وينتظم هذا اليوم الدراسي لما تمثله الثقافة دور مركزي في بناء الذات الفردية والجماعية وفي تحصين المجتمع وتمكين الشعب من ممارسة سيادته الفعلية على قراراته وخياراته إلاّ أنها لها أيضا دور لا يقلّ مركزية في تطوير الاقتصاد وفي تنمية الثروة الوطنية وفي الانفتاح على العالم من موقع النديّة ولكن هذا الدور يظلّ مشروطا بظروف العمل الثقافي ومن ثمّة أهمية توفير الأدوات والهياكل والموارد التي تتيح عقد مصالحة بين الابداع والانتاج وتحقيق شراكة بين الخدمة العمومية والمبادرة الخاصة تمكّن المثقف المبدع من الاستناد الى صناعة ثقافية تؤمّن له استقلاليته المادية دون أن تنال من خصوصيته الابداعية
ولا بدّ أن تسعى وزارة الثقافة في هذا الباب للعمل على تحقيق جملة من الأهداف وهي دمج الثقافة في الدورة الاقتصادية والاجتماعية بشكل حقيقي وإنشاء منظومة من فعاليات التكامل مع مختلف وزارات الاقتصاد والتجارة والسياحة ووضع الموارد التراثية في خدمة التنمية الى جانب إعادة الاعتبار للمثقف المبدع بوصفه مساهما في بناء الثروة الوطنية لا عبئا عليها ووضع حدّ لفكرة القطيعة بين الابداع والانتاج وتطوير الخدمة العمومية في مجال الثقافة وترشيدها اداريا واقتصاديا وتحفيز القطاع الخاص على المساهمة في دعم الشأن الثقافي استثمارا وترويجا وإنشاء صناعة ثقافية تضمن تنمية ثقافية واقتصادية عادلة ومتوازنة بين الجهات دون إهمال مبدأ الاستثناء الثقافي استنادا على توطئة الدستور في إشارتها الى أن الدولة «تضمن العدل بين الجهات»والفصل الثالث منه يؤكد على أن الدولة تسعى «الى تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة والتوازن بين الجهات»والفصل 41 من الدستور في إشارته الى أن «الملكية الفكرية مضمونة».
ومن المنتظر أن يفضي هذا اليوم الدراسي الذي يكتسي أهميته من تشريك المصالح ذات الصلة بالمالية التونسية الى وضع استراتيجية عمل تخرج بوزارة الثقافة من دورها الكلاسيكي ذي الطابع الاجتماعي الى دور فاعل في تنمية الاقتصاد الوطني بوضع آليات تسهّل على خرّيجي المعاهد التكوينية في مجالات التنشيط الثقافي والسينما والمسرح والموسيقى والسينما والحرف والفنون خاصة بعث مشاريع استثمارية ثقافية تؤكّد مصالحة المبدع والمثقف التونسي الشاب خاصة مع الصناعة الثقافية وتنمي روح المبادرة لديهم في بعث مشاريع صناعية ثقافية تضاهي الوافد وتكون واعدة وذات تشغيلية هامة وانتاج فني يحلق عاليا داخل الوطن وخارجه.