يبدو أن شعر أولاد أحمد يخيف في حياته ومماته وهو القائل: «إلاهي أعني عليهم لقد عقروا ناقتي وأباحوا دمي في بيوت أذنت بأن لا يراق دم فوق سجادها»...
في مخالفة صريحة لمبادئ الدستور التونسي التي تضمن حرية الرأي والفكر والتعبير والنشر... رفض صاحب مكتبة بالقيروان عرض كتاب نقدي للكاتب الهادي إسماعلي عن التجربة الشعرية لأولاد أحمد بحجة أن «الشاعر كافر لا يؤمن بالله سبحانه وأنه غير مستعد لترويج الآثام التي يكتبها...»
رفض بتهمة «الكفر» !
تعود تفاصيل الحادثة إلى يوم السبت 19 أوت حيث رفض صاحب مكتبة «رضا العجره» بالقيروان طلب الموزع بعرض الكتاب النقدي «أولاد أحمد شاعر البلد»...وفي عودة إلى حيثيات الواقعة، كشف صاحب الكتاب الهادي إسماعلي لـ»المغرب» أن المكلف بتوزيع كتابه الأخير «أولاد أحمد شاعر البلد» قد أعلمه أن هذا الأثر لم يجد له مسلك رواج في مدينة القيروان عاصمة الثقافة الإسلامية سنة 2009.
وأضاف الكاتب الهادي إسماعلي أن «المزود قد التمس من رضا العجره صاحب أهم مكتبة لبيع الكتب الثقافية في وسط القيروان، عرض بعض نسخ من كتاب أولاد أحمد شاعر البلد، غير انه رفض رفضا قاطعا التزود ولو بنسخة واحدة من هذا الكتاب. كما أشاح بوجهه وازور من صورة أولاد أحمد التي كست صفحة الغلاف الخارجي رافضا قبول هذا الكتاب أو حتى لمسه بيده أو النظر في محتواه، قائلا بأنه لا يتعامل مع هذا النوع من الكتب. وأضاف متبرما أن هذا الشاعر كافر لا يؤمن بالله سبحانه وأنه غير مستعد لترويج الآثام التي يكتبها.»
محاكمة إيديولوجية وعقلية رجعية
يحدث أن تتحوّل صورة شاعر «أحب البلاد» إلى شبح يخيف البعض وأن يصبح التعريج حتى على مجرّد سيرته تهمة وذنبا في عيون هؤلاء...الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الناس وعلى ميولاتهم الأدبية والفكرية ! وفي هذا السياق أوضح الكاتب الهادي إسماعلي أن «الموزع قد ألح على صاحب المكتبة بقبول بعض النسخ من كتاب «أولاد أحمد شاعر البلد» نظرا إلى أن القراء في القيروان يطالبون على أعمدة الصفحات الاجتماعية بجلب هذا الكتاب إلى ولايتهم وأن الطلب عليه كثيف، إلا أنه لم يحرك موقفه قيد أنملة وواصل في عناده الأرعن بأن هذا الكتاب لن يدخل مكتبته التي حوت حسب المزود أهم الروايات الحديثة والكتب النقدية والروايات المترجمة واستثنت أولاد أحمد إبداعا ونقدا.»
وتعليقا على هذه الحادثة الغريبة، صرح الهادي إسماعلي:»نستغرب من هذا الموقف المعادي للشعر دون أي سبب مقنع. كيف يوجد هذا المسؤول لنفسه أحقية الوصاية على الذائقة العامة، ومحاكمة شاعر وهب نفسه وحياته وكلمته الشعرية فداء لهذا البلد، محاكمة إيديولوجية صرفا تكشف عن عقلية قروسطية رجعية!؟»
ويعد كتاب «أولاد أحمد شاعر البلد» لصاحبه الهادي إسماعلي أول كتاب نقدي يتناول بالتحليل والنقد تجربة أولاد أحمد الشعرية...
وقد ورد هذا الكتاب في 192 صفحة موّزعة على مجموعة من المقالات التي وضعت على ميزان النقد شعر صاحب «أحب البلاد» لاستجلاء أهم الخصائص الشعرية فيه، دون الغفلة عن حدود هذا المشروع الشعري... فاتحا الباب أمام أقلام الباحثين وحبر النقاد لمزيد سبر أغوار التجربة الشعرية لأولاد أحمد شاعر البلد.