عرض «طريق المقام» لزياد الزواري في «ليالي المتحف» بسوسة: عجيب أمر هذه الموسيقى.. كلّما تمس شيئاً إلا وتجعله صافياً نقّيًا...

أيتها الموسيقى.. إن في أنغامك الساحرة ما يجعل جميع لغتنا عاجزة قاصرة، ايتها النغمات الساحرة اتعلمين تاثيرك فينا وعلينا، ايها العازف الانسان رفقا بمحبي الموسيقى في سفرتهم السرمدية الجميلة، يا كمان الحب حلق بجمهورك عاليا في سماء السلام والطمأنينة، يا ايقاعات الحياة ارفقي بعشاق الامل ودعيهم يخوضون التجربة بهدوء اما قيثارة الحلم فرفقا

بصانعي البهجة، رفقا بعشاق الراجا والاز والقناوة و البطايحي والالكترونيك والكلاسيكي، ففي فضاء مثل المتحف يحلو الحلم لحد النشوة.
هنا في فضاء غير الفضاء و لقاء غير اللقاء ضرب الجمهور موعدا مع الحلم ولقاء مع الموسيقى الرقيقة، لقاء مع موسيقى الكمان ، لقاء انطلق من متحف سوسة ليتجول بالجمهور في الهند وتركيا ومصر وفرنسا عير «طريق المقام» لزياد الزواري صحبة عبد القادر بالحاج قاسم ووسيم بن رحومة ضمن فعاليات ليالي المتحف بسوسة.

هنا الموسيقى رثاء وولادة متجددة
غازل الحلم متى شئت، لك ان تتجول وتجوب كل دول العالم بخيالك، لك ان تستمتع، لك ان تعشق تركيا وتبحث في اسرار الهند وتتجول في ارياف مصر وتكتشف من جديد شوارع صفاقس وانهجها، لك ان تعانق الامل المتجدد دوما بالموسيقى ، لك ان تغازلها وتقول :ايتها الموسيقى ان في انغامك الساحرة ما يجعل لغتنا عاجرة قاصرة».
هو موعد مع الحلم والتفكير، في لقاء هو الثالث مع جمهور سوسة قدم زياد الزواري القليل من البومه «طريق المقام» الذي صدر في فيفري 2017 في مهرجان Maghreb Jazz Days وقدم في مهرجان مواززين بالمغرب يوم 15 أوت «طريق المقام» كان مختلفا فهو عرض تونسي التقديم والانتاج، عرض تونسي قدم في فضاء اكثر من ساحر، امام جمهور نوعي مهتم بالموسيقى الالتية وفي فضاء عنوانه التاريخ قدم زياد الزواري طريق مقامه، عرض يجمع موسيقات مختلفة.

البداية تكون من تونس، مقطوعة حزينة يعانق الزواري معشوقته الابدية الكمنجة، يغازل اوتارها ليصنع من روحها مقطوعة جد حزينة مقطوعة أصغى لها الحضور لشدة حزنها فعجيب أمر هذه الموسيقى.. إنها لا تمس شيئاً إلا وجعلته صافياً نقياً.
هي مقطوعة رثى فيها تونس، رثى الظلم والحيف والتمييز ونادى بالموسيقى بولادة امل جديد تكون مطيته الموسيقى ايضا، زياد الزواري في رحلة مقامه انطلق من سوسة، تحدث عن الوطن بنوتات حزينة، غانج كمنجاته لترسم طريق الابداع لجمهور جاء لاكتشاف موسيقاه، فنان باحث عن التجديد، بعد سفر و كمنجات حول العالم والكترو بطايحي وكليلة ودمنة يقدم «طريق المقام» وهو ألبومه الثاني، البوم تكون فيه الكمنجة سيدة المقام..
فنان له مسيرته الخاصة واثبت بعد سنوات ان للالة جمهورها وهي قادرة على السفر بعيدا بالمتفرج فقط وجب عدم الخوف من الجمهور أولا وعدم الاكتفاء بتقديم الموسيقى بطريقة اكاديمية ثانيا لذلك أقول دائما وأردّد دع الموسيقى تتحدث وستسرق منك قلبك حتما وفي متحف سوسة سرقت القلوب والعقول.

