مسرح مهرجان دقة الدولي: فضاء أثري حاضن للفن وشاهد على التاريخ...

انطلقت فعاليات الدورة 41 لمهرجان دقڤة الدولي يوم 11 أوت وتتواصل الى غاية 26 أوت الجاري مع ثلة من الفنانين العرب والأجانب.

أكد مدير المهرجان «مختار بالعاتق» أن برمجة هذه السنة استثنائية وسترضي كل الأذواق.

دقڤة الأثرية لقاء الحضارات
«على هذه الأرض ما يستحق الحياة» وعلى هذا المسرح ما يحيي فيك حب الحياة.
هو المسرح الأثري بدڤةمن ولاية باجة،المنطقة الأثرية التي أدرجت ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو سنة 1997 باعتبارها أفضل مدينة رومانية بالأساس محفوظة في شمال افريقيا.
على هذا المسرح يمتزج التاريخ البونيقي، النوميدي، الروماني والبيزنطي بالحاضر العربي إذ من الصعب جدا أن يكتفي المتمعن في هذه المدينة بالحديث عن الرونق الخاص الذي يتميز به المسرح دون التعبير عن جمال لوحات الفسيفساء المنتشرة بعناية فائقة على أرجاء «دڤة» محافظة على سحرها الى يومنا هذا أو «مبنى الكابيتول» الذي كان معبدا في عهد الرومان فأصبح أول مقصد للسياح في هذه المدينة أو الأصنام التي تضم التاريخ الفينيقي والعمارة الرومانية معا.
كما أن «دڤة الأثرية» ـ على عكس غيرها من المدن الأثرية التونسية كقرطاج مثلاـ نجت من الزحف العمراني بفضل الضيعات الفلاحية المحيطة بها ما زاد من فتنتها، فالناظر إليها من بعيد يرى لوحة فنية خلابة لوَنت ببياض الثلج الناصع شتاء وبألوان الأعشاب والزهور والحجارة والعيون الجاريةربيعا وبسنابل القمح الذهبية صيفا.

برنامج ثري
افتتح المسرح الأثري بدڤة أبوابه من جديد في دورته 41 لتقديم تسعة عروض مختلفة اذ استهلت بسهرة «حسان الدوس» التي ضمت الطرب والفرجة والكورال والرقص الفني والبهلواني والمؤثرات الضوئية باستعمال المشاعل والنيران والسيرك والملابس، كل ذلك أفرد بسينوغرافيا خاصة ضاعفت من جمالية المكان مما لاقى استحسان الجمهور.
العروض الأخرى جمعت بين الغناء بألوانه المتعددة كالشعبي في سهرة الفنان نور شيبة التي أحياها يوم 12 أوت الفارط فحققت حضورا جماهيريا غفيرا اضافة الى سهرة أمس التي سيؤثثها «محمد علي الأسمر» و«محمد رمزي» و«الشاب سليم».

جمهور العبدلي يؤثث كامل المسرح
إضافة الى اللون الكوميدي الذي تزينت به سهرة الفنان «لطفي العبدلي» يوم 16 أوت اذ كان الاقبال عليها كبيرا، وبدأت قهقهات الجمهور تتعالى تفاعلا مع العبدلي منذ أول العرض فقد استهله بالتأكيد على جرأة مضمون المسرحية باستعمال طريقته الهزلية قائلا متوجها الىالمتحجبات وأرباب العائلات: «دفعتم ثمن التذاكر وأنتم على علم بهوية مقدم العرض لذلك أرجو ألا أتعرض الى اللوم والشتم فيما بعد لأن العرض سيكون محرجا بعض الشيء».
تلقائية أسلوب لطفي العبدلي واتقانه «للكوميديا الجريئة» والتلميحات الجنسية لم يخل من النقد اللاذع، فقد نقد مثلا خلال السهرة عدة سياسيين وناشطين في المجتمع المدني كما تطرق الى عادات المجتمع التونسي بما فيها الثورة التونسية والعلاقات العاطفية وطريقة تعامل الرجل مع المرأة مقارنة بنظيره الأجنبي.
وعبر العبدلي في الختام عن اعجابه بدڤة وبجمهورها الذي وصفت ب»المنفتح» وودعهم أملا في احياء عروض أخرى فيما بعد.

باقة عربية غربية
ولمحبي عرض «الزيارة» سيكون الموعد يوم 23 أوت الجاري ويعد الثاني من نوعه بعدما كان ضمن سلسلة العروض سنة 2016 فقد رافقه أنذاك حضور جماهيري غصت به مدارج المسرح تفاعلا مع أناشيد صوفية زاوجت بين الفن التونسي والغربي «كالفلامنكو» و»الريقي» ما أكَد على توفر عنصر الابداع لتخلصه من الحدود الجغرافية التي كانت تكبله.
وبخصوص اللون الغربي فيسيحيي الفريق الموسيقي «ديبسايد ديجايز» سهرة 19 أوت الذي يشاركها مع مغني «الراب» التونسي «ماستر سينا» كما سيحضر فريق البوب العالمي «أكسنت» ليلة 24 أوت.
أما اللون الشرقي فسيقدمه الفنان «سفيان الزايدي» و»القدود الحلبية» و»صهيب الحلبي» مع «الدبكة السورية» يوم 21 أوت ليكون ختامه مسكا مع الفنان اللبناني زياد برجي.

فرص غير متكافئة
صرح مدير مهرجان دڤةالدولي «مختار بالعاتق» خلال ندوة صحفية انعقدت يوم الافتتاح أن ميزانية المهرجان ـرغم أنه من أقدم المهرجانات التونسيةـ لم تتجاوز 180 ألف دينار اعتبرها «كاشي» فنان واحد ممن أحيوا مهرجان قرطاج الدولي.
وهنا تنبغي الإشارة الى أهمية تعميم الأنشطة الثقافية والفنية على كل المناطق في البلاد والى ضرورة تخصيص ميزانيات كافية وغير متفاوتة بين هذه المناطق.
فالغرض من هذه الأنشطة توحيد التونسيين رغم اختلاف أذواقهم، عبر ما يبثه الفن من حب ومشاعر نبيلة تطرب الأنفس كما الاذان.

رحمة.س

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115