روبرتاج: بعد رهان جيل وحلم طويل أصبحت لنا مدينة للثقافة ...

هي مدينة للصورة والفكرة، للرسم والنحت، للفن والجمال... للإنسان. وما بين الحلم والرهان تشكلت شيئا فشيئا ملامح المدينة المنتظرة التي تحمّلت طويلا قلق السؤال والمكان وحملت كثيرا الرجاء والآمال... من رحم الخيبة الممزوجة باليأس كانت ولادة مدينة الثقافة في «بعث جديد» بعد أن ظلت لسنوات جثة هامدة بلا حياة. هذه المرّة لن يكون في الأمر تعثر ولا

تأجيل فالمسألة محسومة: مدينة الثقافة شبه جاهزة والانطلاق الفعلي لنشاطها في 20 مارس 2018.
تلاشى طيف «مقبرة الثقافة» وانسحبت صفة «المشروع الستاليني» أمام تحوّل الحلم المنكسر إلى واقع ملموس وقد شارفت مدينة الثقافة على الاكتمال لتكون قريبا منارة للفن والإبداع...

حلم يتحقق... أمل يتجدد
في ذاك الشارع الطويل ،الشهير، المعروف بمقراته الرسمية ومؤسساته البنكية... تربعت مدينة الثقافة في قلب الشارع النابض ليكون للثقافة صوت وكيان في عالم المال والأعمال. في مدخل رئيس يتهادي على ضفافه النخيل في خيلاء وكبرياء كانت الواجهة الرئيسية لمدينة الثقافة على شارع محمد الخامس مباشرة في حين خصص مدخل ثان لاستقبال الشخصيات الرسمية والوفود الأجنبية. ما بين الروعة والفخامة، تأخذك الجولة الطويلة الشيّقة في رحاب مدينة تونس الثقافية إلى عوالم أخرى تفتك فيها الثقافة السيادة والريادة وقد توفرت لها الفضاءات والتجهيزات والإمكانات ...هنا، يتسع المكان لكل الفنون ويستجيب لخصوصية كل قطاع ثقافي على أكمل وجه وفي أفضل صورة.
أمام الانبهار بعظمة برج الثقافة (مساحته 840 م² وارتفاعه 60 م) وتلك الرؤية «البانورامية» المدهشة والنادرة من الأعلى الشاهق للمدينة من كل الاتجاهات... تقف الكلمات عاجزة أمام الفخر بهذا المنجز في بلد عاني فيه أهل الثقافة والفن والإبداع طويلا من ضيق المكان وتشتت الفريق وتهميش الثقافة.
بعد 5 سنوات من توقف الأشغال وتعطل المسار، استأنفت في شهر أفريل 2016 أشغال مدينة تونس الثقافية بعد أن تسلمت شركة مقاولات تونسية المشروع خلفا للمقاولة التشيكية التي عجزت عن إتمام المهمة في الآجال المضبوطة بالرغم من تمديد مدّة الاتفاق لأكثر من مرّة. وقد تم تعيين محمد الهادي الجويني مديرا عاما لوحدة التصرف حسب الأهداف لإتمام والإعداد لافتتاح مدينة الثقافة واستغلال فضاءاتها الفنية والتجارية.

وعلى أمل أن يكون الانطلاق الفعلي لمدينة الثقافة يوم الاحتفال بعيد الاستقلال في 20 مارس 2018، وعد محمد الهادي الجويني بأن تكون هذه المدينة عاصمة ثقافية عالمية بفضل طبيعة البرامج الفنية المتنوعة والطموحة التي يقدمها المبدعون التونسيون واحتضان التظاهرات الثقافية الكبرى والمتنوعة والتشجيع على البحث العلمي المرتبط بالثقافة عن طريق مجموعة منشورات الفنون المقارنة والمطبقة، الجماليات، علم العلاقات، تاريخ الفن، وبالرجوع إلى التيارات الفكرية الثقافية في علاقتها مع استراتيجيات التنمية، فنون العلاج، العادات المقارنة، فنون السلم، حوار الحضارات والأديان...
مسارح وقاعات سينما وفضاءات لكل الفنون...

ليلا ونهارا، لا تهدأ الحركة بمدينة الثقافة والأشغال تجري على قدم وساق بهدف الانتهاء في الموعد المحدّد والأجل المضبوط . وعن مدى تقدم الأشغال بمدينة الثقافة أفاد المسؤول عن مدينة الثقافة بوزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية معتوق بن عامر في تصريح لـ»المغرب» أن نسبة التقدم في الأشغال بلغت 80 % بعد الانتهاء من أشغال ثلثي الجزء الأول من مشروع مدينة الثقافة على أن يقع استكمال الثلث المتبقي في موفى فيفري 2018.
وبخصوص مكوّنات مدينة الثقافة التي أصبحت جاهزة فتتمثل في فضاءات الاستقبال والتوجيه والفضاءات التجارية والإدارة العامة. كما تم الانتهاء من أشغال فضاءات الإنتاج برج الثقافة (علوه 60 مترا) وقاعة محاضرات تتسع لـ 100 مقعد، إلى جانب تهيئة قاعتي سينما بطاقة استيعاب 150 و350 مقعدا. إضافة إلى قاعة العروض الثقافية ( 3 قاعات) دار الفنانين

