مهرجان الحمامات الدولي الكينغ محمد منير يغني للحالمين ويقول: «لو بطلنا نحلم نموت»...

« لو بطّلنا نحلم نموت، لو عاندنا نقدر نفوت» وهل يموت من يستنشق عبق النوبة ويتعطر برائحة الارض وسمرتها، قطعا لا فـ «حبة صبر وحبة حماس يبقى الحلم صورة وصوتا» و هل هناك اجمل من تحقيق احلامنا المتجددة وآمالنا الدائمة، احلام تتحقق في اليقظة و «قبل ما تحلم فوق»، و «افتح قلبك» لـ«بحر الحياة» و افسح لحلمك المجال و«علي صوتك

بالغنا» لسه الاغاني ممكنة، ولو في يوم راح تنكسر لازم تقوم، كما النخل باصص للسما، ولا انهزام، ولا انكسار» فقط «افتح قلبك للاسمر والسمرة» و أجعله ممرا للصادقين و«مساكن شعبية» مفتوحة على امل لا يموت.
الامل هذه المرة عنوانه الكينغ محمد منير، فنان يغني للحب، للامل للتائهين والصادقين، للمهجرين للمنفيين عن الوطن ان كان مصر او قرى النوبة، للانسان غنّى وللانسانية حلم ويريد دوما ان يشاركه الكل حلمه، يغني ويطلب ان ترتفع الاصوات بالغناء، الكينغ غنى على ركح مهرجان الحمامات الدولي ابدع وابهر كل الحضور فلموسيقاه سحر الارض وعطرها.

«بنتولد» لنحلم و ننجح
جمهور غفير جاء ليعانق لحظات من المتعة مع الكينغ، محمد منير اسطورة الموسيقى والغناء النوبي، من يقول محمد منير، يقول البساطة والسحر والجمال، فنان تنازل عن الماكياج وتزين بضحكة طفولية جميلة، فنان تخلى عن البدلات الرسمية وعوضها بالجينز واللباس الرياضي البسيط، ضحكة الكينغ هي زادٌه على الركح، وتشنجه مع اغانيه ميزته، وتلك الموجات الايجابية التي يرسلها الجمهور هي سلاحه.

بلباس ابيض بياض قلب طفل صغير عاشق للموسيقى صعد محمد منير على الركح، حاملا مصدحه بيمناه وبيسراه حلم بانجاح حفل في تونس بعد 15عاما من الغياب، بلكنته العحيبة تلك التي جمع فيها اصالة النوبة واللهجة المصرية مع محاولة لتونستها تحدث عن عشقه لتونس ومحبته لمسار شعبها ومساندته لاختيارات الشعب التونسي قبل ان يصدح صوته بالغناء عاليا ويغني «علّي صوتك بالغنا، لسه الأغاني ممكنة».

الكينغ غنى، تميز، تألق، للعاشقين غنى، للحالمين اهدى باقة من اجمل الاغاني، للبسطاء صدح عاليا باسم الحب، يتحرك بتؤدة، كامل جسده يتفاعل مع الاغاني، ربما شرايينه استنشقت عبق اغانيه لحدّ أن اصبح نبض قلبه عنوانا للحب، دمه موسيقى وافكاره حلم ابدي لا يزول، مع موسيقى الساكسوفان المميزة تماهى «الكينـــغ» ولجمهور الحمامات فتح قلبه وبسحر كلماته حول قلوبهــم الى مساكن شعبية وغنى «الشعب حبيبي وشريانيّ، اهداني بطاقة شخصية، الاسم الكامل انسان، الشعب الطيب ولديا، المهنة بناضل بتعلم، تلميذ في مدرسة شعبية، شعبية المدرسه فاتح علي الشارع والشارع فاتح في قلبي ده انا قلبي مساكن شعبيه»

تلقائي كما الأطفال يتشنج حينا ويضحك حينا اخر، يرفع شارة النصر عاليا كلما غنى عن الارض والوطن، و يرقص متى كانت النغمات راقصة، اما ضحكته الحلوة فلا تفارق محياه وكلما توجه الى الجمهور حياه بابتسامة ساحرة، الكينغ كان مميزا كما عهده جمهوره، في الحمامات تالق محمد منير، اذهل الكل بحضوره الركحي، يغازل القيثارة حينا يصبح صوته هادئا ورقيقا حين يغني للعشق، يعاند قوة الايقاعات والطبلة حين تعزف اغاني النوبة القوية، يرحل مع الساكسفون في جنونه، اما مع الناي فيكون رقيقا ولينا.

