ويكون قاطرة للحلم وفضاء يمارس فيه الاطفال جل انواع الفنون.
هنا في الريف للفن نكهته الخاصة وللمسرح تلويناته المختلفة وللحياة قوانينها هنا قانونهم الامل والتشبث بالحلم وان قست الجغرافيا وتناساهم التاريخ، هنا ومنذ انطلاق اشغال المركز الثقافي الجبلي انجزت مجموعة من التظاهرات ولعل اهمها عيد الرعاة و مؤخرا تعيش القرية على وقع التربص الاول لفنون السيرك هناك بين المنازل المترامية و شموخ الجبل كان اللقاء الاول مع السيرك واسست سمامة سيركها تحت اشراف فريق من الاكاديمية البلجيكية لفنون السيرك.
سمامة تؤسس سيركها في المركز الثقافي الجبلي
الطريق الى سمامة اصبحت معروفة عند عشاق الفن والمهتمين بالشأن الثقافي لكثرة التظاهرات التي اصبح سفح الجبل موطنها، الطريق من تونس تكون في اتجاه ولاية القصرين، نقطة الاجتماع هي معتمدية سبيطلة، ثم طريق القصرين فمفترق الشرايع، ثم الى اليمين ستجد نفسك أمام لافتة كتب عليها «الوساعية» سر معها مباشرة وبعد كيلومترات تكون نهاية الطريق المعبدة فستجد عندئذ الى يسارك طريقا متفرعة صغيرة تحملك الى مدرسة الوساعية وقبالتها المركز الثقافي الجبلي الذي تقدمت اشغال انجازه وهو الفضاء الذي احتضن تربص السيرك .
و اختتم صبيحة السبت 5 نوفمبر التربص الاول لفنون السيرك بجبل سمّامة الذي انتظم طيلة أسبوع تحت عنوان «سمّامة تؤسس سيركها» وأدار هذا التربص فريق من الاكاديمية البلجيكية لفنون السرك يتكون من مؤسسة مدرسة بروكسال لفنون السيرك ليسبات بينوت و الفنّانين المدرّبين جان بيار باغلياري و ماتيو مورنهاوت و التحق بالفريق فنّان السيرك التونسي محمد مالكي.
حفل الاختتام حضره السيد حاتم بن سالم وزير التربية والمندوبون الجهويون للتربية و الثقافة و السياحة بالقصرين و قرابة الخمسمائة طفل وشاب من نابل و تونس وسيدي بوزيد والقصرين.
عرض نهاية التربص حمل عنوان «المهرّج والسّحب» والتأم على ركح المركز الثقافي الجبلي بسمّامة الذي تشرف على أشغاله مؤسسة رامبورغ للثقافة والفنون.
المركز الثقافي الجبلي بسمامة لا يقلد نموذجا أخر في البلاد التونسية أو في الوطن العربي باعتباره سينبني على إبداع الشباب والأطفال وعلى حرف ومهن الجبل، والغاية من احداثه هي خلق فضاء يحتضن مواهب وإبداعات عشاق الفنون والمبدعين القاطنين في أعماق الجبال والأرياف وفضاء يغني المرأة الريفية عن الجبل الملغوم عبر توفير مورد رزق قار لها، المركز الذي تقدمت اشغال انجازه اشواطا كبيرة حول سمامة الى نقطة اشعاع ثقافية بامتياز، لعلها تصبح ثكنة ثقافية لمقاومة التطرف والفكر الارهابي وتحمي صغار الارياف المحيطة من خطر الافكار الظلامية. .
براعم الجبل تزهر ابداعا
«السيرك في سمامة» اسم قد يثير الاستغراب، والسؤال هل يعقل انجاز سيرك في الريف بعيدا عن المعدات التقنية واحدث التجهيزات؟ الاجابة ستكون «نعم» فهنا ارادة الحياة التي تسكن الاطفال قادرة على تحويل الحجارة حلما لذيذا، هنا في ارياف الجبل تشبّع الاطفال بالرغبة في النجاح واثبات الذات لحد تحدي كل الصعوبات، فكيف لطفل يمشي الكيلومترات للوصول الى المدرسة ان يعجز أمام عمل فني مهما كانت صعوبته.
