وإهدار واضح لأموال المجموعة الوطنية. وهو ما يهدد تاريخ الحركة التشكيلية التونسية بالتقويض وطمس آثار أعلامها وأعمالهم... وفي كل عام تقتني وزارة الشؤون الثقافية مجموعة من الأعمال الفنية التشكيلية لتؤول إلى مخازن غير مهيأة ... فهل من جديد في ملف هذه الثروة الوطنية المهملة؟
في «قصر السعيد» بالعاصمة يتراكم رصيد الفنون التشكيلية في وضع كارثي يفتقر لأدنى شروط السلامة ومواصفات الحفظ...
اقتناء 337 عملا من جملة 3520
تحت عنوان تكريس الشفافيّة ودعم اللامركزية الثقافيّة والحرص على تطبيق مبدأ النفاذ إلى المعلومة نشرت وزارة الشؤون الثقافية إحصائيات عمل لجنة شراء الأعمال الفنيّة التشكيليّة لفائدة الدولة لسنة 2017. وقد أفادت الوزارة أنه تم احداث لجنتين طبقا للأمر عدد 732 والمؤرّخ في 10 جوان 1989 والمتعلق بإحداث وتركيب وضبط مشمولات وطرق عمل لجنة شراء الأعمال الفنية التشكيلية لفائدة الدولة تمّ تكوين لجنة أولى يوم 28 فيفري 2017 ولجنة ثانية يوم 06 أكتوبر 2017.
وقد لبّت اللّجنتان 85 % من الدعوات الواردة عليها ، حيث زارتا 167 معرضا ودعما للمعارض الفرديّة قامت اللّجنتان بزيارة 77 معرضا فرديّا وهو ما يمثّل 46 % من جملة الزيارات بالإضافة الى زيارة 90 معرضا جماعيّا وهو ما يمثل نسبة 54 % من مجموع الزيارات.
كما قامت اللّجنتان بزيارة عدد 101 رواقا منها 56 رواقا عموميّا و 45 رواقا خاصّا وهي معادلة حاولت اللّجان تحقيقها في اطار تشجيع المستثمرين بالقطاع الخاصّ في مجال الفنون التشكيليّة.
و زارت اللّجنتان 47 معرضا بالجهات في اطار تكريس اللاّمركزيّة الثقافيّة تمّ خلالها اقتناء 99 عملا فنيّا تشكيليّا بنسبة 29 % من جملة الاقنتاءات وذلك تباعا لعدد الدعوات الواردة من الجهات.
وبذلك تبلغ جملة اقتناءات الدولة من الأعمال الفنيّة التشكيليّة لسنة 2017 337 عملا فنّيا من أصل 3520 عملا فنيّا معروضا بقيمة 1064.850 دينارا.
مطالبة ببعث مركز وطني للفنون التشكيلية
في السنوات الأخيرة كثيرا ما ترددت أخبار حول ضرورة إنقاذ الرصيد الوطني من الفن التشكيلي وتم الاتفاق على نقل الأعمال الفنية من مقرها الحالي بقصر السعيد إلى فضائها الجديد ببهو المكتبة الوطنية. ولكن لم تكن العملية بالأمر البسيط بل هي مهمة دقيقة للغاية إذ لابد أن يتم النقل في إطار الحرفية والحذر حفاظا على سلامة الأعمال الفنية إضافة إلى أن الرصيد الفنّي يحتاج قبل كل شيء إلى التنظيف والتعقيم والترميم... في هذا السياق اجتمعت اللجنة الوطنية المكلفة بإنقاذ رصيد الفنون التشكيلية، مؤخرا، برئيسة ديوان وزير الشؤون الثقافية آمال حشانة للنظر في أبرز المسائل العالقة الخاصة بنقلة الرصيد الوطني من الفنون التشكيلية من مخزن قصر السعيد إلى المكتبة الوطنية.
وقد شدّدت رئيسة الديوان على ضرورة الإسراع باتخاذ التدابير اللازمة لعملية نقل هذه الأعمال التشكيلية وتوفير التجهيزات التقنية والفنية لعملية الجرد والرقمنة وتوفير الظروف حفاظا على الذاكرة الوطنية.
وقد سبق أن دعا المشركون في «الأيام الدراسية الخاصة بإنقاذ الرصيد الوطني للفنون التشكيلية» في أكتوبر2017 إلى ضرورة تأسيس مركز وطني للفنون التشكيلية ليضطلع بدور السهر على مراقبة مقتنيات الدولة من الأعمال الفنية التشكيلية وعلى ضمان حسن التصرف في التراث الفني والنهوض به.
قريبا... متحف الفن الحديث والمعاصر
إن كان إنقاذ الذاكرة الوطنية (من الفنون التشكيلية) من التلف رهين توفير فضاءات ملائمة تستجيب للمواصفات العلمية في حفظ هذه الثروة الفنية فإن الأمل معلق على متحف الفن الحديث والمعاصر الذي سيكون جاهزا قريبا بمدينة الثقافة لجمع شتات هذا الرصيد المهمل.
ومن المنتظر خلال الأيام القريبة القادمة افتتاح المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر ليصبح قادرا على استقبال التجهيزات المعدة له. ووفقا للدكتور سامي بن عامر المكلف بمهمة إعداد المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر بديوان وزير الشؤون الثقافية فإن هذا المتحف يحتوي على فضاءات عديدة شاسعة وملائمة، تمكنه من أن يكون مركز إشعاع على
الساحتين الوطنية والدولية. وتتمثل هذه الفضاءات في خمسة مخازن للأعمال الفنية سيحتفظ بثلاثة منها مساحتها تقدر ب 900 متر مربع، في حين يخصص المخزنان المتبقيان للمعارض. إضافة إلى خمس قاعات للمعارض تمسح 3000 متر مربع.
وعلى امتداد 850 مترا مربعا توجد 16 قاعة تحتوي على 10 مكاتب إدارية وقاعة لرقمنة الأعمال الفنية ومكتبة ومغازة وقاعة اجتماعات ومحل تجاري لبيع الكتب حول الفن ومنتوجات مشتقة من الأعمال الفنية...وقاعات للصيانة وفضاءات عامة داخلية وبهو رئيسي...
ومن المقرر أن يفتح المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر أبوابه فعليا للعمل خلال شهر مارس 2018. وسيفتتح نشاطه بمعرض متعدد الوسائط حول مسيرة الفنون التشكيلية بتونس.