كلمات ببيت الشعر التونسي «يُـهـدَر الشاعر في الناس وتحيا الكلمات»

حين يتحد النغم مع متعة حركة الجسد ورقة الكلام المنمّق و حلاوة صوت فنانة تعشق الغناء تكون كلمات، «كلمات» هو عنوان عرض فني استحضر الشعر والموسيقى والغناء في بيت الشعر التونسي احتفاءا بذكرى تأسيسه، «كلمات» هو عرض من اخراج ايهاب العامري، عرض فني احتفى بالكلمات، عرض جمع ثلة من الشعراء الذين رددوا جميعهم

«فتكلّم وتألّم ولتمت في الكلمات، واذا ما عشت فيهم فلتكن للكلمات، شاهد انت عليهم وعليك الكلمات».
في بيت الشعر كان اللقاء مع عرض كلمات الذي قدم باشراف وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين، كلمات عرض اخراج ايهاب العامري، وقراءة شعرية لجميلة الماجري وشوقي العنيزي وجمال الصليعي وغناء رانية الجديدي و رقص سرور نوير وعزف كل من حسان مشايخي على آلة الكمنجة ومحمد علي بن رمضان على آلة القيثارة وبلحسن ميهوب على آلة القمبري.

للموسيقى سحرها فانصتوا
هدوء يلف ازقة المدينة العتيقة، هنا بيت الشعر التونسي، بيت الشعراء الذي اسسه الصغير اولاد احمد عام 1993، هنا فضاء يجمع الفكرة والحلم والأمل بواقع افضل للشعر والشعراء، هنا ولدت فكرة اولاد احمد وترعرت ليكون للشعراء مكان يجمع شملهم ويجمع محبتهم للقافية والروي والشعر العمودي وكلمة النثر وكل اشكال الجمال، وهنا وسط جمال المدينة العتيقة وهدوئها ارتفعت الاصوات عاليا لتقول الشعر وتغني للحياة وتعزف مقطوعة للحب الابدي حبا للشعر والحياة.

اولاد احمد الغائب جسديا حضر روحيا، كلماته كانت تردد في ارجاء الفضاء، غضبه وعنفوانه وقصائده المميزة حضرت في نفس كل من حضر تظاهرة «كلمات».

«كلمات» عرض فني جمع جل اشكال الفنون، «كلمات» كان موعدا للحب والفرح، لقاء مع الموسيقى ، في كلمات كان الموعد مع سحر نغمات كمنجة حسّان مشايخي ورقة نوتاتها وهدوء الة القمبري التاي ابدع في عزفها بلحسن ميهوب و غنج القيثارة التي غازلها محمد علي بن رمضان ، وصوت نسوي قوي هو صوت الفنانة رانية الجديدي التي غنت من قصيد لمنور صمادح، مع نغمات القمبري الرقيقة قالت ماقاله منور صمادح»:

عندما كنت صغيرا، كنت أحبو الكلمات
كنت طفلا، ألعب الحرف وألهو الكلمات
كنت أصواتا بلا معنى، وراء الكلمات
و تخطّيت سنينا عثـّرتها الكلمات
أركض الأحلام والأوهام خلف الكلمات
و وراء الزمن الهارب أعدو الكلمات

رانية الجديدي بصوتها القوي غنت القصيد وتماهت مع جنون القيثارة التي زادت الكلمات جمالا وسحرا، ولكن للقمبري حضوره الاستثنائي نغماته الرقيقة كانت تلامس الروح فتشفيها من أدران الوجع، نغمات القمبري التي غازلت كل الموجودين بالحان رقيقة وهادئة لتصبح اكثر عنفا في اخر العرض خاصة حيت غنت رانيا الجديدي قصيد «احب البلاد» للراحل اولاد احمد و كلما رددت الفنانة:

«نحب البلاد، كما لا يحبُّ البلادَ أحدْ ، صباحاً مساءً، وقبل الصباحِ وبعد المساءِ ويوم الأحدْ ، ولو قتّلونا كما قتّلونا ، ولو شرّدونا كما شرّدونا، لعُدنا غزاةً لهذا البلدْ ، وعادَ إلى أرضنا الشجرُ ، وعادَ إلى ليلنا القمر»ُ...
ارتفعت موسيقى القمبري ومعها انين الكمنجة وكأنهم يؤكدون للحضور أن الشاعر لا يموت والكلمات لا تفنى فالمبدعون خالدون خلود كلماتهم التي صاغوها بدم القلب وفي بيت الشعر كانت الموسيقى عنوانا للتمسك بالوطن وتأكيد محبتهم لبيتهم الصغير بيت الشعر.

