لأن الحوش فضاء للحلم والحرية: ملتقى الشعر الشعبي الملتزم بفضاء «الحوش» في مدنين

ثلاثتهم فرسان للكلمة الحرة الصادحة بكل معاني الحرية والوجيعة، اختاروا اللهجة العامية للتعبير عن قضاياهم التي تشغلهم واختاروا العامية لانها اقرب للمواطن فنحتوا أسماءهم في سجل المناضلين المقاومين بالكلمة الصادقة والجريئة، مصريان وتونسي أحبّهم المواطنون العرب

وخاصة الملتزمون بقضايا الامة، في اشعارهم التزام وفي كلماتهم طاقة رهيبة للمقاومة وعدم الخنوع ، قصائدهم تلك التي اتخذها الشباب اليافع سنده للدفاع عن الحق، قصائد غناها فنانون ملتزمون في مصر رددها الشيخ امام وفي تونس غنت مجموعة (البحث الموسيقي) جل أعماله المنادية بالحرية.

من يقول «بقرة حاحا» و«دور يا كلامّ » و «هما مين وأحنا مين» و«حلاويلا» و «جيڤيفارا مات» و ّالخط ده خطيّ» و « اصحي يا مصر» سيقول حتما الشاعر الشعبي المصري احمد فؤاد نجم، ومن يغني «ياشهيد» و«يامعدي ليام» و « موال الغصة» يستحضر امامه فارس الكلمة العامية التونسية لزهر الضاوي المتمرد ابدا ومن يغني « عدى النهار والمغربية جاية تتخفى ورا ضهر السجر» سيتذكر هزيمة جوان 1967 ويقول ذاك هو عبد الرحمان الابنودي الثائر، و في فضاء جد مختلف فضاء ثار على روتينية العمل الاداري واقترب الى المواطن كرّم الثلاثة في ملتقى شعري بعنوان «ملتقى الشعر الشعبي الملتزم في حوش الفن بمدنين.

أحبهم الجمهور لأن كلماتهم صادقة
حوش الفن بمدنين ذاك الفضاء الثقافي الذي ولد من ايمان خالد اللملومي وضو العوني بضرورة افتكاك حق ابناء الاحياء الشعبية في الثقافة، فضاء وليد عمره شهر ونيف دأب ان يقدم لرواده وزواره مادة ثقافية متنوعة فـ «ايامات الحوش» تختلف عن بقية الايام اذ قسموا أيام الأسبوع ووزعوها على كل الفنون فالثلاثاء للموسيقى وللأربعاء السينما أما الخميس فمخصص للقاءات الادبية وقراءات النصوص والكتابة، وللجمعة المسرح اما السبت فللغة الجسد والرقص والاحد صباحا للخرافة الشعبية و طيطح حوش وسينما صغار الحوش والمساء لقاء مع حكواتي للكبار.

وفي لقاءات الحوش الادبية قدم ملتقى الشعر الشعبي الملتزم، لقاء قالت عنه الباحثة في الحضارة العربية عفاف بوهالة «اخترنا نماذج من الشعراء الذين توجهوا الى شعوبهم باللهجة العامية، احمد فؤاد نجم وعبد الرحمان الابنودي والازهر الضاوي شعراء عرفوا في السبعينات والثمانينات بجرأتهم ودفاعهم بالكلمة عن قضيتين اساسيتين اولا القضية الفلسطينية وكيف نقاوم بالكلمة وثانيا مناهضة الاستبداد» وأكدت الباحثة عفاف بوهالة في تصريحها ان اختيار هؤلاء الشعراء للهجة العامية لم يكن من باب الصدفة بل لاستراتيجية واضحة أساسها جلب انتباه اكبر عدد من الفئات الشعبية، فالشعر بالعامية يستهدف فئات واسعة العدد ولأنهم كانوا يدافعون بأشعارهم عن الطبقة الكادحة والعمال والمفقّرين وصوت للقضايا العادلة.

