«مغرب» الشباب: بورتريه المخرج حمدي الجويني السينما ولادة متجددة والشارع موطننا والأطفال هاجسي الأول

تونسي شاب يؤمن ان السينما وسيلة للنضال، اختار الكاميرا لتكون صوت المنسيين، صوت الشارع ونبضه، تونسي يؤمن ان الثقافة كما الغذاء من ضروريات الحياة، عرفه جمهور سينما الهواية من خلال السينما الوثائقية، لأفلامه وقع الرصاص على المشاهد لأنها تدفعه للسؤال والتساؤل عن اولئك الذين يعيشون معنا ولا نرى معاناتهم، حمدي الجويني أو

«تكساس» كما يحلو لأصدقائه مناداته، هو حمدي الجويني» مواطن تونسي مارس السينما من 2011 عمره 28 سنة متخرج من معهد الفنون الجميلة وهو إبن الضاحية الجنوبية (بئر الباي).
مخرج شاب له عين مميزة في الفيلم الوثائقي، عرفه الجمهور بفيلمه «10عالعاصمة» ذاك الفيلم الذي تحدث عن معاناة الاطفال الذين يقطنون فقط 10كيلومترات عن العاصمة، اطفال كانت الكاميرا الاداة للحديث عن معاناتهم اليومية واحتياجاتهم فكانت صوتهم، حمدي الجويني من المغرمين بالعمل مع الاطفال لأنه يبث الأمل في الحياة ويجعلني كمدرب أطفال في مجال صناعة الأفلام أعود إلى طفولتي وأستوعب أفكار الأجيال القادمة ومشاغلهم» كما يقول دائما.

البداية مع الوثائقي وفيلم طويل في طور الانجاز
يعشق البحث والتجديد، كلما مسك الكاميرا أذهل مشاهديه باختياره لزاوية التصوير، المخرج حمدي الجويني، انطلقت تجربته في السينما الوثائقية ولكنه لم يختر أن يكون مخرجا وثائقيا «في البداية أنا لم أختر ولم أبحث عن نوع الفلم أو المواضيع فالعمل السينمائي كان واجبا يجب انجازه والتعايش معه فبالنسبة لي أتّخذ المواضيع في افلامي من المنطلق الذاتي وليس الموضوعي فنظرا لإيماني أن الذات بحر ومصدر إلهام كبير قلّما التجئ للأشياء الموضوعية، كذلك فإن الفيلم هو من يفرض نفسه على المخرج» هكذا يقول الجويني حين يسأل عن السينما الوثائقية، تجربة الجويني الوثائقية انطلقت مع فيلم «10عالعاصمة» الفيلم الذي صور في مدينة المحمدية وبالكاميرا نقل ما يعانيه صغار تلك المدينة القريبة من العاصمة والبعيدة عن التنمية فيلم شارك في ايام قرطاج السينمائية ونال جائزة في مهرجان الفيفاك بقليبية، الفيلم الثاني «البوبية» تنقل صاحبه الى نفطة في الجريد التونسي وصور صانعي «العرائس الطينية» التي تباع الى السياح بالكاميرا حَمل الجمهور الى الصحراء الى مواطنين تونسيين لازالوا يحلمون ببناء بيت لانهم لازالوا يسكنون الخيام، بالكاميرا نقل اهازيج الصغار الذين لا يعرفون طريقا الى المدرسة، ومن الجريد الى «المرج» شرق لبنان تحديدا الى مخيم للاجئين السوريين وصوّر فيلم «كلمات لا تعبّر» عن ورشة لكيفية انجاز فيلم سينمائي فيلم داخل الفيلم نقل معه وجيعة اللاجئين وحلمهم، ثم رجع الى الجريد لينجز فيلم «سلطان الجريد.

لذلك فالسينما التي يقدمها هي من وحي البيئة التي يعيش بها، افلام يجيب معها عن مجموعة من الاسئلة التي قد تسكنه او تراود من سيشاهد الفيلم، اسئلة عن الحق والوطن واسئلة يكون فيها الانسان هو الهدف الاساسي للمخرج.
بعد التجارب السينمائية التي خاضها الجويني سواء كمخرج او مساعد مخرج من «10 على العاصمة» كانطلاقة فعلية ثم «البوبية» و«مخاض تعبيري» ف«حمرا كحلة» كأول محاولة لفيلم تجريبي.. يرى محدثنا أن الوقت قد حان لخوض تجربة الفيلم الطويل فكرة وسيناريو أشتغل عليه من 3 سنوات وأرى أنه يناديني ويأمرني بأن أنجزه و هذا الأول في المخطط... وأنا جاهز نفسيا لخوض هذه الرحلة فهذا الفيلم فهو عبارة عن رحلة البحث عن الأب وسيحمل هذا العنوان.

