وبعد مرور 100 عام على ولادة «أب الرواية التونسية» كان من المفروض أن تكون مائوية البشير الخريف محور احتفالية ثقافية وطنية كبرى، وكان من المتوقع الإعلان عن قرار يعترف بقيمة هذه التجربة الفريدة والمتفردة، وكان من أبسط الإيمان استذكار سيرة رجل أدب أبدع لنفسه رواية لا تشبه أحدا... ولكن كان ما لم يكن في الحسبان من الجحود والنسيان!
لاشك أن»الدقلة في عراجينها» تبكي في مرارة إهمال ذكرى صاحبها في مائويته بعد أن أهدى تونس «مشموم الفل» و»حبك درباني» فإذا بأهل بلده ينسونه في لمح البصر كـ»برق الليل» !
في 10 افريل 1917 كان ميلاد أديب تونس الكبير البشير خريف بنفطة لتخطفه يد المنون في في 18 ديسمبر 1983. في رحلته عمره الوضاءة أدبا، المتوّقدة قلما ...كتب خريف المقال والقصة القصيرة والرواية والمسرحية وترجمت آثاره إلى عدد من اللغات الأجنبية. من مؤلفاته: «الدقلة في عراجينها»،»برق الليل»، «خليفـــــة الأقرع»، «مشموم الفل»، «حبك درباني»...
بمناسبة مائوية ميلاد البشير خريف - التي كان من الواجب أن تكون حدثا كبيرا- أحيت عائلة خريف مائوية ابنها البار وأديبها اللامع في 10 أفريل 2017 بمنزل الراحل بمنوبة. وكان من المقرّر أن يفتتحها وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين لكن الوزير سجل حضوره... بالغياب!
يومها لم تخف عائلته خيبتها ووجعها من تجاهل مائوية أديب تونس الشهير ومن إهمال بيت البشير خريف المؤهل إلى أن يتحوّل إلى متحف يؤرخ لمسيرة «أب الرواية التونسية»... وما بين الحسرة والأمنية، كان الرجاء بطبع الأعمال الكاملة للبشير خريف بمناسبة مائويته...فهل يتحقق هذا الرجاء من باب العرفان وردّ الجميل إلى أديب بمنزلة البشير الخريف؟
في «ساحات الفنون» وفي «مدن الحضارات» وفي كل الاحتفالات والمناسبات ...غابت ملامح مائوية البشير خريف فلا عين رأت ولا أذن سمعت!
ولعلّ معرض تونس الدولي للكتاب في دورته الأخيرة كان التظاهرة الثقافية الوحيدة التي خصصت لقاء حواريا حول الكاتب والروائي البشير خريف تزامنا مع ذكرى ميلاده المائة. في هذا اللقاء وصف الباحث فوزي الزمرلي البشير خريف بأنه «من رواد النزعة التجريبية في الأدب التونسي»، متسائلا في إنكار عن سبب تجاهل الرواية الممتازة «الدقلة في عراجينها» وعدم تحويلها إلى مسلسل أو فيلم... !
طالما خاطب البشير خريف هذا «التونسي» وذاك... حتى أنه كتب في تقديمه لإحدى رواياته «يا ابن بلدي، إليك أكتب»، فهل قدّر ابن البلد قيمة هذه الكتابة الثمينة؟