من أجل البوح بما يعتمل داخل الكيان . وعليه يكون النص السينمائي مادة دسمة للنقاد المختصين المعنيين بالجوانب التقنية أساسا، ولخبراء الطب النفسي والمحللين السيكولوجين والسوسيولوجيين، المهتمين بالدوافع النفسية - الانفعالية، والحاضنة الاجتماعية المركّبة نظرا للتداخل الأخطبوطي بين الاقتصادي والسياسي والقيمي الخ...
في هذا الإطار يتنزّل كتاب «الآخر في السينما» الذي نشره في مطلع سنة 2017 المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون «بيت الحكمة»، بإشراف الباحثة في الطب النفسي المرضي، الدكتورة خلود بن محمد غربي، حيث يتضمّن الكتاب الوارد باللغتين العربية والفرنسية مداخلات علمية لخبراء في التحليل النفسي وعلم الاجتماع والطب النفسي السريري، وسينمائيين من تونس وعرب وغربيين. تشدّد الدكتورة خلود بن محمد في المقدّمة على غائية العمل السينمائي المرتبطة بالمرجّح أو المحتمل، إذ «لا يبحث الفيلم عن الحقيقة، بل عن المرجّح» لأنّه يندرج ضمن الأشكال التعبيرية الفنية التي تنهل من عالم المخيال، مطلقة العنان للمتقبّل ليمارس طقوس التأويل غير العابئ بالمحظور الكابح، فلا وجود برأيها «لقراءة صحيحة، إنّما لقراءات مختلفة لأنّها ذاتية». ويحق للمنتج أن ينطلق من مرجعية ترميزية تخص حقله الدلالي، كما يحق للمتقبّل أن يمارس تأويله وفقا لمعجم ذي رمزية خصوصية، وهذا ما أجمعت حوله مضامين الكتاب، واختزلته أستاذة الطب النفسي للطفل والمراهق بجامعة السوربون، ماري روز مورو في مقولة «الصور السينمائية مفعمة بالحميمي»، حيث يلتقطها كل متقبّل طبقا لوضعه النفسي واستعداداته الذهنية أي معيشه الخاص حسب دراستها.
تعددية التأويل
فمن الطبيعي أن يستوعب كل فرد الأعمال السينمائية تحت تأثيرات تجمع المسارات النفسية والبيولوجية، الواعية واللاواعية، المشتركة .....