فأدخلتني الصنعة, فتعلّمت صناعة الخرز, ثم نقلني الله تعالى بعد بلوغي السادس عشر إلى القراءة فقرأت الرسالة على الشيخ علي السطي و الشيخ عبد الله الفخار قراءة بحث و تحقيق, ثم قرأت القرآن على جماعة منهم القوري والزرهوني و كان رجلا صالحا, والمجاصي والأستاذ الصغير كل ذلك بقراءة نافع, ثم اشتغلت بالتصوف والتوحيد, فأخذت الرسالة القدسية وعقائد الطوسي و عقائد السنوسي على الشيخ عبد الرحمن المجدولي وهو من تلاميذ الأبي, وأخذت بعض التنوير على أبي عبد الله القوري وسمعت عليه البخاري كثيرا وتفقهت عليه في كل من أحكام عبد الحق الصغرى وجامع الترمذي «وأخذت ذلك تفقها» وصحبت من السالكين جماعة لا تحصى بين فقيه وفقير. و لفظ « زروق إنما جاءني من جهة الجد كان أزرق العينين و اكتسبه من أمه.
وفاته رضي الله عنه :
في اليوم الثاني عشر من شهر صفر سنة «899 هـ 1493 م» وهي آخر سنة في سني القرن التاسع الهجري توفي أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى، زروق، في خلوته، وعمره أربعة وخمسون عاماً ، وكان يدعو ربه أن يقبضه إليه قبل أن يشهد القرن العاشر، وقد استجاب الله لدعوته تلك ، وكان كل ما تركه من إرث بعده ، نصف فرس يشاركه فيها رجل مصراتي، وبرنساً أبيض وجبة وثوباً من الصوف ، ومسبحة أهداها إليها الحضرمي ، وأربعة عشر مجلداً من المؤلفات من مختلف الموضوعات .
لقد ولد فقيراً، وعاش فقيراً ومات فقيراً كما ولد وكما عاش رغم انتشار صيته وخدمة الدنيا وأهلها له.
أما النسوة والأولاد الذين خلفهم وراءه فهم زوجة زروق فاطمة الفاسية التي أنجبت له ولديه أحمد الأكبر وأحمد الأصغر ، وزوجته المصراتيه – أمة الجليل – التي جاءته بإبنيه أحمد أبي الفتح وأحمد أبي الفضل بالإضافة إلى ابنته منها عائشة ، وقد توفي الثلاثة الأخيرين واحداً تلو الأخر ، أما ولداه أحمد الأكبر وأحمد الأصغر فقد غادرا مصراته بعد موته إلى المغرب، واستقر بهم الأمر في قسنطينة من مدن الجزائر ، وبعد فترة عاد ابنه أحمد الأصغر المعروف بأحمد الطالب إلى مصراته مرسلاً من قبل أخيه ليأخذ نصيب أمه وأخيه من إرث والده ويعود إلى الجزائر ، كما فاز ابنه أحمد الأكبر من إرث والده بسمعته وصيته وخلفه في شي من النفوذ على أتباعه بالجزائر ، ولم يسمع بعد هذا شي عن آل الشيخ زرّوق.