بتهمة التكفير في احتضار للعقل واعتداء على الفكر. مرة أخرى يكون المفكر التونسي يوسف الصديق مرمى سهام الشتم والسب وضحية الجهل... إلى حدّ التحريض العلني عليه والدعوة الصريحة للرد عليه وإسكات صوته!؟
لم يكن ظهور الدكتور يوسف الصديق مؤخرا على شاشة قناة «التاسعة» في برنامج «من تونس» بالحضور العابر بل كان شرارة لاندلاع موجة من التكفير وحملة من التشويه انغمست في قذارة انتهاك الحياة الشخصية وكيل التهم والأوصاف جزافا بعيدا عن صوت العقل وسلطة الحجة.
البشير بن حسن يحرّض على «الصدّيق»
إن يقود حملة التهجم على الدكتور يوسف الصديق فاعلون معلومون وآخرون مجهولون... فقد التحق في الساعات الأخيرة «الشيخ البشير بن حسن» بركب المهاجمين وجوقة المحرّضين على إخماد صوت الرجل لا لشيء إلا لأنه عبّر عن رأي مختلف واجتهاد شخصي في قراءة المصحف.
وقد نشر البشير بن حسن مقطع فيديو على صفحته الرسمية تحت عنوان الرد على يوسف الصديق بأن بعض آيات القرآن ليست صالحة لكل زمان ومكان نظرا لتغييرات العصر وتطوّر الشعوب. وقد ورد في كلام البشير بن حسين ما يلي: «هذا الذي يوصف بالمبدع وينعت بالدكتور تطاول أخير وليس آخرا على كتاب الله... المسمى يوسف وليس بالصدّيق فقد تعنت وتعسف في الحديث عن القرآن بل شبهه بشجرة المشمش أو اللوز ... وقال إن القرآن ليس صالحا لكل زمان ومكان. هذه دعوة خطيرة يسمعها ملايين الناس وجب الرد عليها لأن ما أتاه يوسف زندقة وظلما واعتداء على كتاب الله.»
ودعا البشير بن حسن مفتي البلاد وعلماء البلاد إلى عدم الصمت والرد على يوسف الصديق قائلا: «أحمّل المسؤولية إلى علماء بلادنا وإلى المؤسسات الشرعية... يا صاحب السماحة يا مفتي البلاد إنك تتقاضى راتبا من جيوبنا ومن عرق جيوبنا ومن كد يميننا انك تتقاضى راتبا من اجل الدفاع عن الحق والإسلام... ردوا عليه أعينونا على إقامة الحق ودين الله».
«المصحف والقرآن ليسا بواحد»
باسم الجهل يحدث أن يجرّد المفكر يوسف الصديق من ألقاب الفيلسوف والدكتور وعالم انثروبولوجيا الأديان وصاحب عشرات الكتب والآثار... عند أطراف لا تجلّ العلم ولا تحترم الاختلاف وتكرس لثقافة التبعية والقطيع !
في تصريح لـ«المغرب» يقول يوسف الصديق:» أترفع عن التعليق على البشير بن حسن وتحريضه على شخصي وسبق لي أن رددت عليه وعلى أمثاله في مقال مطوّل بعنوان: «الإسلام بين الأسلاف والأجلاف». ولكن احتراما مني لعقول الناس الذين يستمعون إليه حتى لا تنطلي عليهم هذه المغالطات أؤكد بأن انتمائي للإسلام يحملني مسؤولية محاولة إعطائه معان أكبر وأبعاد أعمق... وفي هذا السياق، أعتبر أن المصحف والقرآن ليسا بواحد وأن المصحف ليس مرادفا للقرآن. وأعتقد أن القرآن في معناه العميق هو كل هذا الكون. ودليلي في ذلك هذه الآية من سورة الكهف:
«قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا».
وإن اعتاد الدكتور يوسف الصديق على سياط الجلد المجاني والسيل المنهمر من القذف بالتهم، فقد اعتبر أن التحريض على شخصه يضعه أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما الهجرة والعودة إلى المنفى الاختياري وإما الاستماتة في حرب الفكر إلى النهاية.
ويعتبر يوسف الصديق أنه «لن يستقيم حال تونس إلا بفصل الدين عن الدولة والسياسة. وأن العلمانية هي الحل لقطع الطريق أمام تجار الدين ورجالات القانون الداعشي منفصمي الشخصية الذين لن يتركوا سفينة تونس تمر نحو الحداثة وهم كمرساة تجذب للأسفل وقوى جذب للماضي...».
وردا على المحرضين عليه، المتآمرين عليه، المستهدفين له... ردّد المفكر يوسف الصديق: «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا».