مسرحية «صولو» من المغرب: أنا إمرأة وجسدي شعلة حياة ...

مسرحية «صولو» لفرقة أكون للثقافة والفنون، هي طرح دراماتورجي مقتبس من رواية «ليلة القدر» للطاهر بنجلون، وقد خضعت

صياغتها الإخراجية لمسار روائي في نقل قضايا تحرر الذات وإثارة أسئلة وجودية تشغل الإنسان انطلاقا من موضوع معاناة المرأة من السلطة المجتمعية بمختلف تجلياتها داخل العائلة وفي تعاملها مع الآخر..

حين تجد المرأة نفسها في مجتمع ذكوري يرفض إنجاب البنات، وعندما تجبر على أن تكون ذكرا، في لباسها وطريقة تفكيرها وطريقة عيشها وهي انثى، حين تتعرض لألم الختان وتكسر نفسيا حتى يطبقوا العادات والتقاليد، هي زهرة احمد» من المغرب، فتاة ولدت أنثى دون رغبتها ولان والدها يريد ذكرا، قتل فيها زهرة و زرع في داخلها احمد، لعشرين عاما وهي تعاني من انفصام الشخصية وانفصام في طريقة الحياة وانفصام ووجيعة بين جسدها الأنثوي وحضورها الذكري، لعشرين عاما وهي لا تعرف إن كانت أنثى أم ذكرا، ولدت أنثى وتربت على عرش الذكورة «ختنت» كما الذكور وتلبس لباسهم وتضع أحزمة حتى لا تتضح تعاليم جسدها الأنثوي، هي زهرة موؤودة بسبب عقلية مجتمعية ترفض وجود الإناث وترى فيهنّ عورة، هي زهرة من الزهرات عينة مما تعانيه المرأة في المجتمعات العربية خاصة تلك التي تمارس عملية «ختان البنات».

زينة الركح بسيطة، منصة تقف خلفها الممثلة الرئيسية، حاجزان أبيضان من الخشب، والأحداث تعود إلى سنوات ليلة القدر وحدها ووالدها ورائحة الموت، الموت جسد من خلال امرأة أو شبح يلبس الأسود، الوالد بالأبيض وابنته تلبس السواد طيلة العرض، بياض لباسه هو محاولة لإزالة بعض من سواد ممارساته العنيفة مع بناته ظلمه لهنّ، توفي الوالد تاركا «زهرة» أو «احمد» كما أشيع عند الولادة في صراع مع الذات، لأول مرة تسال أهي أنثى أم ذكر، وكيف تكون ذكرا وجسدها جسد انثى وتفاصيلها تفاصيل انثى، لاول مرة تصارع «زهرة» العادات وتهرب من ذكرياتها تاركة كل ما يذكرها بالماضي في قبر والدها.

مسرحية «صولو» هي شهادة حية للسيدة زهرة احمد ، شهادة تروي رحلة تحررها في طقس صوفي . وتتطور الحكاية عبر سبعة ابواب وتقدم نفسها كصاحبة شرعية لحكايتها التي تم تحريفها .و تؤسس للقواعد جديدة التي ستمكنها من تقديم شهادتها حول قصة امرأة التي عاشت ذكرا.

ختان الإناث من المواضيع المحرم الخوض فيها، من المسكوت عنه في المغرب وبكل جرأة تحدثت الممثلة عنه جردت وعرت الفكر الرجعي والقاسي في نظرته إلى المرأة، كشفت عن حيف وقسوة تعيش وسطها المرأة في دول منها المغرب ومصر وموريطانيا، على الركح ووسط بياض الديكور تحدثنا عن «زهرة» المنسية، عن زهرة التي اكتشف تقاسيم جسدها بعد سن العشرين، عن زهرة التي اغتصبت ولكنها سعدت بذلك فقط لشعورها وللمرة الأولى أنها أنثى وليست ذكرا، حدثت جمهور قاعة الريو عن وجيعة المرأة المقيدة والمظلومة،»زهرة» تهرب من ذكرياتها تترك المال والإرث والعائلة وتهرب الى الغابة ثم الى منزل إحدى العاملات بالحمام وهناك تنطلق رحلة الحب والبحث عن ذات أخرى والتجرد من كل المشاعر القديمة مع «القنصل» رجل أعمى البصر وقوي البصيرة، رجل أحب جسدها الذي دفنته لأعوام، رجل وان كان أعمى ولكن لدقات قلبه وقع رذاذ المطر على زهرة الذابلة، زهرة اختارت أن تكون أنثى وتتحرر من كل الحواجز، تركت المال لتبحث عن حرية ذاتية، حرية دفعتها إلى غياهب السجون هناك وسط العتمة ولدت كاتبة تكتب لحرية المرأة.

المرأة روح ام جسد، كيف تتعامل المراة مع جسدها، هل الجسد عورة ام هو شعلة حياة ازلية، سؤال اساسي في عرض صولو المغربي الذي قدم في قاعة الريو ضمن المسابقة الرسمية عمل ينصر المرأة جسدا وروحا ويغوص في ثناياها و ينقد العديد من الظواهر الاجتماعية التي تعيش عليها عدة مجتمعات عربية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115