمت فيك الخير». وقد يكون من المشروع استعارة هذا المعنى في الحديث عن السيدة النعمة وهي التي شقّت بالصبر والتعب درب الفن الشائك في ذلك الزمن وتلك الظروف لتجني ثمار هذا المشوار الطويل، الثري كل الحب من أجيال تربت على أغانيها ولازالت إلى اليوم على العهد مع أغاني قامة شامخة من أغاني الفن في تونس.

مؤخرا، أدى وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين بطلب من رئيس الحكومة يوسف الشاهد زيارة إلى السيدة نعمة بعد أن كان الوزير قد زارها في مناسبة سابقة، وقبله كان بيت السيدة نعمة وجهة جلّ الوزراء ما بعد الثورة على غرار مراد الصكلي ولطيفة الأخضر وسنيا مبارك... وبين معايدة وأخرى وباقة ورد وعطر، كانت الابتسامة العذبة لا تفارق محيّاها وهي التي لم يهزم فيها تقدم العمر ولا فعل الزمن ووجع المرض روح البهجة والمسرّة المتناثرة كحبات اللؤلؤ في كنز أغانيها الثمين.

ولعل ما يقلق السيدة نعمة أكثر من السقم هو الجحود والكفر بنعمة السيدة نعمة... وهي التي لا تتواني في كل مناسبة عن رجائها الوحيد ببث أغانيها الشهيرة والأخرى المغمورة وهي صاحبة حوالي 600 أغنية. والأكيد أنّ نعمة ليست فقط أغنية «ليلة العيد» !

وكما ظلت السيدة نعمة وفيّة لهويتها التونسية وفضلت مسارح تونس على الهجرة الفنية والسفر إلى مصر أو الخليج... فإن هذه الفنانة الكبيرة بقيت في كل مناسبة تتيح لها الكلام توصي أجيال اليوم والغد بأمانة الحفاظ على الموروث الموسيقي والتعريف بالعصر الذهبي للأغنية التونسية وعدم تجاهل بث أغاني رموزها على غرار علي الرياحي وعليّة ويوسف التميمي والهادي قلال والصادق ثريا وصفية شامية... والقائمة تطول.

وفي زمن سيطرة موجة الفنانين «من ورق» وأشباه المطربين... يحق لنا أن نحمد الله على نعمة السيدة «نعمة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115