هنا تونس: هل أتاك حديث دور الثقافة؟

223 دارا للثقافة تتوزع على كامل تراب الجمهورية، ؟ ما هي خدماتها وما هي مشمولاتها؟ هل هي مؤلهة لكي تقوم بدورها الثقافي كما ينبغي؟ وهل العاملون فيها مؤهلين لذلك أيضا؟ هل توجد استراتيجية فعّالة لترتيب شؤون دور الثقافة في تونس؟
سنتحدّث

اليوم عن أمرين مهمّين، الأوّل هي النوادي الثقافية في هذه الدور، هذه النوادي في مختلف اختصاصاتها لا يؤطرها مختصّون، وحتى فيهم من لا يملك أدنى الدرجات البيداغوجية لتأطير الأطفال الذين يقبلون على دور الثقافة، وما أقلّ عددهم.. هل نرى أناسا مختصة في هذه الدور كي تصقل المواهب؟ لا يوجد حتى قانون ملموس لتنظيم هذه النوادي، فما أدراني أن يقوم متطرّف ما بتنشيط ناد في هذه الدور؟ ناهيك أنّ هذه الفضاءات الثقافية لا تستجيب لمتطلبات العصر، والتي تشتكي نقصا فادحا في تجهيزاتها،

ثمّ أنّ العديد من الدور الثقافة، بشهاداتنا، وشهادة روّادها القلائل، لا يجدون فيها من يستقبلهم، فمديرها أو مديرتها غائبون عنها، فكيف لدار ثقافة يوجد فيها حارس فقط تستطيع أن تستقبل بل وتستقطب الشباب؟ ناهيك عن المديرين والمديرات الذين يقومون بعمل آخر، كالتمثيل مثلا، كيف لهم أن يسهروا على ترتيب هذه الدار وتنشيطها ببرامج محكمة، وأغلب أوقاتهم يقضونها في التصوير لأعمالهم التلفزيونية أو المسرحية.. مع أنّهم يتقاضون أجرا من وزارة الثقافة على إدارة دار الثقافة؟ يمكن كذالك أن نتساءل ونقارن، لماذا نرى دور الثقافة الخاصة تستقطب الشباب والأطفال وحتى الكهول وتقوم بنشاطات مختلفة، في حين العديد من دور الثقافة الأخرى عاجزة وجامدة بتعلة لا يوجد ميزانية محترمة؟ نعرف أنّ الشرف يبقى دائما في المحاولة، وأنّ الإرادة وحب العمل يصنعان المعجزات حتى وإن

لم تكن هنالك موارد.. ويبقى الانفتاح على المجتمع المدني لإقامة البرامج الثقافية يعتبر من أنجع طرق العمل.. علينا أن نعيد الاعتبار في كيفية تسيير 223 دار للثقافة، ومراقبتها في برامج عملها إن كانت هنالك أصلا.. اليوم تخوض تونس معركة ثقافية شرسة ضد الإرهاب والتطرّف والتعصّب هل يمكن أن تنخرط هذه الدور في الفعل الثقافي التنويري بكل ثقلها؟ هل هي مؤهلة لذلك؟ هل يؤمن الساهرون عليها بدورهم في هذه الحرب؟ أم أنها «رزق البيليك»، و»من غير أمّالي»؟

نذكر حادثة حصلت لنا في دار الثقافة بالدندان منذ أكثر من عشرين سنة، حيث ذهبنا رفقة بعض أصدقاء المدرسة، وكنّا نريد أن ننشط في نادي الأدب، أو أي نادي ثقافي، وكنا قد كتبنا مسرحية نريد قراءتها للناس، أو نعطي من يمثلها، ونحن في الحقيقة نريد من يساعدنا على الإبداع، نريد كلمة طيّبة فقط، نريد من يدفعنا إلى الأمام ويبتسم في وجوهنا، نريد من يشجّعنا ومن يأخذ بيدنا.. ما راعنا إلا أنهم قاموا بطردنا، وقالوا لنا عودوا في الأسبوع القادم، وفي الأسبوع القادم عدنا ولم نر أحدا يستقبلنا.. كنا أطفالا في ذالك اليوم، فعوض أن نرى بابا يفتح رأيناه يغلق مع سبق الإصرار.. كل من كان معي ترك حلم الكتابة وحبها إلى يومنا هذا.. فكيف يملكون شجاعة تدمير أحلام الطفولة؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115