هو ببساطة الكينغ، الملك بكل لغات الموسيقى، هو محمد منير الذي دخل الى عالم الغناء صدفة وهو صاحب التكوين السينمائي اساسا، هو ابن اسوان الذي اعجب بصوته الموسيقار بليغ حمدي ولكن الصدف شاءت ان يكون لمنير مسار موسيقي مميز بعيد عن الكلاسيكي، فنان شاءت الصدف ان يجتمع مع الشاعر عبد الرحيم منصور والملحن أحمد منيب ليكونا ثلاثي لا يهزم، ثلاثي امن بنجاح محمد منير وتحقق النجاح في البوم «بنتولد» ثم ينضم اليهم الموسيقار هاني شنودة المعروف بالحانـــه الغربية، ليكونوا مزيجا وخليطا نادرا يجمع الموسيقى النوبية والسلم الخماسي مع موسيقى شرقية وتوزيع غربي وينسجوا موسيقى ساحرة مطرّزة بدقة ترجمت في البوم «علموني عينيكي».
موسيقاه عنوان الذاكرة، موسيقاه عنوان الحلم، في الحمامات كان اللقاء استثنائيا، هنا لك ان تنسى الكل، ستنسى الاخر ووجيعته، ستنسى ثقل الوطن وهمومه، ستنسى الاسود والرمادي، امامك الكينغ يغني للحب، يدعوك الى الحلم، يشاركك الفرح، فافتح قلبك للاسمر والسمرة، افتح قلبك قوم بينا» .

مصر يما يا بهية....مصر الوطن والحلم
اسمر سمرة تراب الارض، نحيف ككل صادق امين يعمل ارضه ويجتهد ليعمرها حبا وجمالا، عاشق لوطنه، صادق في مشاعر يتشارك فيه مع ملايين المصريين، صرخ دوما ان «ضرب الخناجر ولا حكم الخسيس فيا» هو محمد منير الفنان الذي ظلم في وطنه لسنوات فقط لانه ملتزم بقضايا الشعب، سموه الملك بعد البوم « الملك هو الملك» ، البوم كامل من كتابة الشاعر احمد فؤاد نجم، البوم يصور مدى صدق الكينغ والتزامه بقضايا الشعب المصري، البوم غنى فيه لمصر، للاحلام «لقطفلك ورد الاحلام، واكتبلك عالورد كلام»، دعى فيه المهاجرين الى العودة الى الوطن فمصر تحتاج إلى أبنائها. مصر يناديها «حتة من السماء» :

حنا لو مرة نادينا تجري علي اصغر مافينا
من ورا الليل والمعابد والكنايس والمساجد
تحضنينا وتحكي لينا
تصغر الدنيا في عنينا
غنى للارض، وفي الحمامات اهدى اغنية «الليلة يا سمراء» المصنفة من بين افضل 50 اغنية افريقية الى كل عشاق الوطن ، الى الاسمر والابيض، الى المقاوم والفلاح، الى الطالب والتلميذ، الى وطنه غنى وقال :

الليلة الليلة الليلة يا سمرا
اه يا سمارة الليلة يا سمرا
لا انا كونت برة ولا مهاجر انا الى جايلك من باكر
قلبي ولا البحر الهادر عيني ولا الجمرة الليلة
خلي الندى من احلامك يسقي النبات من أيامك»
ومحمد منير او الملك كما يسميه المعجبون به، نجح في شد انتباه الجمهور في حفل الحمامات، تفاعل الجمهور مع اغانيه ورحل مع حكاياته وعانق الحلم واستنشق سحر النيل وبهاء الاسكندرية ارياف مصر انطلاقا من الموسيقى.

«النوبة» الوطن الضائع محفور في قلب الكينغ
فنه رسالة، موسيقاه اداة للنضال والمقاومة المستمرة، سمّاره عنوان تمسكه بهويته وأغانيه دليل انتمائه الى موطنه المصغّر «أسوان» هو محمد منير أبا زيد جبريل متولي ولد في قرية منشيه النوبة بأسوان ، فنان ملتزم بقضايا الوطن والانسانية، لم تمنعه الشهرة ولا العالمية من الغناء باللهجة النوبية «النوبة جزء من الحقيقة المصرية، قد لا تفهم الكلمة ولكن هناك احاسيس نتشارك فيها» هكذا يقول الكينغ حين يغني باللهجة النوبية.
في اغانيه النوبية الكثير من الوجع والشجــــن، وجــع المهجرين ووجع من ابتعدوا عن أرضهم وهاجروا الى قرى مجاورة او مدن بعيدة، بالنوبية غنى «اباياسا» و«مشــــــاراوي» و«ونني» و»اما لون يا لون» و «الرزق على الله»، في كل اغانيه يخاطب قلبه وموطنه الصغير يحادث سمرة الفلاحين وشقاءهم، يتحدث برقة النوبيين ووجعهم ويقول دوما انه لن ينسى ذاك الوطن الصغير الضائع: .

ترى هل سيكون في وسعنا
ان نعتبر كأن شيأ لم يحدث
يانوبة ياموطن الجميع
وحبهم الكبير
مكانك في القلب»

في الحمامات ابدع، غنى الى الحالمين والصادقين، فرض جناح الحلم وزرع ورود الجمال لدى جمهور عاشق للحياة، محمد منير كان مميزا، تالق واستمتع معه جمهور جاء باعداد غفيرة للاستمتاع بنعناع الجنينة وسمراء وأمي يا حبيبتي، في الحمامات صرخ الكينغ عاليا وقال « يا حلم يا جناح المساكين يا وعد من ورد البساتين».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115