لأنه زرع الحياة في الجبل المزروع بالألغام: الفنان عدنان الهلالي متهم بالإرهاب !؟

كان الخبر أقرب إلى الإشاعة أو النكتة منه إلى الحقيقة المضحكة المبكية... فقد تم استدعاء الفنان والكاتب والناشط الثقافي عدنان الهلالي

من طرف الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب بثكنة القرجاني للمثول أمامها صبيحة اليوم الأربعاء 31 جانفي 2018 بتهمة «الإرهاب»! وهو ما أثار الاستغراب والاستنكار باعتبار أن عدنان الهلالي زرع الحياة في الجبل المزروع بالألغام ونثر زهور الفن والثقافة في تلك المناطق الخطرة المنسية...
هناك ما بين جبال الشعانبي وسمامة والمغيلة والسّلوم، استمات عدنان الهلالي في تحويل الصمت الرهيب والحذر الشديد إلى لوحة فنية صاخبة بالألوان، بالأمل، بالحب... وتقديرا له على جهوده في الإحاطة بأطفال الجبال والأرياف وإمتاعهم بالحق في الفن، في الترفيه، في الحياة، تسلم عدنان الهلالي  وسام الجمهورية للاستحقاق في قطاع الطفولة  من قبل وزيرة المرأة نزيهة العبيدي.

الجبل من معقل للإرهاب إلى مسرح مفتوح
ما بين عدنان الهلالي والجبل قصة صبا ووفاء لم ينفرط إكليل صنوبرها وزعترها ... بالرغم من غزو «خفافيش الظلام» للمكان ونفثهم لسموم الحقد واللغم في أرضه الطاهرة. بفضل عدنان الهلالي صارت الجبال التي يسكنها الإرهاب نقطة إشعاع على المستوى الدولي ومزارا من الإعلاميين والمبدعين من تونس وخارجها... وقد استقطبت التجربة الثقافية لعدنان الهلالي الاهتمام والإعجاب، فقام الايطاليون بتصوير فيلم وثائقي عن هذا النموذج الثقافي الجبلي.

وقد سكن هوس تحويل الجبال المحاصرة إلى أقطاب فنية مؤسس مهرجان ربيع سبيطة الدولي عدنان الهلالي فانصرف إلى التأسيس وبعث التظاهرات الثقافية، فكان «عيد الرعاة» و»الإنزال الثقافي» و»وقت الجبال تغني» و»ورد وكرتوش»... كما ولد المركز الثقافي الجبلي بسمامة خارج قنوات الدعم الرسمي.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه المتابعون لأنشطة عدنان الهلالي حدثا ثقافيا جديدا ومختلفا ككل مرة، كانت المفاجأة باستدعائه للمثول أمام الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب بثكنة القرجاني.

لعبة دنيئة ومكيدة جبانة
يمثل صباح اليوم عدنان الهلالي أمام الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب بالقرجاني ، وفي هذا السياق كان تعليقه كالآتي:» من خلال البحث الأوّليّ بمنطقة الأمن الوطني بنابل اتضحت ملامح التهمة الإرهابيّة... لا أتحدث عن ذلك من قبيل «الحشد» فلا حشود لي وعاش من عرف حشده. كما لا أندّد بالاستدعاء ولا أستعمل في هذا السّياق شعار «لا لدولة البوليس» لانّ ما نحاول فعله في سمّامة مشروع أمن اجتماعيّ ثقافيّ ونحن نحترم الدّولة أكثر ممّا تحترم الدّولة نفسها.. التهمة لم تفاجئني، وأنا عاشق كليلة ودمنة و لافونتان وكاتب «يوميّات آخر ضبع في الشعانبي»، كما أنني اعلم أن الحديث والتمشيط والمدافع مركّزة على كتيبة عـُـقبة، كتيبة عقبة التي توفّر القوت والحوت لكتيبة «رُكبة»، هذه الكتيبة الطليقة المبدعة في ظلّ الديمقراطية، وبين الكتيبتين تضيع الدساتير وتكنسها المناشير (جمع منشور ومنشار)... باختصار هذا هو أوّل «دعم جدّيّ» من الجهة لمشروعنا الثقافي الجبليّ. نقطة. إلى الغاب.»

وعن حيثيات الموضوع كشف عدنان الهلالي في تصريح لـ «المغرب»:» منذ مدة والأمن يتحرك في محيط منزلي، سائلا عني الجيران، مفتشا عن رقم هاتف مؤجر بيتي ... فظن الجميع أن تهديدات إرهابية تستهدف شخصي خصوصا وأننا ننشط في دائرة الخطر والموت. ولكن ما راعني بعد التحريات معي يوم 29 جانفي الجاري بمنطقة الأمن بنابل أنني أواجه تهمة إرهابية !؟ وإن كان رجال الأمن والجيش أصدقائنا في الجبل وهم الساهرون على حمايتنا وإنجاح تظاهراتنا الثقافية وشركائنا في محاربة الإرهاب كل بسلاحه، فإني أعتبر أن تحركهم ضدي جاء بناء على وشاية أو مكيدة تهدف إلى عرقلة مشروعنا الثقافي بالجبال والتشويش على نجاحنا في إخراج الجبل من صورة معقل الإرهاب إلى قطب ثقافي مشع في سماء تونس والعالم بأسره».

وقد حصد الناشط الثقافي عدنان الهلالي حملة مساندة واسعة من طرف كل من عرفه من قريب أو بعيد، وهو الذي تجرأ على خطر الجبل المسكون بالخطر زارعا فيه الفرح والحياة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115