2 مليار قيمة الميزانية التي رصدتها وزارة الشؤون الثقافية للدورة 53 لمهرجان قرطاج الدولي الذي انتظم من 13 جويلية إلى 19 أوت 2017 تحت إدارة مختار الرصاع.
دورة ببصمة مديرين
في عودة على الظروف التي حفّت بمهرجان قرطاج الدولي في دورته 58 عرف المهرجان تذبذبا وعدم استقرار بسبب استقالة مديرته آمال موسى بعد حوالي 3 أشهر من تسلم مهامها في «رفض لتجريدها من صلاحياتها و وصاية وزير الشؤون الثقافية» على حد وصفها ليتسلم بعدها مختار الرصاع دواليب تسيير مهرجان قرطاج الدولي.
وقبل مغادرتها صرحت آمال موسى أنها اجتهدت من أجل الفوز بفضاء عرض جديد إلى جانب مسرح مهرجان قرطاج الأثري. وهو ما كان فعلا حيث توزعت عروض مهرجان قرطاج الدولي ما بين المسرح الروماني بقرطاج ومتحف قرطاج حسب خصوصية العرض وطبيعة الحفل.
ولأنها أعدت حوالي 60 % من برمجة مهرجان قرطاج الدولي، فقد حافظ المدير الجديد على جزء كبير من برنامج آمال موسى مع بعض التعديلات والإضافات ...فكانت دورة ببصمة مديرين.
ميشال بوجناح في قرطاج رغم الجدل
كانت برمجة الفنان التونسي من أصول يهودية والمقيم في فرنسا ميشال بوجناح على ركح مهرجان قرطاج الدولي بمثابة الشرارة القادحة للجدل والسجال في الشارع التونسي وبين الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني... في تداخل بين الثقافي والسياسي.
وقد انقسمت المواقف بين مناد بإلغاء هذا العرض على خلفية مواقفه صاحبه الداعمة للكيان الصهيوني وبين مدافع عن حق الفنان التونسي في اعتلاء ركح بلده... وبالرغم من بيانات التنديد والاحتجاج أمام وزارة الشؤون الثقافية للمطالبة بإلغاء عرض بوجناح فإن حفل هذا الفنان الكوميدي بتاريخ 19 جويلية 2017 ظل قائما. وفعلا صعد ميشال بوجناح على ركح متحف قرطاج أمام جمهور كثيف في الداخل ومحتجين بالعشرات ثائرين في الخارج!
50 % من العروض تونسية
في وضع مالي دقيق كان انعقاد مهرجان قرطاج الدولي في دورته 53 حيث واجه المهرجان تخفيضا في ميزانيته بما قيمته 400 ألف دينار لتستقر في حدود 2 مليون دينار. كما ألقى انزلاق الدينار التونسي بظلاله على هذا الموعد الثقافي سيّما على مستوى خلاص الفنانين الأجانب بالعملة الصعبة...وهو ما أدى إلى الاستغناء عن بعض العروض الأجنبية الباهظة الكلفة.
وعن أغلى عروض مهرجان قرطاج الدولي هذا العام صرح مدير الدورة مختار الرصاع أن حفل الاختتام الهندي «بهاراتي 2» كان الأعلى أجرا .
ولاشك أن هذا الحذر في برمجة العروض الأجنبية بسبب ضغط الميزانية كان في صالح الفنان التونسي وحقه في اعتلاء مسارح بلده... فاحتلت العروض التونسية نسبة 50 % من سهرات مهرجان قرطاج الدولي بما في ذلك سهرة الافتتاح التي كانت بإمضاء شادي القرفي في عرض «ستون سنة من الموسيقى التونسية».
فنانون أساؤوا للمهرجان
على ركح مهرجان قرطاج العريق لم تكن كل العروض على القدر ذاته من الحرفية والمهنية وحسن الاستعداد... فهنالك من أعدّ واستعد جيدا لملاقاة أكبر المهرجانات التونسية وهنالك من استهر واستخف بقيمة مهرجان في الحضور والظهور... فكانت أول ردود الفعل الغاضبة في هذا السياق تتعلق بـالهندام غير اللائق» الذي ظهر به مغني الراب الفرنسي «بلاك آم» في الندوة الصحفية الخاصة بحفله في مهرجان قرطاج الدولي.
كما نال الفنان اللبناني «جاد خليفة» نصيبه من الإجابات الحانقة والتعليقات الساخرة على خلفية انسحابه من سهرة جماعية بمهرجان قرطاج الدولي بسبب «أفيش» الحفل الذي ظهرت فيه صورته أصغر من الفنان المغربي حاتم عمور ...
كما لاقى سلوك مغني الراب الفرنسي «بوبا» على ركح مهرجان قرطاج الأثري الكثير من النقد والحنق بسبب تأخره ساعة كاملة عن حفله واحتسائه الخمر علنا على المسرح وقت الحفل إضافة إلى استعانته بالدي جي «بناش» حيث اعتلى هذا «الرابور» ركح قرطاج مرتديا بنطالا متدليا لتبرز ملابسه الداخلية بطريقة مبالغ فيها... !
وتبقى قصة «شيرين» مع تونس و»البقدونس» محل جدال بين من دافع عن الفنانة على أساس حديثها العفوي والتلقائي وبين مندد بتصريحها على أساس أن فيه مسا بهيبة الوطن...
من دورة آفلة إلى أخرى لاحقة، قد يحتاج المؤتمنون على مهرجان قرطاج الدولي إلى مزيد من الحرص على حفظ سمعة المهرجان العريق وتجنب برمجة أسماء مازال الطريق أمامها طويلا حتى لمجرد الحلم بصعود ركح مهرجان قرطاج الدولي!