ليالي المتحف سوسة: عرض «عروق» لبدر الدين الدريدي تونس جميلة مادام أبناؤها يحلمون

تونسي آمن بموسيقى بلاده، آمن ان للطبوع التونسية قدرتها على منافسة موسيقات العالم، يؤمن ان للسطمبالي والقناوة والصحراوي والصالحي دور في التعريف بموسيقى البلد، تونسي تشبع بثقافة بلده وعرف انه جندي من جنودها ودوره الاساسي الدفاع عنها بموسيقاه، هو بدر الدين الدريدي فنان يحمل معه مشروعا موسيقيا عنوانه «عروق» مشروع يجمع ثلة

من اجود الموسيقيين التونسيين اختلفت طرق عملهم وجمعهم حب الموسيقى التونسية وتقديمها وتجديدها.
«عروق» أو العودة إلى الأصل، عروق هو عنوان الهوية والدفاع عن تراث قد يموت، عروق الصحراء والجبال، عروق هو موسيقى تونس تقدم بتلوينات ونوتات عالمية، عرض يؤثثه مجموعة من امهر فرسان الموسيقى وهم الصحبي مصطفى عازف القمبري وجوهر تبر عازف الوتر وعماد فلفول عازف الايقاع ومحمد الخشناوي على الدرامز ووسيم بن رحومة على القيتار باص واحمد ليتيم على الناي ووجدي الرياحي على الكلافيي.

هنا تونس بكل تلويناتها فهلمّ لاكتشافها
هنا في متحف سوسة، في فضاء تماهى فيه التاريخي مع الحضاري والجديد كان الموعد مع عرض تونسي الروح والهوى والانجاز، على الركح توزعت الالات سيدة المكان لساعة زمنية كفيلة بجعل المتفرج ينسى ثقل الخارج، هنا اللقاء مع سحر القمبري و رقة الوتر و غنج القيثارة وحزن الناي جنون الايقاع وقوة الدرامز ومشاكسة الكلافيي، في ركح غير الركح اجتمع عدد من فرسان النوتة في تونس، وجدي الرياحي وأحمد ليتيم ووسيم بن رحومة ومحمد الخشناوي وعماد فلفول والصحبي مصطفى وجوهر التبر ومعهم قائد الجولة بدر الدين الدريدي.
ترتفع النغمات عاليا معلنة عن انطلاق رحلتهم الموسيقية، رحلة تكون بدايتها صوت الشقاشق وموسيقى السطمبالي مع صرخة الأصفاد وعبق التحرر وصرخات الحرية تكون البداية وكانّ بالفنانين يعلنون منذ البدء أنهم في حرب، حرب الدفاع عن الهوية التونسية وحرب الذود عن موسيقى شمال افريقيا حرب مستميتة يريدون من خلالها ارجاع البريق إلى تراث الأجداد.

ومن ثمة يتحدث الناي بصوته الرقيق، هدوءه انعكس على هدوء عازفه احمد ليتيم، موسيقى حزينة، تائهة تجعلك تتساءل، اخسروا حربهم؟ ثم يغني الدريدي «حمة ما جاش»، بعد الناي تجيب موسيقى الدرامز على السؤال «قطعا لن نخسر حربنا مادمنا نقاوم لأجل الموسيقى التونسية» بعدها تندفع كل النغمات وتتحد الموسيقات وتختلط فتجدك حينا ترقص على نغمات السطمبالي وحينا آخر تستمتع برقة القمبري ومرة تجدك تغازل الة الوتر وترحل معها الى عالم اجمل من الجمال عالم ميزته نوتة موسيقية هادئة كانها لغة العشاق. القمبري في عرض «عروق» موسيقى خاصة ومميزة لأنها صنعت خصيصا للعرض، هي في الاصل قرعة ماء قسمت بها قصبة مغلفة من الجلد بها 3 أوتار، وتر الحب ووتر الأمل ووتر الهوية.