في الحوش كان الموعد لقراءات شعرية من كلمات الفاجومي احمد فؤاد نجم و الخال عبد الرحمان الابنودي و المتمرد الجريء الازهر الضاوي وقراءات لقصائدهم المغناة ليعرف الجمهور خاصة التلاميذ اشعار الثلاثة وليعرفوا أن للهجة العامية قدرتها على التعبير على هواجس المواطن.

وبخصوص العلاقة بين الشعر الشعبي والالتزام اكدت عفاف بوهالة ان الشعر الشعبي كغيره من الفنون منفتح على مواضيع عديدة كالحب والغزل والايقاع والدعوة الى الرقص ولكنه يتميّز حين يرتبط بالدفاع عن هموم الوطن ويكون صوت للدفاع عن قضايا محددة.

لزهر الضاوي شاعر جريء لازال قلمه ينبض
لأنه شاعر مختلف وجريء كما وصفته عفاف بوهالة، الازهر الضاوي ابن مدينة قفصة شاعر التزم بهموم الوطن كتب منذ السبعينات مجموعة من القصائد بداية في الوسط الطلابي ليخلد العديد من الاحداث

فكتب وغنّى وهو طالب «وينو الاستقلال يا دم الفلاقة»، «لازم تحوير الدستور» بعدما أقدم النظام القائم على إدراج الرئاسة مدى الحياة للرئيس بورقيبة في صلب الدستور، و«غنى يا ذراعي» و«يامعدي ليام» و«بنت الباي».

كما تغنّى بالثورة الفلسطينية وصمود المقاومة في بيروت: «صامد رياح الهول ما تدّيني، شامخ شموخ الطود فلسطيني». وقد أصدرت له شركة «صوت الأمل» شريطين الأوّل بعنوان «نوّار اللوز» والثاني بعنوان «موّال الغصّة».

ولكن الازهر الضاوي اشتهر اكثر بقصيدته يا شهيد، تلك التي غنتها الفرق الملتزمة واصبحت نبراس الرافضين للظلم، قصيد ينادي فيها الشهيد ليستيقظ ويواصل المسيرة التي لم تنته بعد مشيرا إلى أن الرصاص يقتل الاجساد لا الأرواح.

وللأزهر الضاوي قرأوا في الحوش:
غنّيها يا شعبي الباسل للبحر اللّي ما ينسى
غنّي وقول دمّك يا فاضل فاح خميرة في الخبزة
غنّي وقول دمّك يا فاضل
فاح خميرة في الخبزة
يا شهيد... يا شهيد
يا شهيد... يا شهيد
يا شهيد... الخبزة رجعت
يا شهيد الخبزة... ثور
طالعة من قبرك وردة
تنادي الشعب يجيك يزور».

اشعار لزهر الضاوي تردد صداها في حوش الفن جريئة صادحة بالحرية، ولئن غيب الموت احمد فؤاد نجم وعبد الرحمان الابنودي المصريان فلزهر الضاوي مازال قلمه لم يجف بعد ولازال جريئا ساخرا من حال البلاد وسياسييها ويقول في قصيده «شاهي نولي معتمد»

شاهي نولّي معتمد..شاهي نولي معتمد..
معتمد نحب نولّي..وما سمّاني حتى حد..؟؟
..نولي معتمد ع”الصحراء”
نرجّعها سواني وجرَد
ولّا على “تالة”..يحطّوني
ندفّيها..ما عاد تبرد
واذا سمّوني على “نبّر”
على “مَلّاق”..نعلّي السّد
ولّا في “حيّ التضامن”
إنّحّي الزبلة للأبد
...آما غير بركة سمّوني.
.يا حكومة .. «الأسد»

في الحوش اتحدت القراءات الشعرية بالموسيقى، حضرت اغاني الشيخ امام وسمع الجمهور كلمات الازهر الضاوي ضمن ملتقى الالتزام في الشعر الشعبي ملتقى عن فن الالتزام قدم في فضاء ملتزم بايصال الحق في الثقافة لكل ابناء ولاية مدنين.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115