«فني رغما عني»: الشارع موطننا والكلمة كلمتنا
تعرفه الشوارع جيدا، شاب اختار الشارع للمقاومة والمطالبة بالحقوق، انخرط في حركة مسرحية عاندت السلطة لتوصل شيفرات التمرد والحرية الى التونسيين في اعمال «حررني» و «جهنة» و»قنطرة» و «دورة مياه» و»قتلتوه» ، في الكاف وشارع الحبيب بورقيبة اتهمه التكفيريون بالزندقة والكفر ولكنه واصل تقديم اعمال مسرحية يعرفها المهتمون بفن الشارع جيدا.

حمدي الجويني اسم اقترن بالتحركات الاحتجاجية الثقافية التي قادتها جمعية «فني رغما عني»، حمدي الجويني انخرط في عمل مسرح الشارع المقاوم، وقدم في اطار الجمعية العديد من الاعمال التي كان هدفها الاساسي الدفاع عن حق التونسي ومناداته للتمسك بحقوقه الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، تجربة اثرت في العديد من الشباب في تونس الذين اتخذوا منهج فني رغما عني طريقهم للمقاومة والتحرك، تجربة حققت عدة مكاسب رغم العناء و مشقة مقاومة النظام الفاسد والمعترضين على التغيير و الرقي بالعقول والوعي الجماعي على حد تعبير حمدي الجويني الذي خير الانسحاب من الجمعية «حتى لا احيد عن مبادئي الانسانية».
من الشارع كما يقول الجويني انطلقت اعماله الفنية سواء المسرحية او السينما فنبض الشارع هو الاصل وهو شريان اعمال الجويني، وهو فنان يرفض التمييز بين مسرح الشارع والسينما ويرى ان التجربة واحدة فرغم تخصصه السينمائي يبقى المسرح متنفسا للحرية والحلم.
فللمسرح تأثير كبير على الصورة التي يتناولها الجويني في أعماله ويظهر هذا خاصة من خلال فيلم «حمرا كحلة» من أداء ممثل وتقنيات الإضاءة وبساطة الصورة فالفيلم كان عبارة عن محاولة مسرحة السينما، لأن السينما عند الجويني ممارسة ومحاولة حياة متجددة وليست فقط مجرد تنظير.

على خطى ناجي العلي نرسم ونحلم
قليلون هم الذين يختارون العمل التطوعي في مخيمات اللاجئين، نادرون هم الذين يريدون أن يعيشوا بين اللاجئين يقدمون الفرحة لأطفالهم وحمدي الجويني من التونسيين الذين توجهوا الى المخيمات السورية والفلسطينية، حمل الكاميرا وتوجه الى اطفال يحتاجون لبعض الأمل ورسم معهم أملا متجددا.
تجربة «هي عبارة عن رمي بذور بالمزارع و أو غرس الأشجار في غير الأعياد ثم تنتظر الثمار، من أكثر الأشياء التي كانت تصاحب فكري في هذه التجربة هو ما قرأته عن ناجي العلي فإيماني أن هناك العديد من ناجي العلي تحت سقف الخيم البالية و معاناة اللجوء» هكذا يتحدث الجويني عن فكرة انجاز ورشة للفنون بين خيام اللاجئين.
ويضيف بنبرة عاشق للحلم « أن تقدم ورشات فنية لأناس في حاجة ماسة إلى الأكل والشرب والمسكن و الوطن فهذا مختلف بعض الشئ، لكن أن تعتبر أن الفن بما فيه و الثقافة هو من أساسيات الحياة فتخوض التجربة عن قناعة ثم تنتظر ثمار ما قدمته، شخصيا أعتبر الأشياء التي كسبتها من التجربة هي إعادة الأمل و معنى للحياة للأطفال و المجتمعات

المحرومة ففي المستقبل سنشهد من هؤلاء ناجي العلي آخر»، في المخيمات قدم الجويني العديد من الورشات لاعب الاطفال وشاركهم مسحة من فرحة رسمت على وجوه قتلها التشرد وفقدان الوطن، مع صغار حرموا من حياتهم الطبيعية عمل بمقولة «المناضل الحقيقي دائم العطاء يأخذ حقه من خلال حقوق الآخرين وليس على حسابهم ناجي العلي».
الفعل الثقافي هو عنوان للحياة والإرادة الصلبة التي ترفض الخنوع والخضوع، الابداع عملية ولادة متجددة كما تفتح الورود سويعات الصبح الاولى او هي صرخات المستضعفين الساعين الى الحرية، الابداع فعل متجدد والحركات الثقافية ايا كانت اهدافها ستنجح متى توفر شرط «الحب، ثم الحب» فالحب وحده دليل المبدعين والحب زادهم لينجحوا ويتميزوا كما يقول حمدي الجويني كلما سأل عن سر نجاحه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115