إلى روح أولاد أحمد أهدى الكاتب والناقد الهادي إسماعلي إصداره الجديد « أولاد أحمد شاعر البلد» الذي ورد في 192 صفحة موّزعة على مجموعة من المقالات التي وضعت على ميزان النقد شعر صاحب «أحب البلاد» لاستجلاء أهم خصائص الشعرية فيه، دون الغفلة عن حدود هذا المشروع الشعري...
«أولاد أحمد شاعر البلد» من الأدب إلى السينما
تحت عنوان «ما يشبه سيرة غيرية» جاء الفصل الأول من كتاب «أولاد أحمد شاعر البلد» بمثابة بورتريه للشاعر جسد أهم المحطات البارزة والمنعرجات الهامة التي مر بها. وفي هذا السياق يقول الكاتب الهادي إسماعلي: «في الفصل الأول من الكتاب أردت أن أخط خطابا موجها إلى جميع المثقفين ومتاحا للقراءة العالمة وغير العالمة. وقد كلفنا هذا الفصل جهدا كبيرا ولم نخله كذلك لأن الناس لا يعرفون عن أولاد أحمد إلا معلومات عامة وغير دقيقة في مجملها، ولذلك اجتهدت كثيرا في التوثيق لهذا الجانب من خلال الاستقصاء والتنقلات الميدانية وأيضا التمعن في شعر أولاد أحمد لأن شعره كان بالأساس سيرة ذاتية متخفيّة أو مبّطنة ...» وقد طغى على هذا المقال الطابع التوثيقي والتدقيق الزمني لمراحل حياة الشاعر رغم ندرة المصادر والمراجع التي تخص أولاد أحمد، صاغها صاحب الكتاب بلغة شعرية رشيقة تقرب إلينا أكثر فأكثر عالم أولاد أحمد.
وقد كشف الهادي إسماعلي أن هذا الكتاب وتحديدا الفصل الأول منه سيتحوّل قريبا إلى شريط وثائقي يحمل العنوان نفسه»أولاد أحمد شاعر البلد» بمشاركة الأستاذ عبد الجبار الشريف في صياغة السيناريو وبإمضاء المخرج عبد القادر الجربي.
هل كتب أولاد أحمد سيرته شعرا؟
ومن البورتريه تحوّل الكاتب إلى الدراسة النقدية التي تبحث في تجليات التجريب على اللغة وحدوده، وقد جعل لها عنوانا شعريا كالآتي:»مثل المسيح، لغة أولاد احمد تلبس البسيط الجليل». ثم انتقل الناقد إلى مقاربة خصائص الخطاب الساخر في شعر أولاد أحمد واستجلاء آليات السخرية ودلالاتها، وقد عنون هذا المقال بـ «لغة تستعير شاربي نيتشه وقبعة جورج برنارشو»، وجعله أكثر دقة بعنوان فرعي السخرية في شعر أولاد أحمد من خلال أهم خصائصها الفنية والدلالية. أما المقال الرابع فقد أورده صاحبه في شكل سؤال إشكالي هل كتب أولاد أحمد سيرته شعرا؟ وقد توصل إلى أن أولاد أحمد قد استبطن سيرة الذات وسيرة البلد، واتخذها مطية لتأسيس رؤيا الشاعر. وانغلق الكتاب على قراءة لقصيدة الوصية وفق منهج التفكيك اتخذ لها فضاء الموت وشعرية التجاوز عنوانا.
وقد كتب هذا الكتاب بعمق تحليلي نقدي ولغة عاشقة عالمة في آن واحد، صادرة عن دراية بروافد الشعر الحديث وعن متابعة دقيقة لمسيرة الشاعر الصغير أولاد أحمد وعن قراءة حقيقية لمنابع شعريته.
في كتاب «أولاد أحمد شاعر البلد» امتلك الكاتب الهادي إسماعلي جرأة تناول واحدة من أهم التجارب الشعرية المعاصرة لا بعين الافتتان والإعجاب بل بمنظار البحث والنقد فاتحا الباب أمام أقلام الباحثين والنقاد لمزيد سبر أغوار التجربة الشعرية لأولاد أحمد شاعر البلد.