ساعة ونصف من الرحيل في الموسيقى التونسية، ساعة من البحث والغوص في التقاسيم الموسيقية التونسية، على الركح عزفوا البدوي والقناوة والسطمبالي والصالحي والرقراقي، غنوا لتونس كما يرونها في مشروعهم، لساعة ونصف استمتع جمهور سوسة برحلة بحث عمرها عشر سنوات او يزيد، رحلة موسيقية تونسية ميزتها البحث في الاصول واخراج «العروق» من الات موسيقية متنوعة وتراث موسيقي جد ثري.

حين يجتمع المميزون حتما يكون العرض مميزا.
عرض عروق لبدر الدين الدريدي عرض موسيقي جمع اجود العازفين التونسيين وامهرهم، لكل عازف منهم قصة نجاح في عرض خاص به حاول ان يتشارك فيها مع اقرانه من الموسيقيين، لكل عازف طريقه الخاص وحلمه المميز ، ولكنهم في «عروق» تشاركوا في حلم النجاح ونجحوا، «وجدي الرياحي» عازف البيانو نجده يعزف الكلافيي، فنان توج كاحسن عازف بيانو في ايام قرطاج الموسيقية، فنان له عرض خاص عنوانه «شمال افريقيا» قدمه على ركح الحمامات الدولي كما عرض موسيقاه مع الفنانة السورية لينا شاماميان وجدي الرياحي الحالم نثر بذور حلمه فازهرت رقة في النغمات.
الى جانبه الهادئ احمد ليتيم عازف الناي هو الاخر مختلف وساحر هو رمز من رموز قوة عرض عطور لمحمد علي كمون، ليتيم كلما عزف يثبت انه فنان استثنائي بموسيقاه يحملك الى عوالمه الخاصة، عزف على ركح الحمامات ايضا في عرض «حبوبة يغني حبوبة يرقص» وعرض وجدي الرياحي، اما وسيم بن رحومة عازف القيثارة فصعد ركح المتحف في العرض السابق وعزف نغماته الساحرة مع زياد الزواري، ومن يقول الايقاع وجنون البندير والطبلة سيقول حتما «عماد فلفول» ، فلفول جد معروف عند كل الموسيقيين معروف بجنونه الذي انعكس على موسيقاه، اما محمد الخشناوي عازف الدرامز فشريك الدريدي في الحلم والمشروع، الى جانبهم الصحبي مصطفى المختص في موسيقى القمبري، له طريقة جد استثنائية في العزف وختامها عازف الوتر جد الخاص جوهر تبر ومتى اجتمع الجوهر بالذهب (التبر هو الذهب) تكون النتيجة الابداع حتما، على الركح تشاركوا في الحلم وآمنوا بالموسيقى التونسية فابدعوا في تقديمها كدرس قد تعتمده الاجيال المقبلة.

«عروق» عنوان نجاح التجارب الشابة
حلمهم اصدار الموسيقى التونسية الى الخارج، حلمهم النجاح بالاغنية التونسية وايصالها الى الاخر اينما وجد، املهم تقديم الطبوع التونسية والنغمة التونسية والتراث الموسيقي لشمال افريقيا، وعروق لبدر الدين الدريدي احدى رموز الهوية الموسيقية.
«عروق» مشروع غنائي له خصوصياته، مشروع تونسي عمره عشر سنوات بين تونس وايطاليا، الفنان يسمونه «فلتة» موسيقية، بدر الدين الدريدي خريج المعهد العالي للموسيقى بتونس ومحرز على شهادة الماجستير في فرنسا، حمل موسيقاه التونسية الى ايطاليا و هناك انطلق حلم تونسي بتقديم الموسيقى التونسية الى الاخر، اختار العمل مع تونسيين ايمانا منه

بقدرة التونسي على النجاح، «الموسيقى ماتطلع كان بالتوانسة» على حد قوله، «عروق» عرض للطبوع التونسية، اساسه البحث والتجديد كتابة ولحنا عرض يعيد البريق لشمال افريقيا، السطمبالي وقناوة والصحراوي عرض انطلق بفكرة مشتركة بين بدر الدين الدريدي ومحمد الخشناوي.

