لوّح البعض من بعيد بمعاول الهدم لمحو هذا الزرع والثمر والزهر ...
«جمهورية الثقافة» برنامج تلفزي من إعداد وتقديم الدكتور والإعلامي عبد الحليم المسعودي، يتواصل بثه للموسم الثاني على شاشة الوطنية الأولى.
عريضة بدعوى «برنامج فاقع اللون الإيديولوجي»
في «جمهورية الثقافة» تفتح أبواب النقاش على شواغل الوطن وتُشرع نوافذ الحوار على هواجس المواطن في كافة المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية... بمنح المصدح للنخبة المثقفة من فنانين وأدباء وأكاديميين ونشطاء في المجتمع المدني...
وبعد انطلاق موسمه الثاني ،مؤخرا، على قناة الوطنية الأولى في سهرة كل اثنين تمّ منذ أيام قليلة تداول عريضة قصد الإمضاء والنشر ضد برنامج «جمهورية الثقافة» تحت عنوان: «لا لعودة الدكتاتورية من النافذة الإعلامية».
وقد ورد في هذه العريضة ما يلي:«إن المشاهد لقناة الوطنية الأولى وهو من دافعي الضريبة التلفزية يجد نفسه مستهلكا اضطراريا لرؤية ثقافية واحدة ولرأي سياسي واحد طوال الأسبوع وفِي ساعات الذروة وليس برنامج «جمهورية الثقافة» إلا مثالا على ذلك».
ونعت أصحاب العريضة برنامج «جمهورية الثقافة» بـ «ذاك البرنامج الممتد الهويات، المسوق للمثقف العام المعادي للاختصاص، المحدود الضيوف، فاقع اللون الإيديولوجي، الذي يحتكر شرعية الرأي وشرعية الرأي المخالف. في صورة مهينة لأبسط قواعد العمل الصحفي وإدارة الحوار، وفِي اعتداء مضحك تراجيكوميدي ويومي على شروط التوازن والتمثيلية الثقافية الدنيا».
كما طالب الممضون على العريضة « الهايكا بتحمل مسؤوليتها إزاء هذا الاستحواذ الكلياني الايديولوجي المقرف المتحزب للإعلام العمومي وإزاء الاستيلاء على القطاع العام بشكل فاضح ومخز ولا أخلاقي وفاشي» معتبرين أن»لا شي يبرر الاستيلاء على وسائل الإعلام العام وان كان باسم الطليعة الثقافية والفكرية و العلمية».
«أعداء الفكر ... يخافون الثقافة»
ليس برنامج «جمهورية الثقافة» بالجديد في الموسم التلفزي لهذا العام على قناة الوطنية الأولى باعتبار أنه انطلق منذ السنة الفارطة على الشاشة التلفزية ذاتها، فلماذا صمت المحتجون على هذا البرنامج سابقا ولم يتكلموا إلا الآن والحال أن التصوّر والمضمون لم يتغيّر في «جمهورية الثقافة»؟ في هذا السياق يجيب معدّ ومقدم البرنامج عبد الحليم المسعودي بالقول:» في البداية أستغرب شديد الاستغراب إقدام أصحاب العريضة على مهاجمة «جمهورية الثقافة» وهم في الحقيقة من غير المنتمين للمجال الثقافي! كما لابد من الإشارة إلى أن هذه العريضة وإن استهدفت بالخصوص برنامج «جمهورية الثقافة» سبق وأن كررت الخطاب ذاته واللغة نفسها تجاه التلفزة العمومية في محاولة للسيطرة على مفاصل الإعلام العمومي. وشخصيا أعتبر أن هذه العريضة ضد «جمهورية الثقافية» دليل على نجاح هذا البرنامج وإحداثه القلق والجدل والسؤال في المشهد البصري الذي سادته ثقافة الاستهلاك و»البوز» والإثارة الرخيصة للغريزة...».
وتعليقا على خلفيات استهداف البرنامج الثقافي»جمهورية الثقافة» يضيف الدكتور عبد الحليم المسعودي: «للأسف لا يزال يتربص بالمجتمع التونسي أعداء الفكر التنويري والتفكير العقلاني ممّن يخافون الثقافة ويسعون إلى إغراق المجتمع في مستنقعات الجهل والأميّة والتخلف. وهذا ما تعكسه محاولات تدمير الثقافة بمفهومها الإنساني والحضاري واستبدالها بالثقافة القروسطية الرجعية المتخلفة. ولكن هذه الهرسلة لصوت النخبة المثقفة وللذكاء التونسي عموما لن تزيدنا إلا إصرارا على المضي قدما في درب المعرفة والفكر الحر..».