ومخازن الأعمال الفنية...
وعلى إثر استكمال هذا الجزء الأكبر من مدينة الثقافة ستنتهي في موفى فيفري 2018 أشغال الجزء الثاني الذي يشتمل على 3 قاعات للمسرح تتسع الأولى إلى 700 مقعد وقاعة ثانية بها 300 مقعد بينما تتسع قاعة الأوبرا إلى 1800 مقعد.
وعن مشروع إنجاز متحف وطني للحضارات في مرحلة ثانية بمدينة الثقافة أفاد المهندس معتوق بن عامر أن وزارة التجهيز أنهت إعداد الدراسات الفنية والتمهيدية المفصلة.
وعن الكلفة الجملية لمدينة الثقافة صرّح المسؤول عن مدينة الثقافة بوزارة التجهيز أنها في حدود 125 مليون دينار.
أخيرا، تحقق الحلم في مدينة تعشق الفنون والثقافة...ويبقى الأمل أن تحافظ هذه المدينة على هذا المكسب الوطني وأن تكون منارة إشعاع للممارسة الفنية والإبداعية وقاطرة للتنمية الثقافية...

مكوّنات مدينة الثقافة
يقع المشروع في شارع محمد الخامس على مساحة تقدر بـ 8,6 هكتار وتتكون مدينة الثقافة من تسعة مكونات وظيفية:
• الاستقبال العام للجمهور مساحته 6462 م² مخصص لاستقبال واعلام العموم حول نشاطات المدينة وتظاهرات المركز والهدف منه هو خلق جسر تواصل بين المدينة والانشطة المذكورة وهو فضاء توجيهي لنشاطات المدينة وسيقع تدعيمه بوسائل تكنولوجية ولوحات توجيهية مضيئة ومحامل اشهارية رقمية والحواسيب ذات الملامس.
• الجمهور وفنون الركح يتكون من ثلاثة مسارح، مسرح الأوبرا 1800 مقعد، مسرح الجهات 700 مقعد، مسرح المبدعين الشبان 300 مقعد وهذه المسارح مخصصة للابداع والانتاج واستقبال العروض الركحية : الأوبرا، بالي الرقص، المسرح، الموسيقى، وذلك وفق الطلبات الوطنية و الدولية .
• مكتبة متعددة الوسائط مساحتها 2376 م² يمكن استغلالها كفضاء تجاري للكتب الفنية والثقافية والمحامل المخصصة لتقديم وتوثيق المواضيع المعاصرة على محامل عصرية للاتصالات.
• القطب السينمائي مساحته 1391 م² يتوفر على، قاعة تتسع لـ350 مقعدا وقاعة 150 مقعدا يمكن أن يفوت فيها للخواص تخصص لنشر الثقافة السينمائية خصوصا التراث السينمائي الوطني حيث ينتفع بأدوات نشر ملائمة للأهداف الثقافية ودور مدينة الثقافة المتمثل في تدعيم الثقافة المرجعية بدون شعبوية (البحث عن السينما التجريبية، التوثيقية، الافلام ذات موضوع)

• دار الفنانين فضاء مساحته 2336 م² الذي سيحتضن:ـ المركز الوطني للاستثمار الثقافي
• المركز الوطني للكتاب
• المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر مساحته 4711 م² مخصص لاستقبال معارض الفنانين التشكيليين والنحاتين في كل مجالات الفنون التشكيلية بمعناها الواسع إلى جانب ما تتضمنه للخزينة الوطنية للفن التشكيلي وما تحتويه من أنشطة الحفظ والترميم والرقمنة.
• استوديوهات الانتاج الخاصة بفنون المسرح والموسيقى والرقص الفني.
• الادارة العامة تمسح 2452 م² وهو فضاء مخصص لتأمين الدعم والتصرف والتنسيق والترابط وانجاح نشاطات المدينة بالاضافة إلى الفضاءات الخارجية التي تتميز بقسم خاص للعموم منفتح على العاصمة.

ـ برج الثقافة مساحته 840 م² وارتفاعه 60 م.

أهم محطات مدينة الثقافة
• 1992: قرار رئيس الدولة بإنشاء مدينة الثقافة بالعاصمة.
• 1994: تم تخصيص ميزانية قدرها 120 مليون دينار لبناء مدينة الثقافة.
• 2006: انطلاق الأشغال بمدينة الثقافة بعد أن فازت شركة مقاولات تشيكية بطلب عروض دولي ...وتم تحديد سنة 2008 كأجل أقصى لإنهاء الشركة التشيكية لمهامها.
• 2008:عجزت الشركة التشيكية عن إتمام المشروع في الآجال المحددة فتم تأجيل تاريخ إنهاء العقد إلى نهاية جوان 2010.
• 2011: إيقاف الأشغال بسبب استحالة إتمام المشروع وعجز المقاول التشيكي عن الإيفاء بتعهداته... مما انجر عنه إلغاء العقد مع الشركة التشيكية.
• 2015: أطلقت وزيرة الثقافة السابقة لطيفة الأخضر طلب عروض دولي لأتمام المشروع بدل المقاولة التشيكية.
• 2016: استئناف أشغال مدينة الثقافة بعد أن تسلمت مقاولة تونسية المهمة على أمل أن تصبح مدينة الثقافة جاهزة للاستغلال في موفى سنة 2017.
• 2017: الافتتاح الرسمي لمدينة الثقافة
• 2018: الانطلاقة الفعلية لمدينة الثقافة في 20 مارس 2018

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115