«عروق» قدم في مهرجان ايام قرطاج الموسيقية وتحصل على الجائزة الاولى، عرض حضرت فيه انذاك تقنية الفيديو مع لعبة الاضواء، ثم قدم في منزل تميم تلاه عرض بمهرجان الزهراء الدولي فعرض ليالي المتحف، عرض متكامل يستحق ان يكون في اكبر المهرجانات ذات الميزانيات المرتفعة نظرا لدقة التقنيات المستعملة، عرض لازالت الطريق طويلة امامه ولازال البحث مستمرا فهدفنا ليس انجاز عرض فقط بل بحث متواصل في الموسيقى التونسية.

وعن عروق يقول بدر الدين الدريدي ان العمل يقوم على اغاني جديدة وليست من التراث، العمل على الكتابة والتلحين، اريد الكتاب والخلق لتبقى للاديال القادمة، ويؤكد ان الموسيقى مشتقة اساس من الانماط التونسية،»نريد ايصالها الى الجمهور الذي لا يعرف موسيقانا، هدفنا ارجاع البريق الى موسيقى شمال افريقيا والخروج من النفس الاجنبي المنتشر في الاغاني التي تبث وتسمع دوما» على حد قول الدريدي.

«عروق» على العرض كان حلما مشتركا، حلم تماهت فيه النغمات واتحدت الألحان واختلفت الموسيقات، حلم جماعي ابدع كل عازف ليثبت انه جزء من الكل ويثبت أن الحلم لا يتجزأ جميعهم مبدع كجنود يتشاركون في حرب الهوية، «عروق» حلم موسيقي مازال يتشكل ولا يزال متواصلا، حلم يعود بالمتفرج الى الذاكرة الى رائحة البخور وعبق الياسمين وشذى العود والعنبر، موسيقى كما شجر الصحراء فيها تمسك بالحياة رغم قساوة الواقع او هو نسيم الجبال وحديثها، «عروق» هو ملخص للذاكرة التونسية قدمه شباب مازال يحلم ويؤمن ان «على هذه الارض مايستحق الحياة».

العروض في الجهات مبتورة؟

عرض عروق سبق أن فاز بجائزة أفضل عرض ضمن أيام قرطاج الموسيقية، عرض تماهت فيه الأضواء وتقنية الفيديو فلكل اغنية قصة وحكاية يشاهدها المتفرج في شاشة عملاقة، بينما وجدناه في متحف سوسة قائما على الموسيقى فقط، فكيف تقدم العروض منقوصة؟ و هل قلة الدعم وضعف ميزانيات المهرجان هو المسؤول عن حرمان الجمهور من العرض كاملا؟.

عرض «نزوة» لأشرف بلحاج مبارك
حرر جسدك وارقص فالرقص حياة

هل الرقص نزوة؟ سؤال طرحه اشرف بلحاج مبارك في عرض قدم ضمن تظاهرة ليالي المتحف، الاجابة حتما لا فالرقص حياة وعلى الركح عاش الجمهور مع لقاء ممتع مع لغة الجسد، اشرف بلحاج مبارك اختار اللغة الصامتة للنعبير، اختار لغة الجسد للتعبير عن كوامن الروح ومايخالجها، على الركح تنقل بالحضور في مشاهد متعددة، مشاهد عن الفن، عن الحياة، عن الحب، عن الاغتصاب، عن الوطن والظلم ، عن تونس الامس واليوم، عن الانتخابات، جميعها مشاهد كتبت بلغة الجسد، اجساد الراقصين نحتت عرضا متكاملا عنوانه نزوة، تحدثت فيه الاجساد عن الجسد بلغة الجسد، لساعة من الزمن غاب الكلام فقط الجسد يتحدث، فقط الجسد يعبّر، يصرخ يريد ان يتحرر من الموجود ويسعى لكتابة ملحمة فنية مختلفة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115