اليوم الاول من بانوراما الجسد: الرقص دين عشاق الحياة

لك أن تحلم، لك كل الحق في التعبير عن احلامك وان تخوض حربا لتحقيقها، لك ان يكون الفن مطيتك وسلاحك للتعبير والصراخ

«أنا فنّان، أنا راقص والرقص ديني وديدني» لك ان تعبر عن خلجات الروح واضطرابها بالرقص لك ان تشارك الاخر حزنه بحركات جسدك لك ان ترقص على جراحك لتشعر انك حرّ وحيّ ولك ايضا ان ترقص لأجل الدفاع عن حق مسلوب او حلم منسي، وفي صفاقس سيكون اللقاء وللمرة الاولى مع تظاهرة تكون الكلمة والسطوة فيها فقط للجسد.
في صفاقس سيكتب الجسد إلياذته سينحت في صخور النسيان و الغموض ويقدم للجمهور «بانوراما الجسد» تلوينات فنية مختلفة ستكتبها اللغة الصامتة ويصرخ بها جسد الراقصين، تظاهرة تنطلق يوم 29جانفي الجاري مع الكوريغراف طارق بوزيد.

من الحلم إلى الفكرة الى التجسيد
مهرجان للرقص في صفاقس حلم سكن الكوريغراف طارق بوزيد ابن جهة صفاقس، حلم قال عنه: «من حلمة صغيرة ولدت فكرة مهرجان بانوراما الجسد، واليوم حان وقت تحقيق الحلم، ان يكون لصفاقس مهرجان خاص بلغة الجسد وهو الاول من نوعه فذلك هو التحدي وذلك نتاج لأحلامنا التي لن نتراجع عنها» .
بانوراما الجسد لن يقتصر على الرقص فقط بل سيكون الجسد فيه محملا لبقية الفنون، فالرقص عملية ولادة مسرحية والرقص عنوان لولادة لوحة تشكيلية تهفو فيها روح الرسام الى الجمال والرقص نوتة متفردة يكتبها عازف حالم والرقص لحظة توثيق لحركة لن تتكرر كل الفنون سيجدها جمهور بانوراما الجسد.
الرقص كما جاء في تقديم المهرجان عنوان للهوية والتاريخ، فالشعوب طالما عبرت عن ثقافاتها بالرقص، والشعوب ايضا طالما تعبّدت بالرقص، كما ان الرقص هو كتابة لحركات التمرد والتحرر، ألم يرقص الزنوج وهم تحت ضغط العبودية، ألم يرقص الغجر في تعبيرهم عن تمسكهم بالارض ورفضهم مغادرتها ورفضهم للاضطهاد رقصة تولّدت عنها اشهر رقصات العالم «الفلامنكو» اذ ظهر الرقص في بعض الشعوب كوسيلة للتعبير عن الطبقات المضطهده والمسحوقه وهذا ما يرويه لنا تاريخ رقصة الفلامنكو حيث سن الملك فرناند وزوجته الملكه ايزابيل قانونا يقضي على ان كل سكان اسبانيا يجب ان يكونوا من افراد الجالية المسيحيه «الكاثوليكية» وبالتالي على الاسلام واليهود والمسيح الغير كاثوليك يجب عليهم التحول الى المذهب «الكاثوليكي» وعقوبة الرفض هو الرمي بالرصاص.

الكثير من المضطهدين هربوا الى غرناطة لانها المدينة الوحيدة التي كانت تحت سيطرة المسلمين واجتمع جميع المهاجرين يملؤهم الحزن والحنين الى أيام أفضل لذلك كانت بداية غناء الفلامنكو حزينة كتعبير عن الحياة التي عاشها الناس انذاك.
والخطوة التونسية أيضا كانت عنوانا للوجيعة و تعبيرة عن وجع الاغتراب ووجع العمل المضني الذي يعيشه عامل الارياف في الحاضرة، كل تعبيرات الرقص وكل تلويناته سيجدها ضيوف مهرجان بانوراما الجسد في دورته الاولى.

«أرقص...لأكتب قصة تمرّد»
الرقص تعبير عن الحياة وتعبير عن محاولات دائمة للتجديد والتعبير عن ارادة الحياة التي تسكن كل الراقصين وفي بانوراما الجسد يكون الافتتاح مع عرض Urgence للفنان طارق بوزيد وذلك بداية من الساعة الثانية مساء بمركز الفنون الدرامية والركحية بصفاقس.
وطـــارق بـوزيد كوريغراف متحصل على شهادة الماجيستير بحث في الفنون المرئية ،ومتخرج من المعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس ، كوريغراف وراقص، ، بدا الرقص سنة 2007 حيث يقول: «قمت بالمشاركة في العديد من الاعمال المسرحية و كتبت العديد من العروض الكوريغرافية من ابرزها ماريونات التي شاركت في مهرجان الحمامات الدولـــــي والعديد من الملتقيات و المهرجانات الاخرى كتونس عاصمة الرقص 2016، و «نشوة موت» و«الف ليلة وياسمينة» و«دوار» و «احنا هنا» و «هو الفن كذبتنا الصادقة» على حد تعبيره.

أما العرض فهو عرض كوريغرافي يدوم 30 دقيقة ، وهو عبارة عن رحلة عبر الثقافات يقدمه صاحبه بالقول «أليس الجسد علامة، وككل العلامات لا يدرك إلا من خلال استعمالاته، وكل استعمال يحيل على نسق وكل نسق يحيل على دلالة مثبتة في سجل الذات وسجل الجسد وسجل الأشياء»، ويضيف «ألسنا نحن من نبحث عن ذواتنا داخلنا، نتوقع حدوث الاشياء، فتحدث، ألسنا من نكتب تاريخنا، لكننا لا نكتب شيئا. لكنني سأكتب، بعض الاشياء الابدية.

أنا الابكم على الركح صوتا، وشديد الصراخ جسدا، مقرر انني سأقدم لكم ما كتبت هذه الليلة»، هكذا يقدم طارق بوزيد عرضه، عرض يدعو معه الجمهور لاختيار عنوان مناسب، فلكل متفرج زاوية نظر مختلفة ولكل منا حكاية مع الجسد لن تتطابق مع حكايات اخرى، في مركز الفنون الركحية والدرامية بصفاقس يكون اللقاء الاول مع عرض يحملنا الى ثقافات متعددة، عرض قد يشبه التأريخ لأنه سيقدم لنا حكايات شعوب مختلفة، فالرقص محمل الذاكرة والشعوب دائما ما تحمل رقصاتها عنوان هوية لن تمحي .

بعد لقاء مع تاريخ الثقافات من خلال جسد طارق بوزيد تتواصل فعاليات اليوم الاول للمهرجان مع المبـدع كريـم توايمـة وعرضـه «BORI» بداية من الرابعة مساءا بدار الثقافة باب بحر، وكريم توايمة من الراقصين المختصين في البحث في تاريخ الزنوج في تونس وتاريخ رقصاتهم، كل رقصاته مرتبطة بموسيقى السطمبالي والة القمبري، من بحث في تاريخ العبودية ورقصات الزنوج ينطلق ليحلق في سماء الانسانية وينادي دوما بحقوق الاقليات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115