الكتب الوطنية مساء الأربعاء 20 سبتمبر 2017بإشراف وزير الشؤون الثقافية. وقد تم بالمناسبة إصدار كتاب «طائر الحرية: الحبيب الجنحاني».
«أعتز اليوم بعد هذه الرحلة الطويلة ذات الروافد المتنوعة أن أكون منحدرا من سلالة هذه الفئة من الزيتونيين»... هكذا صرّح المفكر الحبيب الجنحاني مختزلا لمسيرة مشرفة استحقت التقدير والتكريم.
رجل فكر وثقافة... والتزام سياسي
إن تخلفت صاحبة «يوم الوفاء» الشاعرة سعاد الصباح عن حضور مناسبة تكريم المحتفى به الدكتور الحبيب الجنحاني لأسباب صحية، فقد بعثت إلى مديرة المكتبة الوطنية برسالة تضمنت شهادتها عن عطاء رجل الفكر الحبيب الجنحاني، وقد جاء فيها: « قلّما التقيت في حياتي بشخص يربط بين الفكر والثّقافة والالتزام السّياسي، بل ويعتبر الثّقافة نفسها موضوع التزام مثل الأستاذ الحبيب الجنحاني. يكفي أن أقول إنّه نقابي وسياسي ومؤرخ ومدرس وكاتب وأديب ورحالة، ويكفي أن أقول إنّه مؤسس ورئيس سابق أو عضو لعدة جمعيات وهيئات محلية وإقليمية ودولية، منها اتحاد الكتاب التونسيين، والجمعية التونسية للتاريخ والآثار، ونقابة التعليم العالي والبحث التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، والمكتب الدائم لاتحاد المؤرخين العرب، والمجلس القومي للثقافة العربية 1984... ويكفي أن أضيف إنّني عرفت فيه شخصا ملتزما ومؤمنا بوظيفة المثقّف النقدية، وأنه كان يهاتفنا ويدعونا إلى الاجتماع كلّما اشتدّت المحن بهذا الوطن، فيقترح اتّخاذ موقف عمومي جماعي مما يهدد البلاد قبل الثّورة وبعدها. يكفي هذا الغيض من فيض، لتتّضح لكم صورة المناضل حامل القلم، منذ أن كان طالبا زيتونيّا يحلم بتعليم حديث، ويساهم في معركة الاستقلال إلى أن أصبح في تونس ما بعد الثّورة يدافع عن الحداثة السياسية والدولة المدنية، ثم أصبح يريد وضع «تجربته النضالية في المجالين السياسي والنقابي تحت تصرف الأجيال الجديدة في سبيل تثبيت قيم المواطنة، والحريات العامة في التربة العربية»، كما يقول في مقدّمة سيرته العلمية.»
وعرّجت مديرة دار الكتب الوطنية رجاء بن سلامة على طبيعة العلاقة بين المفكر الحبيب الجنحاني وهذه المؤسسة المعرفية، إذ قالت:»لا يفوتني أن أذكر لكم العلاقة الوطيدة التي تربط الحبيب الجنحاني بالمكتبة الوطنيّة. فعندما كان طالبا زيتونيا، تردّد على الخلدونيّة وحضر دروسها التّنويرية، وجمعته أواصر البحث والمعرفة بالآباء المؤسّسين لهذه المكتبة وأبرزهم حسن حسني عبد الوهّاب وعثمان العكّاك... وقد أهدى في سنة 2010 مجموعة من كتبه التي عرضناها في فهرس أعددناه لهذا الحفل».
الجنحاني يسرد سيرته بقلمه...
في حفل تكريم الدكتور الحبيب الجنحاني بدار الكتب الوطنية، قال وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين: «تكريم مؤسسة سعاد الصبّاح الكويتية للمفكر الحبيب الجنحاني هو تكريم لتونس التي تعيش مخاضا في مسيرتها الانتقالية».
وأشاد الوزير محمد زين العابدين بـ»المزايا الفكرية والإسهامات الثقافية للمفكر والناقد والمؤرخ الحبيب الجنحاني صاحب الفكر النقدي المستنير وصاحب الشخصية المعرفية الشمولية المتعددة أبعادها النقابية والسياسية والحقوقية...».
وبهذه المناسبة تم إصدار كتاب فاخر الطبع يضمّ حوالي 300 صفحة عن مسيرة المفكر التونسي الحبيب الجنحاني تحت عنوان: «طائر الحرية: الحبيب الجنحاني». وقد توزعت صفحات هذا الكتاب بين فصول كتبها الجنحاني بقلمه، وشهادات لعدد من معاصريه وأصدقائه إلى جانب قسم مصوّر لمراحل حياته في تونس وخارجها... وفي هذا السياق قال مدير دار سعاد الصباح للنشر علي المسعودي الذي كان حاضرا بالنيابة عن الشاعرة سعاد الصباح «إن الكتاب التكريمي يستعرض مسيرة الجنحاني ويلقي الضوء على جوانب شخصيته مع سرد سيرته كما رواها بنفسه، وشهادات الأصدقاء، وبعض الصور التي ترصد محطات من حياته. ومن أهم ما يميز الكتاب التكريمي ان الجنحاني سرد سيرته بنفسه في نحو سبعين صفحة وتحدث فيها عن هجراته الأربع...».
وكم هو جميل أن يكون التكريم في الحياة لا الممات وأن يكون الاحتفاء بمفكرينا وأدبائنا وشعرائنا وفنانينا بحضورهم جسدا وروحا لا في غيابهم الأبدي عن الحياة ...
الحبيب الجنحاني في سطور
مــؤرخ وجـامعي تــونسي معـاصر، أصيـــل مدينة قليبية من ولاية نابل. تلقى تعليمه في جامعة الزيتونة ثم أكمله بألمانيا بالحصول على دكتوراه في العلوم الإنسانية . تخصص في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي. انتدب للتدريس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة للجامعة التونسية، وقد تولى تدريس تاريخ المغرب الإسلامي. كما كان أستاذا زائرا بعدد من الجامعات العربية والأجنبية. وهو من مؤسسي نقابة التعليم العالي والبحث العلمي التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل أيام الزعيم الحبيب بورقيبة. كما ساهم في تأسيس وعضوية عدة هيئات وجمعيات في تونس والبلاد العربية، ومنها: اتحاد الكتاب التونسيين، واتحاد المؤرخين العرب...