بين الراجا والجاز والنفس التركي كانت الرحلة
اغمض عينيك فالرحلة قد انطلقت، هنا سوسة اولى البدايات منها انطلقت رحلة المقام في عرض زياد الزواري، موسيقى الكمان هادئة تغازل الروح لتقنعها بالنشوة والطرب لمرحلة مقبلة، قيثارة وسيم بن رحومة هي الاخرى اختارت طريق الغزل والحب، غازلت الكمان ودعته ليكون رفيقها في رحلة سرمدية جميلة معهما الايقاعات لمحمد بلحاج قاسم بقوتها وصخبها وكانها حركات الاله «شيفا» اثناء جولة الموسيقى في الهند والتعرف على عاداتها وتقاليدها، الكمان تتحول لتصبح :الفينا» الهندية تلك الالة التقليدية رقيقة الصوت والملمس.
كتلك التي قال عنها باولو نيرودا
حيث نَسْمَعُ فيها صَمَتَ النباتِ معَ الكواكبْ
وما أكثرَ ما سوفَ تَمُرُّ أشياءُ نقيةْ
وستكونُ للكمنجاتِ رائحةَ القمرْ

بالموسيقى ستشعر انك في الهند حقا، ستشاهد الالوان اينما وليت وجهك فاضواء المتحف جد مغرية بالاكتشاف، اضواء متنوعة وزاهية تدعوك للبحث عن معناها، ستجدك في المعابد والموسيقى تصدح لانها جزء من العبادة اليومية، تواصل الكمان رحلتها وكأننا أمام نغمة «منع مالار» أو «استنزال المطر» وبموسيقاه يستنزل الزواري مطر الحب والسلم عله يطهر الانسانية من ادرانها.

دع الهند والوانها فالرحلة متواصلة ، وستكون تركيا هي النقطة الاخرى، النغمات تصبح اكثر هدوءا، تحاكي الكمنجة الة الكلارينات تكون نغماتها اكثر حزنا، جولة في تركيا، جولة في موسيقى الاكراد والارمن وموسيقى الاقليات خاصة وان العرض في فرنسا قدم برفقة العازف الارمني «جوليان» و التركي «عبد الرحمان» كلاهما قدم نوتات للسلم جمعت الاتراك والارمن في معزوفة موسيقية واحدة امام عجز السياسيين عن تجميعهم، فالموسيقيون هم سفراء الجمال في العالم كما يقول زياد الزواري.

صفاقس المنشأ والحلم الابدي
إلى طفولته عزف، إلى مدينته الاولى قدم اجمل النوتات، اعترف بفضلها على شخصيته وتكوينه واهداها مقطوعة اسمها «لاسيفاكس» مقطوعة مفعمة بالحياة والجمال، نغماتها قوية وسريعة وكأنّ بالذاكرة تعود بسرعة الى الخلف الى سنوات الطفولة وتتجول في باب الجبلي وباب الديوان والبطحاء، ذاكرته تحمله الى الكنيسة و الابراج الموجودة في المدينة الى يونغة و برج القلال ، بموسيقاه حمل الجمهور الى مدينة فرحات حشاد هناك حيث العمل الدؤوب والبحث الدائم عن التميز، في عاصمة الجنوب كانت البداية ولها اعترف زياد الزواري بالفضل في انطلاقته الموسيقية المميزة، لصفاقس معزوفة خاصة تماهت فيها النغمات والالات مع اضافة الى الشقاشق وكأن بالزواري يحمل جمهوره الى سيدي منصور والحضرة الصفاقسية وموسيقى السطمبالي هناك، ويدعوهم ليشاركوه عشقه لمدينته، مدينة ولد فيها حب زياد الزواري لالة الكمان لتصبح رفيقته ومن خلالها يكتب اجمل مقطوعاته «رسالة الى اقبال».

من 2007 انطلقت مسيرة زياد الزواري في التلحين، الى العام 2017 اصدر طريق المقام، البوم يحمل جل تلاحينه، البوم ينطلق من الموسيقى الشرقية ليغوص في ثنايا موسيقى الاتراك ويكشف اسرار موسيقى الهنود بشذى موسيقى تونسية، في متحف سوسة كان الموعد الاول مع «طريق المقام» طريق لازالت طويلة انطلقت في باريس وستجوب عدة دول، طريق عنوانها موسيقى السلام والحب، عرض يدعوك عنوة الى الانخراط في رحلة للبحث المتجدد واكتشاف موسيقات العالم وفي موسيقاه يحاول أن يكون رمزا للخصب كما ابولو وشعاره «حاول أنّ تكون قوس مطر في يوم غائم لشخصٍ ما».

هل سيشاهد الجمهور التونسي كليلة ودمنة؟
قبل صدور ألبوم «طريق المقام» اشرف زياد الزواري موسيقيا على اوبرات باللغة العربية «كليلة ودمنة، للمخرج الفلسطيني عبد المنعم عدوان، اوبرات يشارك فيها ايضا محمد الجبالي، ولكن كليلة ودمنة لم تقدم الى الان في تونس، قدمت عدة عروض في باريس والمغرب، أما في تونس فلازالت الادارات صامتة عن هذا العرض بتعلة «20 الف دينار» مبلغ ضخم. فهل سيحرم الجمهور التونسي من اوبرات عنوان للسلام تجمع فنانين من فلسطين وتونس وسوريا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115