التي أتته من السماء...
كان «جاد خليفة» قد أعلن في الساعات الأخيرة إلغاء مشاركته في سهرة «نجوم العرب» على ركح مهرجان قرطاج الدولي يوم 26 أوت الجاري مشيرا إلى أن صورة «الأفيش» هي السبب في قرار الانسحاب، حيث ظهرت صورته أصغر من صورة الفنان المغربي حاتم عمّور.
فنان منبوذ في بلده مرغوب في قرطاج !
هذا الفنان صاحب سنوات الظهور القليلة والأغاني التي لا تكاد تعدّ على أطراف الأصابع والأداء الهزيل ... كان سيشارك في حفل قرطاج في سهرة رباعيّة إلى جانب الفنان الشعبي الهادي دنيا والجزائري قادر الجابوني والمغربي حاتم عمّور.
وحين هاج وماج فنان لبنان لم ينبس الفنان التونسي الهادي دنيا ببنت شفة لأنه يدرك أن الفنان حضور وجمهور قبل أن يكون صورة على معلقة مهرجان.
هذا السبب الشكلي أو حتى التافه الذي تعلل به هذا الفنان»الصغير» لينسحب من مهرجان «كبير» ظل لسنوات حلم صعوده يراود أحلى الأصوات وأعذب الحناجر في المشرق والمغرب ليس سوى دليلا على وضاعة فنان أضاع الرسالة واغتر بالمظاهر والقشور... وقد وهب مهرجان قرطاج الدولي «ضربة حظ» على طبق من ذهب لهذا الفنان المنبوذ في بلده والممنوع في حفلات لبنان ومهرجاناتها بسبب أغنيته «الغول» وكليبها الإباحي مع عارضة الأزياء «مريام كلينك».
وإن كان حمق هذا الفنان الجاهل بتاريخ مهرجان قرطاج الدولي لا يغتفر فالأكيد أن ذنب المسؤولين على وضع برمجة الدورة 53 غير قابل للصفح والغفران وقد سمحوا لـ»النكرات» وكل من هب ودب باستباحة قداسة ركح مهرجان الدولي.
كفى عبثا بسمعة المهرجان!
ليس مهرجان قرطاج الدولي مجرد ركح لإحياء الحفلات وانتهى الأمر بل هو من أهم المهرجانات العربية والإفريقية والعالمية وأعرقها... دون الخوض في تفاصيل الدلالات الحضارية والأبعاد التاريخية لهذا المسرح الأثري الذي يشهد إلى اليوم على عمق حضارة قرطاج.
وبعد أكثر من نصف قرن من العطاء والإشعاع اقترن اسم هذا المهرجان العريق باستضافة كبار الفنانين من مختلف أصقاع العالم على غرار أم كلثوم وفيروز وعبد الحليم ونجاة الصغيرة ومارسيل خليفة وشارل أزنافور وداليلا وغيرهم... وبعد أن اعتلى ركحه «الكبار» صار الصعود إلى مسرح مهرجان قرطاج الدولي بمثابة الاختبار الذي ترتعد له فرائص كل فنان ...إلا أن هيبة المهرجان قد انحسرت في السنوات الأخيرة كما تراجع صداه وخفت بريقه بعد إن اختلط الحابل بالنابل وانتفت الصرامة في انتقاء العروض الجيدة وذات الجودة العالية مقابل السماح للمتوسط وحتى الردئ بدوس هذا الركح المقدس !
واليوم لا تشفع تبريرات مدير المهرجان مختار الرصاع بانزلاق الدينار والتخفيض في ميزانية المهرجان بقيمة 400 ألف دينار لتستقر عند حدود 2 مليون دينار للمؤتمنين على سمعة المهرجان في برمجة أسماء مازال الطريق أمامها حتى لمجرد الحلم بصعود ركح مهرجان قرطاج الدولي.
قد يحتاج مديرو مهرجان قرطاج الدولي اللاحقون إلى العودة إلى برمجة المهرجان في عهوده الذهبية والاحتكام إليها ليدركوا قيمة الفارق بين الأمس واليوم!