وراء جبال القصرين ومن قابس ومن جبليْ سمّامة وتيوشّة ومن نابل ومن قرية غرداية ومن بنزرت وأريافها ومن منزل بورقيبة.. يهتفون بحب الحياة، وأمومة الأرض وقداسة الفن..محيّين اليوم العالمي للمسرح لتزامنه مع موعد مسيرة الزهور..
تيجان زهرية فوق الرؤوس وباقات برّية بالأيادي ولافتات صغيرة تنادي «حرّروا الفن من الصالونات»، «جبال الثقافة ليست خرافة»، «جبال تونس تحيي اليوم العالمي للمسرح»... وما إن عبق عطر الإكليل والياسمين والشيح حتى التحق الإعلاميون بكاميراواتهم وآلات تسجيلهم لالتقاط صور وتسجيل فيدوات للحظة فارقة في شارع بورقيبة، «مسيرة الزهور» التي نشطها أبناء الرعاة وأطفال تونس و شبان المعاهد باغانيهم واهازيجهم الصافية ولوحاتهم التي كانت في حد ذاتها باقة من الحبور و السعادة المتحدّية لآلم تونسي جرفته الازهار الثابتة في تربة الوطن.
السفير الفلسطيني منبهر
فلسطين كانت القلب النابض لهذه المسيرة المتفرّدة اذ حضر السفير الدكنور هائل الفاهوم ومعه السفير المناوب عمر دقّة و المستشار الاول هشام مصطفى وأيضا فريق راقص من طلبة فلسطين بتونس قدّم الدبكة على أنغام منشّط المسيرة الفناني الراقي عادل بوعلاّق.
السفير الفلسطيني لم يُخف انبهاره بالمسيرة وقال إنها من أروع المسيرات التي حضرها في حياته خاصة وان الأطفال والشبان تفاعلوا تلقائيا مع طقوس النوّار دون تأطير حزبي أو غائي. وأكّد السفير على أهمية مسيرة الزهور تكمن في كونها أطرت جيلا تونسيا جديدا يتبنى بعاطفة جيّاشة القضية الفلسطينية وقد أهدى أطفال قرية غرداية باقة من الزهور البرية إلى الدكتور هائل الفاهوم الذي تقدّم المسيرة رافعا العلمين التونسي والفلسطيني.
باقات من زهور الجهات
في مسيرة الزهور تفاعلت باقات الصّغار والكبار وانظم المربّون والأولياء إلى مشية النوّار وحتى الامنيون كانوا متفاعلين مع الأجواء الزهرية وقد أهداهم الصّغار باقاتهم. مسيرة الزهور أعلنت انطلاق احتفالياتنا بيوم الأرض وأحيت اليوم العالمي للمسرح فالمنظمون هم فريق المركز الثقافي الجبلي بسمّامة الذين رفعوا شعارا حول الفن الرابع و كل الفنون إلى الجبل وفي هذه الجبال طاقات إبداعية هائلة ستثري مشهدنا الثقافي لو تم الايمان بها.
زهور الجهات ضد النعرات
«هذه مشاركتي الثالثة في مسيرة الزهور ففي كل مرة أقدم مع تلاميذي في رحلة منظمة وموعد كهذا يجب ان يكبر اكثر بحجم حبنا لتونس و عشقنا للورود»، هكذا صرح لـ«المغرب»: الأستاذ لطفي بالطيب مدير إعدادية الرميلة بنابل أما الأستاذ الحبيب كريّم مدير معهد شارع الجمهورية بقابس فقال:» أبنائي جد سعداء بهذا اللقاء الحميمي في قلب هذا الشارع الرّمز وألان صار لهم اصدقاء حقيقيون لا افتراضيون في نابل و بنزرت و القصرين، أصدقاء حملوا معهم الأزهار في هذا الصباح الرائق وتروبادور قابس سيواصلون عملهم الإبداعي وسيستقبلون قريبا أصدقاءهم في قابس ومطماطة وأتمنى أن تحضروا معنا».
زهور من الجبال الصّامدة
مسيرة الزهور نظمها التروبادور دون أي دعم رسمي اذ كان الجميع مقتنعين بضرورة الالتقاء في تظاهرة مماثلة و الصغار اعدوا باقاتهم بأنفسهم في إطار ورشات احتضنتها قاعات الدرس و ابناء ريف هنشير العسل المحاذي لجبل تيوشّة وسمّامة نظموا خرجة إلى الجبل الذي أضحى منطقة عسكرية مغلقة و حملوا الى شارع بورقيبة عطر الغابات التونسية وعبق الهضاب الصّامدة.
الجميع أنشد نص عدنان الهلالي صاحب فكرة المسيرة:
«نأتي مع الإكليلْ... وقطفةِ صــنوبرٍ
صنوبرٍ مُكابرٍ... مقـــــــاومٍ أصيلْ
جئنا من الجبال...نصافحُ قرطاجنا
نرنّـم احتتجاجنا... غنـــــاؤنا قـتالْ
الجبلُ تألّم... ألـــــــــــمه يجـــلدنا
فالجبلُ مُنجدنا... نســيمه نـضــالْ
نفترش الحلْفاء... حريرها يسحرنا
خشونة تأسرنا... حــلـفــاؤنا رداءْ»
عند منتصف النهار تصافح الجميع وذهب تروبادور قابس إلى متحف باردو واتجه تروبادور هنشير العسل والوسّاعية إلى السيرك الايطالي وتروبادرو نابل وغرادية ذهبوا إلى مديبنة الالعاب في حين التحق تروبادور بنزرت بمعرض الكتاب وكلهم إصرار على مواصلة مسيرة الاشعار والنوّار.