تظاهرة ليالي المتحف بسوسة : حسّ لبنى نعمان

هي كحمامة بيضاء تعشق الطيران، تحلق بمحبيها في سماء الفن، هي كطفلة صغيرة مرهفة الاحساس تتاثر للحظات تبكي وقد تشعر باليأس لتضحك بعد كلمة غزل تسمعها، هي الهادئة كنسمة بحر صيفية وحين تغني تصبح لبؤة، ملكة جد قوية متمسكة بفنها وبطريقتها الصعبة التي اختارتها تحاول التجديد وكتابة اسطر مختلفة عن الحكايات السوداوية والقصص الماساوية التي يعيشها الفنان.

امام جمهور من الشباب، جمهور آمن بفنها قدمت لبنى نعمان عرضها «حس» في متحف سوسة، ضمن فعاليات تظاهرة ليالي المتحف، «حس» لبنى نعمان كان كما هسيس ورق اشجار الخريف يعلن انه موجود وان تساقط، حس كما صوت موج البحر ثائر لا يهدأ.

على هذه الارض...شعب يحب الحياة
تنطلق الموسيقى رقيقة من الة العود، نغمات ترحل بك بعيدا ربما ستنظر قبالة البحر وتمتع عينيك برائحة السفن الغادية ليلا، او ستتامل جزئيات المكان والوانه، مهدي شقرون يعزف برقة وكانه يكتب مقطوعة للجمال، بعدها تصعد لبنى نعمان بفستانها الاحمر البسيط مع كل عرض يكون للفنانة طريقة لباس مختلفة لها «ستايل» خاص ينطلق من اللباس التقليدي التونسي، في اول لقاء لها مع جمهور المتحف غنت لتونس وصدحت بصوتها الرقيق «كان يا ماكان»، «بلاد وترابها جنان، رجال ونساء، احلام بين ماء وسماء»، لتونس غنت ولشعبها تحدثت عن مطامير روما، عمن يقولون «لا» للظلم، والوجيعة، للشعب التونسي المحب لحياة قدمت باقة من اجمل اغاني مجنوعة حس، على الركح تماهت حد الانسجام مع مهدي شقرون رفيقها في الحلم والمشروع ، لساعتين غنت لبنى نعمان، امتعت جمهورها بأغانيها وبرقة صوتها، رقصت وبدت جد تلقائية على الركح واكدت انها ومجموعة حس عنوان لبريق هذا الوطن كما يقولون في اغنية وطن:
قد كنت احسبه يصون مواهبا
فوجدته للنابغين محاربا
وطن رضعنا حبه فاثابنا عن حبنا
ألما وهما واصبا
سنظل نعشقه على علاّته ونضيء فيه
مجاهلا وغياهبا
الفن الملتزم في تونس؟

لبنى نعمان ومهدي شقرون ثنائي موسيقي اختار الموسيقى الملتزمة، اختارا أن يغنيا لتونس بطرق جديدة، اختارا ان يقدما اغان تتحدث عن معاناة الشعب عن محن الوطن، هي ملتزمة ومتمسكة بتونس في لباسها وطريقة حضورها الركح و صوتها الهادئ ومهدي ملتزم في الحانه يحاول نقل وجيعة الموجوعين من خلال عوده وعن النصوص يقول «نختار النصوص مما نعايشه من احداث، او نريد قول حقائق واحاسيس وموقف مما يحدث، نغنى حتى لا يكون الانسان مطيعا وساذجا نريد مواطنا ذكيا فنحن للانسان نغني».

ثنائي حلم ولا زال متمسكا بحلمه، لبنى نعمان سبق وان عبرت في لحظة يأس عن قرار الاعتزال وقالت انها ستبتعد عن الغناء بسبب بيروقراطية الثقافة ولكن «عشقي لوطني ولما اقدم جعلني اتراجع عن ذاك التفكير»، لبنى نعمان تحاول خط مسيرة فنية محتلفة اساسها الاغنية الملتزمة، ملتزمة بقضايا الوطن والمرأة اساسا ففي اغلب الحفلات تقدم اغنية من تراث الكاف وهي «بتي سهرانة» اغنية تقول عنها الفنانة «احبها جدا لانها تنقل قوة المرأة قديما وكيفية تمسكها برفضها للزواج مكرهة، المرأة قوية كانت لذلك اغنيها دوما، فالاغنية تقول «بتي سهرانة، نموت ولا زواج الهانة»، وتؤكد في كل تصريحاتها انها تختار اغان معينة من التراث خاصة تلك التي تتحدث عن «حرائر تونس».
لبنى دائمة القول «لانريد حصر الالتزام في المفهوم السياسي الاجتماعي فقط بينما الاغنية الملتزمة مفتوحة على الانسان على الحب والحرية والظلم الفارق في كيفية التناول هو الموضوع».

لبنى نعمان ابنة المسرح أساسا تحاول احيانا إدخال ما تعلمته في المسرح على الموسيقى وهي المتوجة بجائزة افضل ممثلة في مهرجان الاسكندرية عن دورها في فيلم «باستاردو»، لازالت متمسكة بالفن الملتزم لا تزال تقاوم قلة الجمهور وقلة الدعم، فما هو مصير الفن الملتزم في السنوات القادمة؟.

حس، عنوان التراث والذاكرة ايضا
«حس» مشروع موسيقي لا يقتصر على الاغنية الملتزمة وانما ينفتح على البدوي التونسي تحديدا اغاني تراثنا الشعبي التونسي «بحر من الغناء والثراء وجبت إعادة البحث فيه، ويمكن تصنيفه من موسيقات العالم» على حد قول مهدي شقرون.
في «حس» يتنقلون الى الجهات و يقابلون النسوة و من يقولون الشعرالشعبي يقومون بالتسجيل ثم يتم اعادة كتابة الاغنية في الاستوديو، ومن هذه الاغاني نذكر «كبي الفولارة» وهي من تراث المثاليث في جبنيانة.
«حس» مشروع فني ينفتح على الذاكرة الحية يوثقها ثم يتم اعادة صياغتها لتقديمها بنغمة موسيقية يقبل عليها الشباب، بحث في اغان ربما تنسى وتموت مع اصحابها لانها غير متداولة، حس المجموعة المكونة من ثمانية عناصر تبحث في التراث ، وتريد ان تقدم الذاكرة التونسية مع مسحة من التجديد مشروع لا يقتصر على عرض او البوم بل «حلمة» مازالت طويلة.

المرحلة للشباب
لليلة السادسة على التوالي يثبت الشباب انه مبدع، لليلة السادسة يتاكد المتفرج ان المراهنة على الشباب تجربة رابحة، بين الملتزم والطربي والرقص و الغناء والعزف اثبت كل من صعدوا على الركح من الشباب ان لهم احلامهم متمسكون بجني ثمارها، اكدوا انهم يزرعون زهور الامل وبذور الفن علها تزهر ورودا ورياحين من فنون مختلفة، الشباب في تونس مبدع وله مشروع فني متكامل، للمجموعات الشبابية احلام وطريقة عمل قد تبدو صعبة في البداية ولكنهم يعرفون جيدا ان الطريق جد صعبة، فيقدمون الثقافي بعيدا عن سياسة «العرابنية» و«الكاشيات»، شباب يؤمن بالموسيقى ويريد ان يجددها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115