مدة التربص لم تكن بالطويلة، فقط اسبوع تزامن مع العطلة المدرسية ولكن نتيجته كانت مميزة باجماع كل الحاضرين، إذ انطلق التربص صبيحة الاثنين 30 نوفمبر وتواصل حتى الجمعة 3 نوفمبر، لكن حماسة أبناء ريف الوسّاعية جعلت من حفل اختتام التربص فرجة حقيقية كشفت موهبة وإصرارا من أبناء الجبل على تكوين سيركهم . اللوحات تنوعت من البهلوانية الى اللعب على العصي والمونوسيكل، واتضح ان المتربصين بدؤوا يتأقلمون مع طقوس فنّ السيرك وخصوصياته واختار كل واحد الاختصاص الاقرب إلى موهبته وميوله و قدراته في انتظار المزيد من العمل، بين ربوع الجبل اثبت الاطفال أنهم مميزون وقادرون على النجاح متى توفرت الفرصة، الأطفال كانوا نجوم العروض كانوا عنوانا لارادة الحياة ارادة صلبة تعجز قساوة الجغرافيا على تفتيتها فهنا يولد الحلم ويزهر فنا في نفوس الاطفال.
الكوميديا والتراجيديا وجهان لحب الحياة
للضحكة تأثيرها ومفعولها الساحر على النفس البشرية، للضحكة الصادقة مفعول البلسم وسكان الجبل الاكثر حاجة الى الضحكة والفرجة، حاجة لمسها البلجيكيان بيار باغلياري وماتيو مورنهارت اللذان قدما مفاجأة الى الحضور وقدما عرضا كوميديا تمثل في لوحتي سيرك كوميدي امتع جمهور المركز الثقافي الجبلي و اكد عدنان الهلالي مدير المركز الثقافي الجبلي ان البلجيكيين يفكران في اضافة اختصاص السيرك الكوميدي الى سيرك سمّامة في التربصات القادمة.
الأطفال و أولياؤهم و ضيوف الجبل ضحكوا و تفاعلوا مع لوحات أبناء بلد جاك برال و تان تان وواكبوا الفرجة الحالمة حتى نهايتها رغم حرارة الشمس.، في اختتام التربص الاول للسيرك حضرت المتعة ورغبة الاكتشاف واثبت ابناء سمامة انهم قادرون على النجاح فقد أكدوا أنهم حماة الجبل من الظلامية وحماة لأرضهم وهم حالمون وقادرون على انجاز اجمل العروض الفنية متى سنحت لهم الفرصة فهم حراس الجبل الامس واليوم وهم حقيقته الصادقة الثابتة.
وزير التربية يكرّم المدربين:
في نهاية العرض قام وزير التربية حاتم بن سالم بتكريم المدربين البلجيكيين و التونسيين بإهدائهم دروعا جميلة و قد قام الوزير بجولة في مشروع المركز الثقافي الجبلي الاول من نوعه في تونس والذي شارفت أشغاله على النهاية وابدى اعجابه الكبير بالأجواء الثقافية التربوية التي وجدها على هذه الهضبة التي أسّس عليها المشروع النموذجي.
أسمامة اول مدرسة لفنون السيرك في تونس
سيكون لمديرة مشروع «سرك سمّامة» لقاء مع رئيسة مؤسّسة رامبورغ السيدة ألفة الترّاس لدرس المشروع و دفعه نحو النجاح فيكوّن بذلك جبل سمّامة اول مدرسة لفنون السّرك في تونس. و اضافت بينوت ان عديد الفنانين البلجيكيين من مدرسة بروكسال مستعدون للالتحاق بمشروع «سمّامة تؤسس سيركها» وسيكونون في الموعد في التربصات القادمة حاصة مع الاجواء الانسانية و الحميمية الرائعة التي وجدوها على سفح الجبل.
مديرة التربّص تعد بمواصلة العمل:
ليسبات بينوت المديرة الفنّية لمشروع «سمّامة تؤسّس سيركها» أكدت في كلمتها ان فريقها سعيد بالنتائج التي وصل اليها في ظرف وجيز وهو ما يشجع على مواصلة العمل على سفح جبل سمامة و قد ترك فنانو السيرك البلجيكيون تجهيزاتهم وأدواتهم في مدرسة الوسّاعية كي يواصل المتربصون عملهم بمعدل حصتين اسبوعيتين يومي السبت والاحد حتى يبقى المستوى في نسق تصاعدي في انتظار تحديد موعد التربّص الثاني في بداية سنة 2018.