حتى انطلقت الحملة المعتوهة ضد التلفزة والبرنامج وصاحب البرنامج. وانسلت سيوف التوّعد والوعيد ملوّحة بـ«ممنوع» في وجه برنامج «مش ممنوع». أمام هذا التحريض ممن نصبوا أنفسهم أوصياء على الدين، كان التهديد الصريح بالقتل للإعلامي والدكتور في أنثروبولوجيا الأديان عماد دبور؟!
أكثر من ضيف وأكثر من بلد في ضيافة برنامج «مش ممنوع» لعماد دبور على قناة الوطنية الأولى. ولكن بمجرد انطلاقه حتى هبّت أصوات التكفير من مضاجعها لتصدر الفتاوى على هواها...
«رغدة» أوّل ضيفة في «مش ممنوع»
مع «رغدة» كان اللقاء في حوار النقاء والصفاء على شاطئ البوح والشجن... في أولى حلقات برنامج «مش ممنوع» على القناة الوطنية الأولى في سهرة الاثنين 5 فيفري الجاري في حدود الساعة العاشرة ليلا. «مش ممنوع» برنامج من إعداد وتقديم عماد دبور وإنتاج «لايت هاوس».
في «مش ممنوع» فتحت الفنانة رغدة خزانة ذاكرتها وكتاب ذكرياتها... لتسترجع البدايات ولحظات النجاح طيلة مسيرتها الفنية. وعن السينما ونور الشريف وأحمد زكي انسابت عبارات الوفاء والحنين والحب على لسان رغدة. وسواء تحدثت في السينما أو في السياسة عن علاقتها بصدام حسين وبشار الأسد... فقد كانت رغدة المرأة صاحبة الموقف والأبيّة، الحرة... و«لا أجمل من امرأة حرّة»!
وإن حصد برنامج «مش ممنوع» في أولى حلقاته كما هائلا من الاستحسان والإعجاب، فقد أثار على الضفة الأخرى الجدل وكان موضع شتم وتكفير وتحريض على العنف.
البشير بن حسن يتوّعد «مش ممنوع»
بعيدا عن التقييم الموضوعي لبرنامج «مش ممنوع» لعماد دبور، انصرف البعض إلى السب والشتم والمطالبة بإيقاف البرنامج مستندين إلى ذرائع أوهن من خيط العنكبوت. وكعادته لم يتخلف «الشيخ» البشير بن حسن عن فرصة الظهور في ثوب المدافع عن الإسلام ليقول على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» ما يلي :»تخصيص القناة اللاوطنية التونسية برنامجا للداعي الى التنصير عماد دبّور جريمة في حق الإسلام والشعب المسلم ترقبوا الرد يا خونة! «كما أضاف: «أدعو المسمى عماد دبور إلى مناظرة على المباشر في الوطنية ليبيّن لنا زيف الإسلام وصدق النصرانية!».
وأمام هذه الحملة المسعورة، لم يكن وحده الدكتور في أنثروبولوجيا الأديان عماد دبور في مرمى سهام العنف اللفظي والمعنوي بل وصل الأمر بحملة طبول الفتنة إلى إعلان الحرب على التلفزة الوطنية باعتبارها طرفا في «مشروع تبشيري يدعو إلى اعتناق المسيحية لأن
عماد دبور معدّ ومقدم البرنامج مسيحي الديانة» ...
وردا على كل هذا وذاك، أفاد عماد دبور مباشرة من القاهرة في تصريح لـ»المغرب» بالآتي:» صدقا لا أملك وقتا للكره بما هو طاقة سلبية بل أبحث دائما عن السلام والتسامح وأحاول ألا أضيع الوقت في الترهات وسفاسف الأمور من أجل التفرغ للعلم والمعرفة. ولكن ما يؤلمني هو أن أقذف بالباطل وأن أهاجم كذبا وبهتانا... في بلد يضمن دستوره حرية المعتقد ويجرم قانونه التكفير !؟ إن اعتقادي الديني هو شأن خاص يعنيني لوحدي أما عن الإسلام فقد كنت من المدافعين عن الدين وحرية الضمير والمعتقد وخصصت حلقات في برامجي السابقة وكذلك سأخصص في برنامجي الجديد «مش ممنوع» للحديث مع شيوخ عن الدين والإسلام. ما يهمني تأكيده هو أنني تونسي بكل تفاصيلي وفي كل فصولي... ولا أقبل أن يزايد أي كان على محبّتي وإخلاصي لوطني».
«رغدة» تستفز دعاة الظلامية
وإن واجه عماد دبور مع برنامجه السابق «ممنوع» الذي بث على قناة «التاسعة» هجمات مماثلة، فيبدو أن ظهور رغدة في أولى حلقات برنامجه الجديد «مش ممنوع» على الوطنية الأولى كان شرارة قادحة لإشعال فتيل الحملة ضده وضد مؤسسة التلفزة التونسية، حيث يقول عماد دبور:» من المؤسف أن أتلقى تهديدا بالقتل في ذكرى استشهاد شكري بلعيد ويبدو أن هؤلاء لا يتعلمون من الدروس أبدا ! وأعتقد أن ما أزعج المتهجمون على شخصي وبرنامجي دون سبب منطقي هو أن ضيفتي الأولى كانت امرأة وليست أية امرأة، إنها رغدة صاحبة الموقف الحر والمخالف لهم في علاقتها بقطر وبشار الأسد... وسبق أن استضفت نوال السعداوي فكان ما كان من الهجوم المجاني لا لشيء سوى أن صوت المرأة الحرة يزعجهم... في الوقت الذي يصمتون فيه عن جرائم إسرائيل!».
لماذا اختار عماد دبور أن يقدم برنامجه الجديد «مش ممنوع» على قناة الوطنية والحال أن العديد من القنوات العربية ترحب في كل مرة ببث برامجه؟ كانت إجابة عماد دبور لـ«المغرب» في ما يلي: «لقد لبيت نداء الواجب بعيدا عن حسابات الربح والمادة. وأردت أن تكون التلفزة التونسية محط أنظار واهتمام ومتابعة الجماهير في كل البلدان العربية باستضافة أسماء كبيرة ونجوم عالمية في الفن والأدب وكل مجالات الإبداع. كما كان هاجسي التسويق لصورة تونس كعاصمة للتسامح والانفتاح والتعدد في كل مظاهره... كما كانت على امتداد الحضارات والعصور».