لنا الشعر والرقص لنواجه الواقع
هنا للكلمة سحرها وجمالها، هنا قلوب عاشقة للموسيقى وأرواح تتوق الى الحرية والجمال، هنا مبدعون يكتبون للزوار ارق الكلمات و اجملها علها تمتع القلب والاذن معا، هنا في اللقاء مع عرض كلمات شباب ابدع ليقدم مادة فنية متنوعة الفقرات، البداية مع لغة الجسد و ترحب سرور نوير بطريقتها الخاصة بضيوف البيت، تلبس الكسوة التونسية والشاشية وتحمل بين يديها باقة من الورود توزعها على ضيوف البيت، لحركاتها دلال العاشقة وغنج الحبيبة، حبيبة الشعر والشعراء.

هنا في بيت الشعر تماهت النغمات مع حركات سرور نوير، وكلمات الشعراء الذين أنشدوا بعضا مما حبّروه قبلا، ولان البيت انثى والوطن انثى والكلمات انثى كانت بداية القراءات الشعرية مع شاعرة امرأة و مع نغمات القمبري تقرأ الشاعرة جميلة الماجري بعضا من كتاباتها، ابنة القيروان تتغزل بقيروانها، تناجيها وتناشدها انها الاجمل دوما، الشاعرة جميلة الماجري انطلقت بتوجيه تحيتها الى وطنها تونس وقالت:

بماذا اجيب اذا ما سألت لماذا احبّك؟
من اين ابدأ في القول ماذا اقول

من الحب ما لا يقال و ما لا تحتويه الفصول
وفيك من الحسن ما يقصر القول عنه

وما لم اقله وما لا اقول
فقرطاج صفو الهوى حين يضحو

ولروحي في القيروان فلول
وعشقي لنخل الجريد اذا قلت فيه قصيدا يطول».

بعد كل قراءة شعرية يكون اللقاء مع عزف موسيقي ولقاء مع الرقص ايضا، في بيت الشعر قرأ الشاعر شوقي العنيزي ايضا وقال في حضرة الشعر:

مثلما تمطر الان تمطر
ينساب ماؤك في مائها

فيض شوقك يركض في حقل اسمائها
والظلام الذي كدت تلبسه معطفا

ليس الا انحدارك متى تسمع لآلائها
اين امضي اذا وانا كلما عبرت غيمة امطرت

غيمة في سما اضلعي
كلما قلت بيتا تضاءل حتى تناهى
نوايا كلام الى مسمعي

تتواصل النغمات الرقيقة من الة لكمنجة، تصاحب الحضور في جولة لاكتشاف الصور الشعرية الحلوة، اختتام القراءات كان مع الشاعر الكبير جمال الصليعي الذي امتع الحضور ببعض ابيات من ديوان النمل وقال:

ومرّ، من ليله الحامي اوائله
ومال منتصفا او بعد منتصف

والبست صحوات الطين غفوتها
واشعلت طلعة النجوى حينما كلفي

واسلمت جيدها انثى لشاعرها
ومسّحت كفّ خزاف على خزف

وارسل الفجر ، قبل الفجر
نسمته تحنو على كبد مدّت على شبق

و ضمّ كل حبيب ضلع كاتمه
فطاب للصمت ان يصغي كل معترف».

مع كلمات جمال الصليعي كان اختتام تظاهرة كلمات، كلمات اللقاء الفني الذي دمع المولعيبن بالشعر في بيت الشعر، لقاء فني اختلفت فقراته نسجت مكوناته عقول شباب يريد التغيير والتجديد، لقاء اكد ان الاجحساد قد تموت ولكن الكلمات خالدة « يموتون بلا ذكرى وتبقى الكلمات» كما قال منور صمادح.

احمد شاكر بن ضية مدير بيت الشعر
احمد شاكر بن ضية هو المدير الجديد لبيت الشعر، شاعر عرف بقصائده المتمردة ذات النفس الثوري، شاب عين مؤخرا على رأس بيت الشعر، و بخصوص الصيغة القانونية لبيت الشعر قال احمد شاكر بن ضية ان بيت الشعر التونسي لا يتمتع بالشخصية القانونية وبالتالي يبقى مجرد إدارة من إدارات الوزارة. وهو ما يعوق تحقيق بعض المشاريع مثلا إصدار مجلة أو كتب وإنتاج عروض أو إنجاز أي نشاط يمكنه أن يعود للبيت بدخل مالي. وأنا أنسق منذ مدة مع مصلحة الشؤون القانونية في الوزارة. وقد أعلمني الوزير مساء أمس أن الملف قيد الدرس وقريبا سيقع حل الإشكال كما قررنا الانتقال إلى مدينة الثقافة لحل مختلف مشاكل البيت القانونية والمالية والمتعلقة بعزلة المقر وتداعيه وعدم قدرته على استيعاب التظاهرات الكبرى.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115