على الساعة العاشرة ليلا.
«دراما- عائشة والشيطان» مسرحية فرجوية ألّفها منصف بن مراد وأخرجها المسرحي محمد كوكة بمساعدة المخرج والممثل حافظ خليفة وبدعم من الصندوق الوطني للتشجيع على الإبداع الأدبي والفني.
عائشة تتحالف مع الفنان والشيطان ضد السلطان
«اسمعو وعوا... كان يا مكان في آخر الزمان سلطان اسمه تاناتوس، يقال انه ولد في مدينة من نحاس يشع عليها في الليل الحالك جنون العقيدة وفي النهار بريق السيوف..يحكى أن السلطان تاناتوس تاج الزمان ولد كالآلهة دون قلب..هذه قصته دون مساحيق ولا «رتوش» هو سليل العسكر والأئمة وكبار التجار...»هذا مقتطف من مسرحية «دراما-عائشة والشيطان» التي ستعرض على ركح مهرجان قرطاج الدولي يوم 15 أوت 2017. وهذا العمل المسرحي الفرجوي من تأليف الكاتب والإعلامي منصف بن مراد وإخراج محمد كوكة.
وتروي مسرحية «دراما-عائشة والشيطان» قصة ملحمية للسلطان «تاناتوس» الذي يريد فرض عقيدته الظلامية المدمّرة على النساء والفلاسفة والشعراء والمبدعين... إلى أن يأتي يوم تتآمر ضدّه «عائشة» مع الفنان والشيطان لإسقاط عرش السلطان.
وكان من المنتظر أن يقوم الراحل منصف السويسي بإخراج مسرحية «دراما-عائشة والشيطان» لولا مباغتة الموت... كما كتب الشاعر محمد الصغير أولاد أحمد أياما قليلة قبل رحيله نص تقديم هذه المسرحية، فقال من بين ما قال:» يبدو أن هناك شيئا متعفنا في المملكة... صيْحةٌ طالما تردّدت في قصور الطغاة وهم يرون عروشهم تتهاوى ورؤوسهم مطلوبة جزاء ووفاقا لما زرعوه من عفونة سقوها بما تيسّر من كراهية وحقد وما سفكوه من دماء واستباحوه من أعراض... صيحة تؤكّد في كلّ مرّة تماهي الحكّام مع الآلهة وشعورهم بأنّ وجودهم ـ في ذاته ـ منّة على الخلق وأنّه على الشعوب أن تظهر الولاء والطاعة ولو أوذيت في القلوب والأرواح والأحلام فضلا عن الأرزاق والأجساد»...
المرأة حرّة ومتحررة
تتقمص المرأة دور البطولة على ركح مسرحية «دراما-عائشة والشيطان» وهي الرافضة للخضوع والاستسلام والمتمردة على القيود والحدود والذكية،المقتدرة التي استطاعت فعل ما عجز عنه الرجال في محاربة السلطان الطاغية. فما الذي جمع هذه المرأة بالشيطان في عنوان المسرحية؟
في تصريح لـ«المغرب» يجيب صاحب النص منصف بن مراد فيقول:» عائشة هي المرأة المتعلقة بالحياة والداعية لقيم الجمال والخير... مقابل جبروت «تاناتوس» إله الموت والظلامية... وإن تحالفت مع الفنان ضد هذا السلطان باعتباره عنوان الإبداع فإنها لم تتردد في عقد تحالف مع الشيطان الذي أصبح شاهدا على مجازر الإنسان ووحشيته التي احتار في أمرها حتى الشياطين ! «
وعن مضمون «دراما-عائشة والشيطان» يضيف منصف بن مراد:» هي مسرحية عن دراما العالم العربي خصوصا ما بعد ما يسمى بـ»ثورات الربيع العربي» التي أنتجت عالما متوحشا، ظالما وعنيفا ...كما أفرزت المذابح والمجازر والدمار ...حتى صار الوطن العربي عبارة عن «جمهورية المجانين» التي يغيب عنها الفكر والعدل والعقل ويحضر فيها العنف والخوف والرعب... للأسف أصبح واقع المجتمعات العربية يتلخص في المعادلة التالية: «إما مجزرة وإما مسخرة !»
كفاح في سبيل مشعل الحريات
وتحت عنوان» ليلة المسرح والدفاع عن الحريات» تساءل في إنكار الكاتب منصف بن مراد عن سبب تراجع حضور المسرح على ركح مهرجان قرطاج الدولي مشيرا إلى أن مسرحية «دراما-عائشة والشيطان» ستلبي تعطش عشاق الفن الرابع إلى المسرح الجاد وستروي مشاكل تونس والعرب بأسلوب قصصي جذاب عن جبروت سلطان ـ أخطر من «كاليقولا» ـ يسعى إلى خلق أجيال لا تفكّر بل تطيع وتقتل وتدمر تحدوها الرغبة في تلذّذ قتل المثقفين وحرائر البلاد والشعراء والفلاسفة والمبدعين ...
وستكون هندسة إخراج مسرحيـــة «دراما-عائشة والشيطان» بإمضاء محمد كوكة الذي قال عن المسرحية إنها « تروي أحداثا في صميم واقعنا الذي يتفكك ويتفتت تحت أنظارنا جراء وطأة العقيدة المُرّة ومخالب السلطة وجنون الحكام... وقد اخترنا نمطا فرجويا يعتمد في مسرحته على عناصر الإمتاع في أسلوب ملحمي يكون تجسيدا لما كتبه الصغير أولاد احمد في تقديمه لنص المسرحية:»فوجئت واستمتعت».
نخبة من المسرحيين في «دراما-عائشة والشيطان»
«دراما-عائشة والشيطان» هي عمل فرجوي ضخم يضم حوالي 50 ممثلا وراقصا وتقنيا ... لتأمين المشاهد التمثيلية ولوحات الباليه. وقد جمعت المسرحية على ركحها أسماء مهمة في عالم الفن على غرار محمد كوكة ودليلة مفتاحي ووحيدة الدريدي وصلاح مصدق وكمال العلاوي وليلى الشابي وعاطف بن حسين وفؤاد ليتيم وسعيدة الحامي وشكيب رمضان وعبد الرحمان محمود ومحمد قريعة ونادر بلعيد وأيمن النخيلي وكمال زهيو وأميمة المحرزي...