بعد اتهامه بالتطبيع، الحبيب القزدغلي لـ«المغرب»: لا أقبل بالمزايدة على مواقفي... ولن أنسحب من الدفاع عن تونس الحداثة

مرّة أخرى يكون العميد السابق لكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة الحبيب القزدغلي محل تهجم وموضع اتهام...

ولكن ليس في رحاب الجامعة التي كانت شاهدة على معارك كرّ وفرّ قادها العميد دفاعا عن تونس الحداثة بل ببهو المكتبة الوطنية التي كانت مسرحا لاحتجاج عدد من موظفي دار الكتب الوطنية وأفراد من المجتمع المدني رفضا لافتتاح مؤسس «مخبر التراث» الحبيب القزدغلي لمعرض بعنوان «الدعوة المخادعة: سلطة الدعاية في العهد النّازيّ» بدعوى مناهضة التطبيع ومناصرة القضية الفلسطينية...

«فلسطين حرّة حرّة والصهيوني على برّة، الشعب يريد تجريم التطبيع، قدس عربي واحد، جرح عربي واحد...» كلّها شعارات رفعها عدد من أعوان دار الكتب الوطنية وردّدها أفراد من المجتمع المدني لدى افتتاح الدكتور الحبيب القزدغلي أول أمس الجمعة 15 ديسمبر الجاري لمعرض «الدعوة المخادعة: سلطة الدعاية في العهد النازي» بدار الكتب الوطنية.

تفكيك للدعاية النازية وتحذير من الدعاية الداعشية
بعد اتهامه بـ«التطبيع الثقافي وخدمة الأجندة الصهيونية على حساب القضية الفلسطينية خاصة بعد إعلان ترامب...»، كان ردّ العميد السابق الحبيب القزدغلي في تصريح لـ»المغرب» كالآتي:» يندرج هذا المعرض التوثيقي والتاريخي تحت عنوان «الدعوة المخادعة: سلطة الدعاية في العهد النازي» في سياق فضح أساليب الدعاية النازية. وكنت قد شاهدت هذا

المعرض منذ سنة 2016 بمقر اليونسكو بباريس فتملكتني الرغبة في جلبه إلى تونس حتّى يكون على ذمة طلاب العلم والمعرفة باعتباره يتضمن تجديدا على المستوى البيداغوجي في تفكيك آليات الخطاب الدعائي... فأنا من سعيت إلى تنظيم هذا المعرض في تونس ولم يفرضه علي أي كان.

كما إنّ المعرض هو عبارة عن مجموعة من الوثائق مصدرها الأرشيف الألماني وهي تكشف كل الأساليب والآليات والتقنيات التي اعتمدها الحزب النازي لحشد الأنصار وكسب الأصوات باستعمال كل الحيل والخدع قبل الوصول للحكم وخاصة بعده لجرّ الشعب الألماني إلى إيديولوجيا النازية والإبادة العرقية. وبالعودة إلى هذه الوثائق التي تعود للفترة الممتدة من 1919 إلى 1945 يقدّم معرض» الدعوة المخادعة: سلطة الدعاية في العهد النازي» تحليلا لآليات الخطاب النازي وقراءة في وسائل دعاية المقاربة الكليانية والأنظمة الشمولية، ولهذا كان هاجسي الاستفادة من هذا المعرض للتحذير من خطر الدعاية التي تستخدمها «داعش» لتفادي انسياق الشباب التونسي وراء أوهام التيارات الدينية المتشددة...».

وتعليقا عن قذفه بتهمة « التعاطف مع اليهود بعد قرار ترامب على حساب فلسطين»، ردّ أستاذ التاريخ المختص في المسألة اليهودية:» ليس هنالك أية علاقة بين إعلان ترامب وتنظيم المعرض الذي كنا نعدّ له منذ أشهر... وإن كنت أحترم حرية الرأي والتعبير وحق المحتجين في الاحتجاج، فإني لا أقبل المغالطات المبنية على جهل والمزايدة على مواقفي المناصرة للشعب الفلسطيني والتي يعرفها جيّدا الفلسطينيون قبل هؤلاء المحتجين. كما أن «مخبر التراث» ليس له أية علاقة بأي نوع من المؤسسات الإسرائيلية. ولعله من باب الحقيقة وجوب التوضيح بأنه لم يتم طردي كما راج بل أنا من خيّرت المغادرة حتى لا تأخذ المسألة أبعادا أخرى خصوصا إني كنت ضيفا بدار الكتب الوطنية وليس من اللياقة التسبب في تشويه صورتها... فلم يسبق أن انسحبت ولن أنسحب من الدفاع عن تونس الحداثة».

مديرة المكتبة الوطنية رجاء بن سلامة:
«جهل يمتزج بسوء النية»
خلافا لما أشيع حول طرد المديرة العامة لدار الكتب الوطنية ورفع شعار «ديقاج» في وجهها على خلفية تنظيم معرض»الدعوة المخادعة: سلطة الدعاية في العهد النازي»، فإن الدكتورة رجاء بن سلامة كانت في مهمّة عمل خارج حدود الوطن أثناء وقوع هده الحادثة. إذ كانت موجودة بالعاصمة بلغراد لتوقيع اتفاقية تعاون بين المكتبتين الوطنيتين التونسية والصربيّة بحضور وزيري خارجية البلدين.

ومن هناك، علّقت رجاء بن سلامة على ما حدث بمقر دار الكتب الوطنية في غيابها كما يلي : «المعرض الذي تمّ تنظيمه في المكتبة الوطنيّة يوم الجمعة 15 ديسمبر 2017 كان تحت عنوان «الدّعوة المخادعة : سلطة الدّعاية في العهد النّازيّ»، وفيه مقارنة بين الدّعاية النّازيّة والدّعاية الدّاعشيّة، وهذا مبحث اشتغلت عليه اليونسكو، وكتب فيه الكثير، ونشرنا في موقع الأوان عنه بعض المقالات. فالمعرض ليس عن الهولوكوست كما جاء في ادّعاءات البعض، حتّى وإن كان الهولوكوست جريمة يجب أن نعترف بها، لكي نفرض الاعتراف بالجرائم التي كان ضحيّتها الفلسطينيّون، ولكي نفرض الاعتراف بكلّ الجرائم التي تعرّضت لها شعوب مختلفة. وإلاّ فإنّ أدوارد سعيد «مطبّع» أيضا، وكلّ المفكّرين مطبّعون، وحقوق الإنسان كلّها تطبيع، وهكذا، نفتح باب الهذيان. 

مرّة أخرى، يمتزج الجهل بسوء النّية، لننتقل من موضوع الدّعاية النّازيّة والدّاعشيّة إلى موضوع الهولوكوست، ومن موضوع الهولوكوست إلى التّطبيع، ومن موضوع التّطبيع إلى موضوع طردي من المكتبة، والحال أنّني مسافرة في مهمّة بالخارج. 
ولي عودة إلى الموضوع بالصّورة والوثيقة لفضح الكذب والتّزييف، حتّى وإن تحوّل الفايسبوك إلى مملكة للعنتريّات والمزايدات والاتّهامات الباطلة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115